حصل “جاريد كوشنر” مستشار الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” وصهره على استثمارات بقيمة ملياري دولار من صندوق الثروة السيادي السعودي، بعد ستة أشهر من مغادرته البيت الأبيض، وعلى الرغم من رفض الهيئة المختصة بصندوق الثروة السيادي السعودي للصفقة والإدلاء بأسباب منطقية لعدم منح شركة “انفينتي بارتنرز” التابعة لـ “كوشنر” المبالغ الاستثمارية، إلا أن ولي العهد السعودي الذي يسيطر على المصادر المالية للمملكة، مدى قدماً في دعم “كوشنر”.. هل يبحث “محمد بن سلمان” عن النفع المادي وراء تلك الصفقة رغم إشارة البعض لفشل “كوشنر” في إدارة الشركات الاستثمارية أم أن هناك أغراض أخرى؟!.. وهل هذه الاستثمارات عبارة عن مكافأة لـ “كوشنر” بعد دعمه لـ “بن سلمان” في عدة قضايا منها قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي؟!.

 

اعتراضات الهيئة 

أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى الأسباب التي دفعت الهيئة التي يناط بها دراسة الاستثمارات المقترحة على صندوق السيادة الرئيسي في المملكة العربية السعودية للاعتراض على صفقة مع شركة الأسهم الخاصة التي كان قد أسسها كوشنر تحت اسم “أفينيتي بارتنرز” لأسباب عدة أهمها هي انعدام الخبرة لدى إدارة صندوق أفينيتي والتي أسسها “كوشنر” لتوه بعد أن غادر البيت الأبيض، إضافة لذلك فهو احتمال أن تغدو المملكة مسؤولة عن “جل الاستثمار وما يلحق به من مخاطر”، كما أن التدقيق الإلزامي في عمليات المؤسسة الناشئة خلص إلى أنها “غير مرضية من جميع الجهات”، وأهم أسباب الرفض هو رسم إدارة الممتلكات المقترح الذي بدا باهظاً جداً، كما أن مخاطر العلاقات العامة الناجمة عن الدور السابق الذي كان يؤديه “كوشنر” كمستشار كبير لدى والد زوجته الرئيس الأمريكي السابق “ترامب”، وذلك بحسب ما جاء في محضر اجتماع الهيئة في الثلاثين من شهر يونيو/ حزيران 2021.

وعلى الرغم من عرض الهيئة الأسباب المنطقية لرفض الصفقة إلا أنه بعد أيام معدودة، ما كان من مجلس صندوق الاستثمار العام الذي تقدر قيمة أمواله بما يقرب من 620 مليار دولار ويرأسه “محمد بن سلمان”، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية والمستفيد من دعم كوشنر عندما كان يعمل مستشاراً داخل البيت الأبيض، قرر رفض توصيات الهيئة والمضي قدماً في دعم شركة صهر الرئيس السابق.

 

فشل كوشنر 

رفض “بن سلمان” توصيات الهيئة وقرر منح شركة “كوشنر”، -التي لم يكشف الأخير عنها علانية- ملياري دولار، فهل كان يهدف إلى عائد استثماري جيد وراء دعمه لكوشنر؟! الواقع يقول غير ذلك حيث إن سيرة صهر الرئيس السابق في الأعمال الإدارية غير مبشرة، فهو ليس لديه خبرة كبيرة ولا سجل مشهود في مجال الأسهم الخاصة، إضافة لذلك فإن “كوشنر” قبل أن يعمل في البيت الأبيض كان يدير امبراطورية العائلة العقارية، وفي بعض الأوقات كانت نتائج إدارته مخيبة للآمال، وأشهر صفقاته كان شراء برج مكاتب في (666 فيفث أفينيو في مانهاتن) في عام 2007 بمبلغ 1.8 مليار دولار، ثم ما لبثت الديون العقارية على المبنى أن غدت عبئاً معطلاً عندما حل الركود في العام التالي، وبالتالي هنا تنتفي وجهة النظر التي تقول أنه دعمه للاستثمار في ذاته بل أن هناك دافع آخر جعل بن سلمان يدفع كل هذه الأموال لكوشنر الذي يعتبر مسؤولًا سابقاً بالإدارة الأمريكية.

 

تطور العلاقة بين كوشنر وبن سلمان

استغل كوشنر منصبه كمستشار لدى الرئيس الأمريكي “ترامب”، وعمد إلى تطوير صداقة وتحالفاً غير رسمي مع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وكان قد صدر عن الأمير الشاب ما يشير إلى تفضيله إقامة علاقات أوثق بين إسرائيل والممالك العربية في الخليج الفارسي، وهو ما كان “كوشنر” يعتبره من أولوياته كذلك عندما كان جزءاً من إدارة ترامب وهنا اتفقت المصالح، فقد ساعد “كوشنر” في التفاوض على سلسلة من الاتفاقات، فيما يسمى اتفاقيات أبراهام، تم من خلالها فتح علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وممالك عربية أخرى، وبعد أن غادر الحكومة أسس منظمة غير ربحية هدفها تعزيز الروابط الاقتصادية والعلاقات الأخرى بين تلك البلدان. 

أما عن “بن سلمان” فقد انتفع من علاقته بكوشنر الذي ساعد في ترتيب مبيعات أسلحة للمملكة العربية السعودية قيمتها 110 مليار دولار على مدى عشر سنين، إضافة لذلك فقد ساعد في تهدئة موجة السخط التي اجتاحت الكونغرس بسبب جريمة قتل خاشقجي والكوارث الإنسانية التي حلت باليمن بسبب التدخل العسكري الذي تقوده السعودية هناك والتي متورط بها “محمد بن سلمان”.

 

ليست مكافأة فحسب 

يقول “روبرت ويسمان”، رئيس مجموعة غير ربحية اسمها “بابليك سيتزن” عن علاقة “كوشنر” بالسعوديين بأنها “مقلقة للغاية” إن موقفه تجاه قيادة المملكة كمستشار كبير “يجعل الشراكة في التجارة والأعمال تبدو كما لو كانت مكافأة لكوشنر واستثماراً فيه، وبالتالي الأمر لا يتعلق فقط بالماضي وأهداف “محمد بن سلمان” تخطت التغطية على جرائمه في اليمن أو جريمة قتل الصحفي “جمال خاشقجي” بل إن الحاكم الفعلي للمملكة يتمنى ويأمل أن يعود “دونالد ترامب” لسدة الحكم مرة أخرى في انتخابات عام 2024 بعد أن فشل الرئيس الأمريكي “بايدن” في إدارة بعض الملفات أهمها الحرب الروسية الأوكرانية وقضية أزمة الغاز العالمية، ولذلك فهو يستثمر في كوشنر على أمل أن يتحقق مراده ويعود ترامب وهو ما سيجعله أن ينفق أكثر مما أنفق في سبيل تحقيق ذلك.