التهديدات والمراقبات الفعلية والتجسس أبرز أدوات النظامين المصري والسعودي -حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط- لاستهداف مواطنيهم المعارضين المتواجدين على الأراضي الأمريكية دون أي اعتبار لأي تأثير سلبي قد يسببه هذا النهج على علاقتهم مع الولايات المتحدة التي خاطرت بالكثير من أجل الحفاظ على تحالفها معهم رغم كل الانتقادات.
وحسب تقرير صدر عن “مبادرة الحرية” -منظمة حقوقية أسسها الناشط الأمريكي المصري محمد سلطان- فإن القاهرة والرياض “أصبحتا أكثر تطورًا وجرأة” في تنفيذ القمع العابر للحدود – واستهداف المنتقدين في الخارج.
ولفت التقرير إلى ازدواجية معايير الإدارة الأمريكية في التعامل مع حلفائها الشرق أوسطيين حين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، فبينما يصدر السياسيون والمسؤولون الأمريكيون بيانات إدانة ويفرضون عقوبات على انتهاكات مماثلة ترتكبها روسيا والصين وإيران، فإنهم يغضون الطرف عن مصر والسعودية ولم يحاسبوهم على أي من تلك الممارسات القمعية التي تتنافى مع القيم الأمريكية وتنتهك القانون الأمريكي وتهدد الأمن القومي.
في مقدمة التقرير قال المحامي الأمريكي جيم والدن أن النتائج تُظهر أن “ازدواجية الإدارة بشأن حقوق الإنسان هي تهديد ملموس لمواطنينا وشركاتنا ومصالحنا الوطنية”.
السعودية تُعد من أبرز حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بينهما شراكة ممتدة لأكثر من خمسة عقود، ورغم ذلك شهدت هذه العلاقة انهيارًا ملحوظًا في أعقاب عملية الاغتيال الوحشية التي استهدفت الصحفي السعودي وكاتب العمود في واشنطن بوست جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، والتي تسببت في موجة غضب عالمية وكادت أن تُقصي الرياض من المشهد الدولي بصورة نهائية.
اغتيال خاشقجي الذي خلُصت المخابرات الأمريكية إلى أن بن سلمان متورط فيه بشكل شخصي، إلى جانب حملة القمع واسعة النطاق التي تشنها السلطات على المعارضة في الداخل والخارج جعلت من السعودية حليفًا غير مرحب به من قبل عدد من السياسيين الأمريكيين، لكن بالرغم من ذلك، “رأينا الأنظمة الاستبدادية تستخدم نوعًا من التكتيكات الجديدة وتتشجع على الاستمرار في القمع العابر للحدود” حسب أليسون مكمانوس، مديرة الأبحاث في مبادرة الحرية.
اعتمد التقرير على دراسة استقصائية شملت 72 شخصًا تربطهم علاقات شخصية أو مهنية بمصر أو المملكة العربية السعودية – وكثير منهم مواطنون أمريكيون مزدوجي الجنسية وأعضاء في الشتات المصري والسعودي، والذين كانت إفاداتهم دليلًا على الجهود التي تبذلها تلك الحكومات من أجل ترهيب المعارضين والنشطاء المتواجدين داخل الولايات المتحدة.
في إفادتهم، قال عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والباحثين المصريين المعارضين المقيمين في الولايات المتحدة إنهم تعرضوا للمراقبة الشخصية على يد عملاء مصريين تابعين للحكومة المصرية، والذين كانوا يتبعونهم في المطاعم وفي المناسبات العامة، فيما أفاد آخرون أن السفارة المصرية حرمتهم من الخدمات القنصلية، بينما تلقى بعضهم تهديدات بالقتل من قبل متصلين يُعرفون أنفسهم أحيانًا بأنهم ضباط أمن مصريون.
أشار التقرير إلى أن مصر لم تكتف بالملاحقات الخارجية، لكنها قدمت نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين للمحاكمة غيابيًا لتحكم بذلك على المعارضين المقيمين في الخارج بالمنفى الأبدي كون أي محاولة للرجوع إلى مصر يعني مثولهم أمام المحاكمات الحضورية.
بالإضافة إلى ذلك، يحتجز النظام المصري اثنين من المقيمين الدائمين في الولايات المتحدة وهما حسام خلف وصلاح سلطان – والد محمد سلطان مدير مبادرة الحرية – اللذين اعتبرت الأمم المتحدة احتجازهما أمر تعسفي حسبما أورد التقرير، فيما مُنع مواطنين أمريكيين اثنين على الأقل من مغادرة مصر، كما تعرض عدد كبير من أفراد عائلات أفراد يعيشون خارج مصر للاعتقال التعسفي انتقامًا منهم لانتقاد الحكومة.
تعليقًا على هذا الأمر قال الإعلامي شريف منصور – منسق برنامج لجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومقره الولايات المتحدة – إن أقاربه في مصر تعرضوا للاعتقال والتعذيب بسبب عمله الحقوقي في الولايات المتحدة، إذ اعتقلت السلطات المصرية ابن عمه رضا عبد الرحمن عام 2020، وهو وصفه التقرير بأنه “صورة من صور احتجاز الدولة للرهائن بهدف إسكات منصور”، وقد أُفرج عن عبد الرحمن عام 2021 لكنه ممنوع من مغادرة البلاد.
في مقابلة سابقة قال شريف منصور: “لم نعد نتواصل مع أفراد عائلتنا في مصر منذ سنوات خوفًا على حياتهم… حتى التهنئة برمضان والأعياد لم يعد بإمكاننا إرسالها لهم.”
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا