كتب- باسم الشجاعي:

مازالت تلقي الأزمة الدبلوماسية بين السعودية و كندا التي وقعت خلال الشهر الجاري، بظلالها على أكثر سبعة آلاف طالب سعودي في الجامعات الكندية، مما يجعل مصير مستقبلهم الأكاديمي “قاتم”.

ويتواجد في كندا ما يزيد عن 12 ألف سعودي وسعودية من ضمنهم سبعة آلاف مبتعث ومبتعثة، وذلك بحسب كشف الدكتور “جاسر الحربش”، وكيل وزارة التعليم لشؤون الابتعاث في السعودية.

وكانت أعلنت ‏وزارة التعليم السعودية، “الاثنين” الماضي، إيقاف برامج الابتعاث والتدريب والزمالة إلى كندا.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تمر فيه العلاقات بين البلدين بمرحلة توتر، إذ أعلنت وزارة الخارجية السعودية، الأسبوع الماضي، على إثرها “تجميد التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة بين المملكة وكندا، مع احتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى (لم تحددها).

قرار السعودية “المتعجل”، أثار الكثير من قلق وتساؤلات الطلاب في كندا حول مصير مستقبلهم الأكاديمي خاصة من هم على وشك التخرج.

مستقبل “قاتم”

وفي تحرك عاجل من تلافي تداعيات قرار السعودية بشأن برامج الابتعاث لكندا وأثرها على الطلبة السعوديين هناك، دشنوا “تنسيقية لمتابعة شؤون الطلبة السعوديين في كندا”.

“التنسيقية الطلابية”، في كندا طالب السلطات السعودية “بضرورة المراجعة الفورية لقرار إيقاف برامج الابتعاث والتدريب والزمالة إلى كندا”، مؤكدة أن الأمر سيكون لها مضاعفات سلبية كثيرة من شأنها العصف بمستقبل الطلاب العلمي والمهني والأكاديمي.

ورغم أن “التنسيقية” أعلنت أنها “تثمن المواقف السياسية المختلف للسعودية على الصعيدين السياسي الخارجي”، إلا أنها طالبت “بضرورة عدم الزج بقضية الطلاب المبتعثين في الخلافات بين البلدين”.

“التنسيقية”، أشارت إلى أن الجامعات الكندية أعربت عن تعاطفها مع الطلاب السعوديين وعن جاهزيتها لتقديم السكن والمعونة للطلبة الذين سيتم إيقاف تمويل منحهم الدراسية، كما تواصلت مجالس الطلبة مع عدد من الطلاب وأعربت عن كامل الدعم لهم وفي طريقة تعاملهم مع الأزمة سواء في رجوعهم للملكة أو استكمال تعليمهم من دون دعم الحكومة.

وبحسب برنامج الابتعاث، تدفع السلطات السعودية مخصصات للطلاب تتراوح ما بين ألفَين و500 دولار كندي وثلاثة آلاف لكل طالب، واستنادًا إلى هذا المبلغ يتدبّر الطالب أموره من سكن ومعيشة وغذاء وتنقلات.

وعملية النقل الكبيرة التي تطاول سبعة آلاف طالب سوف تكلّف الحكومة السعودية الأموال والجهد، كذلك سوف تستنزف طاقة وزارة التعليم العالي، خصوصاً أنّها مجبرة على متابعة حالة كل طالب على حدة بسبب تعقيدات عمليات معادلة مواد الجامعات بين الدول.

محاولة فاشلة

ويبدو أن محاولة وزير التعليم السعودي التخفيف من قلق طلاب الدراسات العليا المبتعثين من قبل الدولة لتلقي التعليم في كندا، على مستقبلهم، بعد قرار الرياض قطع تعاملاتها مع الحكومة الكندية، بائت بالفشل

فـ”التنسيقية”، أعلنت رفضها –في بيان لها أمس “السبت” 11 أغسطس- لمبدأ “نقل الطلبة لأي جامعات سواء في أمريكا أو السعودية وهو الأمر الذي تعكف عليه وزارة التعليم حاليًا”.

وقالت “التنسيقية” إنها ستعمل على رفض الأفكار التي تمس بمستقبلنا الدراسي بما في ذلك فكرة إغلاق نظام الابتعاث الي كندا الأمر الذي من ِشأنه عرقلة إنجازاتنا التي تعبنا عليها لعدة سنوات.

 

وكان قال الوزير “أحمد العيسى“، في تغريدة على “تويتر”: “أود أن أطمئن أبناءنا الطلاب المبتعثين في كندا بأن حكومتكم حريصة على مستقبلكم العلمي، سنعمل على توفير كل التسهيلات الممكنة ليكون انتقالكم سهلاً وميسورًا إلى جامعات دولية أو محلية وفق تخصصاتكم العلمية”.

بديل صادم

البديل التي تسعى السعودية للمبتعثين يتعتبر صادم للطلاب؛ حيث إن الإشكالية لا تكمن في الجامعة أو جنسيتها بقدر ما تكمن في مخرجات التعليم ذاته.

فالسعودية تعتمد بشكل كبير في تعليم أبنائها المتفوقين على برنامج الابتعاث؛ حيث وصل عددهم إلى 170 ألف طالب وطالبة، في أنحاء العالم بحجم إنفاق نحو 15 مليار ريال سنويًا (4 مليارات دولار)، حسب تقرير هيئة الإحصاء بالسعودية.

ومن المثير للدهشة أن القرار جاء قبل شهر من فتح الجامعات أبوابها والانتهاء من عمليات الالتحاق، كما أن الطلبة العائدون من كندا سيُجبَرون على الدراسة في جامعات محلّية ستحدِّدها حكومة بلادهم، وفق تصريح وزير التعليم السعودي، “أحمد العيسى”.

وبالنظر إلى مستوى التعليم بين كندا والسعودية، نرى أن الأولى حصلت على المرتبة السابعة عالميًا في مستوى جودة التعليم، بينما حصلت الأخيرة على المركز الـ 52 عالمياً من بين 140 دولة، وفق تصنيف البنك الدولي في تقريره المتعلق بجودة التعليم للعام 2018.

كما تصنف الأمم المتحدة كندا دائمًا كواحدة من أفضل الأماكن في العالم للمعيشة، ويتمتّع الطلاب الدوليون فيها بجميع الحريات المكفولة للمواطنين الكنديين؛ وهي: “احترام حقوق الإنسان، والمساواة، والعيش في مجتمع مستقر يتمتع بالسلام”.

وتعطي كندا الطلاب الدوليين حق الهجرة إليها بعد انتهاء الدراسة بها؛ حيث تمكن الطلاب الدوليين الحاصلين على مؤهل دراسي من أوتاوا، ولديهم خبرة العمل في كندا، من التقديم للحصول على الإقامة الدائمة دون الحاجة إلى مغادرة كندا بعد انتهاء فترة إقامتهم للدراسة.

خيارات محدودة

وبعدما رفضت السلطات السعودية ووزارة التعليم العالي مناشدات الطلاب السعوديين لقصر القرار على المبتعثين الجدد والسماح لمن كان على وشك التخرّج بالاستمرار في الدراسة والعيش في كندا، لم يبقى أمام الطلاب سوا سوا خيارين.

الخيار الأول إما أن يغادر الطلاب كندا مكرهين، وفي تلك الحالة سيصطدم الطلاب بالفرق بين مستوى التعليم بين كندا والسعودية.

أما الخيار الثاني أن يتقدم الطلاب بطلب لجوء للسطات الكندية، وهو الأمر الذي سيثير غضب السلطات في  السعودية، والتي تشن حملة واسعة على كل من لا يؤيدون سياسة ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، وسيلقون نفس مصير الناشط الشاب “عمر الزهراني”.

وكان كشف “الزهراني“، الذي حصل على حق اللجوء السياسي في كندا قبل سنوات، عن أن السلطات السعودية هددته باعتقال إخوته وأصدقائه في حال استمر بالتغريد عن الأزمة مع كندا.