بن زايد صاحب نفوذ قوي في أمريكا، ومقترحاته هي جوهر “صفقة القرن”
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيقاً صحفياً معمقاً الأحد 02 يونيو/حزيران الجاري أجراه رئيس قسم الشرق الأوسط في الصحيفة ديفيد كيركباتريك وصفت فيه محمد بن زايد بأنه أقوى حاكم عربي في المنطقة، وليس محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، كما تحدث التحقيق عن النفوذ القوي لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد داخل الولايات المتحدة، وتأثيره على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خاصة فيما يخص “صفقة القرن” والتي تم استمداد جوهرها من مقترحاته.
كشف التحقيق أن الشيخ محمد بن زايد هو أول من قدم رؤية لتسوية من الخارج للقضية الفلسطينية، وأن مقترحاته هي جوهر خطة جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي رؤية تبنتها إدارة ترامب رغم كونها ذاتها المقترحات التي رفضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وبين التحقيق أنه كان من المخطط وبحسب تصريحات إدارة ترامب أن يُعلن عن تفاصيل “صفقة القرن” بعد شهر رمضان، إلا أنه من المُرجح وفقاً لمصادر -لم يُفصح عنها- أن تأجيل الإعلان عن الصفقة يعود إلى فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة، مما استدعى تنظيم انتخابات جديدة، خاصة وسط تنديدات الفلسطينيين بما سُرب عن تفاصيل تلك الصفقة في أنها تلغي “حل الدولتين” على أساس حدود عام 1967 وتنتصر للإرادة الإسرائيلية.
وبحسب التحقيق الصحفي فإن نفوذ بن زايد دفع محققين أميركيين للبحث في احتمال كون رجل الأعمال الإماراتي راشد المالك -المقرب من ولي عهد أبو ظبي- شريكا في مخطط غير قانوني للتأثير على إدارة ترامب، حيث قام مكتب المحقق الخاص روبرت مولر باستجوابه هو وشقيقه، كما أن خمسة أشخاص ممن عملوا لدى ولي عهد أبو ظبي قيد تحقيق جنائي أميركي، على خلفية تحقيقات مولر بشأن تواطؤ محتمل بين حملة ترامب والروس في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016، لافتاً إلى أن “ولي عهد أبوظبي كان يزور واشنطن بانتظام ولم يدخلها لعامين لتخوفه من مساءلة مولر له أو لمساعديه”.
وأضاف التحقيق أن تأثير ولي عهد أبو ظبي واضحاً على إدارة ترامب لدرجة أن الرئيس ترامب أعلن دعمه لمليشيات خليفة حفتر في ليبيا الشهر الماضي عقب يوم واحد من اتصال تلقاه من محمد بن زايد الداعم الرئيسي لحفتر.
التحقيق تحدث عن زيارة محمد بن زايد للولايات المتحدة عام 1991، بعد أشهر من اجتياح العراق للكويت، وكان وقتها في الـ 29 من عمره، حيث قدم إلى واشنطن لشراء الأسلحة الأمريكية؛ بغرض حماية “بلده الصغير” من صواريخ هيلفاير وأباتشي ومقاتلات أف-16، وكان حينها قائدا لسلاح الجو الإماراتي “الضعيف”- على حد قوله، حيث أنه تدرب في بريطانيا ليكون طيارا للطائرات المروحية.
وبحسب الصحيفة فإن الكونغرس وقتها خشي من قائمة الأسلحة التي أراد بن زايد شرائها، وإمكانية أن تزعزع استقرار المنطقة، إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية آنذاك وصفته بأنه “شريكاً واعداً، باعتباره الابن المفضل لمؤسس دولة الإمارات، وهو من أقنع والده بأن يحول 4 مليارات دولار إلى الخزانة الأمريكية لدعم حرب الخليج عام 1991.
ولفت كيركباتريك إلى أن مساعد وزير الدفاع آنذاك ريتشارد كلارك، طمأن المشرعين في الكونغرس بأن الأمير الشاب لن يصبح أبدا “عدوانيا”، حيث قال “لن تصبح الإمارات العربية المتحدة ولن تكون أبدا تهديدا للاستقرار والسلام في المنطقة”، وأضاف “أن سيناريو كهذا من الصعب تخيله”، مؤكدا أن “الإمارات هي قوة للسلام”.
تعليقاً على هذا قال كيركباتريك “بعد ثلاثين عاماً، أصبح الأمير محمد بن زايد (58 عاما) ولي عهد أبو ظبي، والحاكم الفعلي للإمارات، ويمكن القول إنه أقوى حاكم في العالم العربي، وهو من أكثر الأصوات المؤثرة على السياسة الخارجية في واشنطن، داعيا الولايات المتحدة لتبني نهج حربي للمنطقة”، مؤكداَ أن “ولي عهد أبو ظبي لديه أجندة داعية للحرب خاصة به، ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبعها”.
وأضاف “الأمير محمد قد لا يكون معروفا للرأي العام الأمريكي، فبلده الصغير فيه سكان أقل من رود آيلاند، لكنه أثرى رجل في العالم، ويسيطر على صندوق فيه 1.3 تريليون دولار، أكثر من أي بلد آخر، وبات تأثيره في واشنطن خرافياً، ويعد جيشه من أقوى الجيوش في العالم العربي المجهز بأحدث المعدات، من خلال عمله مع الولايات المتحدة للقيام بعمليات رقابة تقنية وحربية بعيداً عن حدوده”
“لعقود، ظل ولي عهد أبو ظبي حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة ويتبع ما تمليه عليه واشنطن”، هكذا تحدث التحقيق عن علاقة بن زايد بالولايات المتحدة، مضيفاً “لكنه مضى وحيدا اليوم، فقواته الخاصة في اليمن وليبيا والصومال وفي شمال سيناء المصرية، وعمل على إجهاض التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط، وساعد على تنصيب حاكم ديكتاتوري يثق فيه في مصر، ودعم وصول تابع له لولاية العهد في السعودية”.
وكشف التحقيق أنه ولكي يحافظ على توسع نفوذ بلاده الإقليمي كان على محمد بن زايد أن يكسب الرياض في صفه خصوصاً وأنها كانت عقبة كبيرة أمامه لفترة كبيرة بسبب الخلافات الحدودية بين البلدين، وهو ما دفعه للتدخل في معركة ولاية العهد في السعودية، والسعي بكل أدواته وقام بتدشين حملة علاقات عامة في واشنطن لتلميع صورة محمد بن سلمان، الأمير السعودي الشاب وغير المعروف في أميركا، حتى يؤمن له الطريق إلى ولاية العهد التي تولاها في يونيو/حزيران 2017.
من جهة أخرى لفتت الصحيفة في تحقيقها ونقلاً عن دبلوماسيين ومصادر مطلعة -بينها مصادر مقربة من ولي عهد أبو ظبي، أن التقارب الإماراتي السعودي أصبح يضع محمد بن زايد في موقف محرج، خاصة بعد نتائج التحقيقات في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي التي توصلت إليها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والتي خلصت إلى أن “ربيبه” -كما تصفه الصحيفة- محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي، كما أن التدخل السعودي الإماراتي في اليمن حولها إلى مستنقع.
اضف تعليقا