التهديدات والمراقبات الفعلية والتجسس أبرز أدوات النظامين المصري والسعودي -حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط- لاستهداف مواطنيهم المعارضين المتواجدين على الأراضي الأمريكية دون أي اعتبار لأي تأثير سلبي قد يسببه هذا النهج على علاقتهم مع الولايات المتحدة التي خاطرت بالكثير من أجل الحفاظ على تحالفها معهم رغم كل الانتقادات.
وحسب تقرير صدر عن “مبادرة الحرية” -منظمة حقوقية أسسها الناشط الأمريكي المصري محمد سلطان- فإن القاهرة والرياض “أصبحتا أكثر تطورًا وجرأة” في تنفيذ القمع العابر للحدود – واستهداف المنتقدين في الخارج.
يقول التقرير إن المملكة العربية السعودية احتجزت أو فرضت حظرًا على السفر بشكل غير قانوني ضد مواطني الولايات المتحدة، وفي إفادتهم للتقرير، قال ثمانية أشخاص إن السلطات السعودية احتجزت أو أخفت أفراد عائلاتهم، فيما قال أربعة إنهم تعرضوا للمراقبة الشخصية أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، وأفاد خمسة آخرون بتلقي مكالمات هاتفية أو رسائل تهديد من عملاء تابعين للحكومة السعودية.
الناشط والباحث السعودي عبد الله العودة المقيم في الولايات المتحدة قال إنه يتلقى بصورة منتظمة تهديدات بالقتل على وسائل التواصل الاجتماعي من مستخدمين يشتبه في أنهم يتصرفون بأمر من الحكومة السعودية.
حسب “لقطة شاشة” شاركها عبد الله العودة مع صحيفة واشنطن بوست قال له أحد مستخدمي تويتر في تعليق على حسابه الشخصي “أتمنى أن تعود إلى المملكة العربية السعودية، وسيكون الشعب السعودي في انتظارك، سيتم شنقك على أعمدة الإنارة في المطار، وهو الحكم الذي يستحقه كل خائن “.
حول هذا التعليق قال العودة “لا أشك أنهم يمزحون على الإطلاق خاصة بعد أن تمكنوا من الإفلات من العقاب على مقتل خاشقجي”.
هذه الممارسات تجعل المعارضين المصريين والسعوديين يعيشون في خوف دائم وتهديد مستمر مهما ابتعد المكان الذي يعيشون فيه عن بلدانهم، وقد أفاد العديد ممن شملهم الاستطلاع أنهم عانوا من مشاعر العزلة أو الكوابيس المتكررة، فيما قال البعض إنهم غيروا خطط عملهم أو دراستهم.
ممارسات النظامين المصري والسعودي وضعت الإدارة الأمريكية في موقف محرج بسبب الضغط المستمر عليها لإعادة تقييم علاقتها معهم بسبب هذه الجرائم الوحشية، لكن الولايات المتحدة لم تغير سياستها تجاه أي من البلدين خاصة إبان عهد ترامب الذي حافظ على علاقات وثيقة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد، حتى بعد مقتل خاشقجي.
خلال الحملة الانتخابية، وعد الرئيس بايدن بمحاسبة القاهرة والرياض على انتهاكات حقوق الإنسان، وتعهد بعدم تقديم “شيكات على بياض” للسيسي وجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة” ردًا على اغتيال خاشقجي، وفي بداية فترته أصدرت إدارته تقريرًا استخباراتيًا أمريكيًا في عام 2021 خلص إلى أن ولي العهد وافق على الخطة التي أدت إلى مقتل خاشقجي، كما أعلنت وزارة الخارجية عن قرار حظر خاشقجي، وهو إجراء لفرض قيود على التأشيرات على الأفراد الذين يقومون، نيابة عن حكومة أجنبية، بأعمال قمع عابرة للحدود تستهدف الصحفيين أو النشطاء أو غيرهم من المعارضين.
لكن تقرير مبادرة الحرية أكد أن إدارة بايدن والمشرعين الأمريكيين لم يبذلوا جهودًا كبيرة للحد من القمع العابر للحدود من قبل الحلفاء – مصر والسعودية على وجه الخصوص – على الأراضي الأمريكية أو ضد المواطنين الأمريكيين.
وبالرغم من أن الولايات المتحدة حجبت جزءًا صغيرًا من التمويل لمصر بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، إلا أنها استمرت في تقديم مساعدات عسكرية كبيرة للقاهرة، وقالت وزارة الخارجية في يناير/كانون الثاني إنها فخورة بـ “بالشراكة القوية والمتنامية تاريخيا” مع مصر، خاصة الشراكة الدفاعية.
في تعليق، قال الإعلامي المصري شريف منصور إن القرارات المتعلقة بالمساعدات الأمنية كانت “أحد الاختبارات الرئيسية لمعرفة ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستضع أموالها في مكانها الصحيح، لكن للأسف فشلوا في هذا الاختبار”.
رغم تعهده بجعل محمد بن سلمان “منبوذًا”، سافر بايدن إلى السعودية خصيصًا لمقابلة ولي العهد السعودي في يوليو/تموز العام الماضي، وكثفت إدارته التعاون مع المملكة العربية السعودية، خاصة وأن الحرب الروسية في أوكرانيا عطلت أسواق الطاقة العالمية، وبالرغم من التفاقم الأزمة في اليمن، لا تزال المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر مستوردي الأسلحة الأمريكية.
منعت إدارة بايدن 76 مواطنا سعوديا من دخول الولايات المتحدة فيما يتعلق بقتل خاشقجي لكن لم يكن محمد بن سلمان بينهم، وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت إدارة بايدن أنها ترى أن بن سلمان يتمتع بالحصانة السيادية التي تحميه من المساءلة أمام القضاء الأمريكي في دعوى قضائية رفعتها خطيبة خاشقجي ومنظمة حقوق انسان في الولايات المتحدة متهم فيها بالتورط في قتل خاشقجي.
في تصريح خاص، قالت أليسون مكمانوس، مديرة الأبحاث في مبادرة الحرية “لقد رأينا بالفعل العلاقات مع مصر والمملكة العربية السعودية تعود إلى العمل كالمعتاد”.
الجدير بالذكر أن تقرير مبادرة الحرية دعا إلى تصنيف القمع العابر للحدود باعتباره جريمة بموجب قانون الولايات المتحدة، وفي الشهر الماضي، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين بقيادة السيناتور جيف ميركلي (ديمقراطي) والسناتور ماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا) مشروع قانون لتحقيق هذه الغاية، لكن حتى اللحظة لم يتم البت فيه.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا