كشف الأمير “بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود” عن وجهه القبيح، وأظهر أنه كان طيلة عقود، محرك كل المخططات التي استهدفت منطقة الشرق الأوسط بلا استثناء.

هي بلا شك، لعنة التطبيع مع إسرائيل التي كانت وراء فضح أمثال هذا العميل، وتسليط الضوء على الجرائم غير الإنسانية، والأدوار القذرة التي ارتكبها، فقد ظهر “بندر بن سلطان” مؤخراً في مقابلة تلفزيونية على قناة “العربية”، والتي اشتهرت بولائها للصهيونية، وألقى من خلالها جملة من الفضائح والقبائح التي يصعب جمعها إلا في فؤاد موبوء، إذ اتهم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب في تناغم كامل مع الخطاب الصهيوني المعادي للشعوب العربية، ولم يستثن أحداً من القيادات والفصائل الفلسطينية ووصل به الأمر إلى حد اتهام الشهيد “ياسر عرفات” بالتخاذل والخيانة.

كما عاب على القيادات الفلسطينية إهدارها لفرص التطبيع التي يهرول إليها هو وربعه ونعت الفلسطينيين بأنهم لا يقيمون للعلاقات العربية أي اعتبار، ويفضلون عليها العلاقات مع إيران وتركيا، ولم يكلف نفسه البحث عن السبب في هذا التحول الذي كان بفعل العمالة العلنية للصهيونية من طرف أمثاله من أمراء السوء في المنطقة.

وزاد البندر اتهاماته معتبراً أن إيران وتركيا هما الدولتان اللتان تشكلان الخطر على الفلسطينيين والعرب عموماً، وليس إسرائيل بدليل دعم إيران للحوثيين في اليمن واحتلال تركيا لليبيا حسب زعمه.

كل هذا الخطاب الكريه والمتشنج، كان يخفي وراءه خيبة صادمة تعرضت لها القيادة السعودية والإماراتية، بعد حملة الشجب والاستنكار التي قوبلت بها قرارات التطبيع مع العدو الصهيوني، التي سارعت إليها الإمارات العربية والبحرين والتي وضعت المملكة العربية السعودية في موقف صعب بين الرغبة الدفينة في التطبيع العلني، والحرج الكبير أمام الشعب السعودي، خاصة في ظل الأوضاع المتحركة داخل العائلة المالكة وما يشقها من تناحر الكلاب المسعورة.

ولعل الرجوع إلى تاريخ “بندر بن سلطان” يقدم لنا فكرة أكثر وضوحاً عن الرجل أولاً، وعن طبيعة العلاقة القائمة بين شرذمة “آل سعود” والأجهزة الاستخباراتية الدولية، وعلى رأسها جهاز الموساد الصهيوني، وجهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية، إذ معلوم أن “بندر” هذا عمل طيلة سنوات كسفير لبلده لدى الولايات المتحدة الأمريكية، كما ترأس جهاز المخابرات السعودي الذي لم يكن له من دور استخباراتي، سوى تقديم الخدمات وتنفيذ الأوامر التي تمليها الأجهزة الدولية والصهيونية أساساً، وتؤكد مصادر عليمة أن “بندر” هذا كان له دور محوري في إتمام صفقات السلاح لتغذية الحرب بين العراق وإيران وكان يتقلب من النقيض إلى النقيض وفقاً لتغير المصالح الغربية.

 كما كان له دور محوري فضحه حوله صديقه مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي “روبرت ماكفرلين” في قضية إيران كونترا، وكان له دور أيضا في تمويل المقاتلين في أفغانستان ومدهم بالسلاح الحديث ثم صار ينعتهم فيما بعد بالإرهابيين متناسياً أنه هو من صنعهم.

 وكان له أيضاً دور محوري في الضغط على القيادة الفلسطينية المحاصرة في بيروت سنة 1982 وإجبارها على الخروج من لبنان إلى منفى بعيد عن حدود فلسطين حتى يأمن العدو شوكتهم، ولعل أكبر الأدوار فداحة المساعي الدبلوماسية والمالية التي بذلها لحصار العراق وتشجيع دول العدوان الثلاثي على احتلاله وتدميره.

 ثم مول محاولة اغتيال الزعيم الروحي لحزب الله “محمد حسين فضل الله” عبر تفجير سيارة مفخخة أودت بحياة 80 فرداً فقط لأن قاعدة أمريكية تعرضت للاعتداء واتهم فيها عنصر من حزب الله، كما كان “لبندر” هذا دور محوري في الاعتداء على ليبيا في حربها التي خاضتها ضد الجيش الفرنسي الغازي لدولة تشاد، إرضاء لفرنسا بصفتها حليفة لأمريكا وإسرائيل.

كل هذا قد لا يساوي كثيراً أمام المحرقة التي تقوم بها السعودية في اليمن وليبيا اليوم، إذ باشرت بشكل علني حرباً على اليمن ودمرتها تدميراً شاملا وقتلت شعبها وحاصرته أرضاً وبحراً وجواً، مما تسبب في مجاعة لحقت بالشعب الأعزل لم يشهد التاريخ الإنساني مثيلا لها.

كما غذت الحرب الأهلية في ليبيا ومولت المرتزقة ودفعتهم إلى القتل والتدمير ومازالت تعارض أي جهود أممية للسلام وكذلك الشأن في عدد من الدول مثل سوريا ولبنان والعراق والسودان والصومال وغيرها الكثير.

لم يشذَ “بندر بن سلطان” عن مساره الشخصي المليء بالخيانات والولاء للصهيونية ولأجهزة المخابرات الدولية، كما لم يشذَ عن منهج حكام “آل سعود” في خيانة الأمة العربية والمسلمة وإعاقة أي روح تحرر أو مقاومة وليس ذلك غريباً على هذه العائلة الباغية، التي تربعت على عرش السلطة في الجزيرة العربية واستباحت أهلها ونهبت ثروتهم وقدمتها على طبق من ذهب لأعداء الأمة وتلك قصة أخرى.