العدسة – معتز أشرف:

 خلافات عدة تضرب الإمارات، وفشل ولي عهد أبو ظبي يقف في مقدمة الأسباب، بحسب شهادات ومراقبين.

“العدسة” يرصد ما دار في الكواليس والذي أخرج الخلاف المكتوم بين الإمارات إلى العلن في لحظة نادرة.

شهادة الشرقي!

الشيخ الشاب راشد بن حمد الشرقي 31 عامًا، النجل الثاني لحاكم إمارة “الفجيرة” أعلن في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” أنه لجأ إلى قطر في 16 مايو الماضي، وصرّح بأنه يخشى على حياته؛ بسبب خلافات مع حكام أبو ظبي، ووجَّه نجل حاكم “الفجيرة” في المقابلة اتهامات إلى حكام الإمارات تتعلق بالابتزاز وتبييض الأموال، إلا أنَّ الصحيفة لفتت إلى أنه “لم يقدِّم دليلًا على ذلك”.

 

 

فشل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، كان حاضرًا في الخلافات بقوة، ونقلت الصحيفة عن الشيخ راشد وجود “توتر بين المسؤولين في الإمارات حول الالتزام العسكري للبلاد في الحرب الجارية في اليمن التي يخوضها بن زايد”، خاصة أنَّ “عدد القتلى من الإماراتيين يتجاوز حصيلة المائة قتيل التي أُعْلِنت رسميًا”، كما نُسب لنجل حاكم إمارة “الفجيرة” قوله أيضًا: “هناك قتلى من الفجيرة أكثر بكثير من أي إمارة أخرى”.

وعلّقت الصحيفة الأمريكية على هذه التصريحات قائلة: “إنها المرة الأولى على ما يبدو منذ توحيد الإمارات قبل 47 عامًا التي ينتقد فيها أحد أعضاء الأسر السبعة حكام البلاد”، ونقلت الصحيفة عن ديفيد روبرتس، الأستاذ في كينجز كوليدج- لندن والمتخصِّص في شؤون الخليج، قوله: “من النادر أن تقوم النخبة السياسية بعملية تسريب علنية في الإمارات”.

الشرقي كان حتى وقت قريب يدير العملية الإعلامية المؤيدة للحكومة في الفجيرة أصغر وأقل الإمارات السبع ثراءً، ويقول عن نفسه: “أنا الأول في عائلة ملكية يخرج من الإمارات ويقول كل شيء عنهم”.

وأكّد في تقرير الصحيفة الأمريكية أنَّ “حكام أبو ظبي لم يتشاورا مع أمراء الإمارات الستة الأخرى قبل إرغام جنودهم على الحرب في اليمن، التي تجاوزت3 سنوات، ضد فصيل متحالف مع إيران في اليمن، لكن الجنود من الإمارات الأصغر حجمًا، مثل الفجيرة، ملأوا الخطوط الأمامية وشكلوا معظم الوفيات في الحرب، التي قدرتها التقارير الإخبارية الإماراتية أكثر بقليل من 100، ولقد كانت هناك وفيات أكثر من أي مكان آخر”.

انقلاب زايد بن حمدان

الخلافات مازالت لها أبعاد أخرى، رصدها هذه المرة موقع “ميدل إيست آي” البريطاني؛ حيث نشر تحقيقًا صحفيًا، تناول الخلافات داخل الإمارات، وحدوث محاولة انقلابية عرفتها الإمارات العربية المتحدة في 2011، لم يكتب لها النجاح، وتعرَّض الأمير حمدان بن زايد إلى النفي بعدها في الصحراء.

وطبقًا لمصادر الموقع كان الشيخ حمدان بن زايد، الولد الرابع من حيث الترتيب لمؤسِّس الدولة الشيخ زايد، هو الشخصية الكبيرة من داخل العائلة الحاكمة التي شاركت في المحاولة الانقلابية، والتي اكتشفها وأحبطها شقيقاه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ووزير الداخلية سيف بن زايد، فيما أكدت المصادر وقتها وجود قلاقل داخل النخبة الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة رغم تناقض ذلك مع الانطباع السائد الذي يحاول تزييف حقيقة المشاكل داخل الإمارات.

ووفق المصادر قضى الشيخ حمدان، الذي يبلغ من العمر 52 عامًا، ما يقرب من 20 عامًا متنقلًا في مختلف مناصب الدولة منذ تعيينه وزير دولة للشؤون الخارجية عندما كان في السابعة والعشرين من عمره في عام 1990، وبحلول عام 2011، قلّصت صلاحيات الشيخ حمدان، وجرى تهميشه بشكل واضح من قبل أخيه غير الشقيق سيف، بعد أن انترع منه منصب نائب رئيس الوزراء في عام 2009، عيّن حمدان ممثلًا للحاكم في المنطقة الغربية.

وبحسب ما نقل عن الشيخ حمدان المصدر فإنَّ “الإخوة الأربعة الكبار في عائلة آل نهيان (الرئيس خليفة، وولي عهده محمد، ووزير الداخلية سيف، وكذلك الشيخ حمدان) كلهم لديهم أناس يعملون في المكاتب الخاصة والعامة التابعة لكل واحد منهم؛ حيث يتجسَّس الإخوة على بعضهم البعض لضمان ألا تسوِّل لأحد منهم نفسه الاستيلاء على السلطة، أو الأسوأ من ذلك القيام بانقلاب.

وتقول مصادر الموقع: “توجد فيما وراء الكواليس منافسة حامية الوطيس؛ حيث يسعى في العادة أولئك (الأمراء) الذين لا يشغلون مواقع مركزية في السلطة إلى تعزيز نفوذهم من خلال الوصول إلى مواقع أكثر أهمية، ولم يكن مخطط الانقلاب من بنات أفكار حمدان وحده، كما يقول المصدر، فقد انضمَّ إلى حمدان مائتان آخرون من المتنفذين، وهؤلاء جميعًا، كما يزعم، دعموا عدة مجموعات تتكون الواحدة منها من خمسة إلى ثمانية من الأمراء الشباب في إمارة أبو ظبي بهدف تطوير خطة لتحويل البلاد إلى ملكية دستورية لكنها لم تنجح”.

 كرسي العرش

ويعدّ الوصول إلى العرش هاجس بن زايد الأول والأخير، وهو ما رصدته نشرة “جالف ستاتس نيوز” الشهرية، حيث رصدت أبرز المتشاكسين حول الصعود في سدة الحكم بدولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة في ظلّ غموض حول صحة الشيخ خليفة بن زايد رئيس البلاد؛ حيث يدور صراع خفِيّ بين محمد بن زايد الذي تولّى زمام الأمور كلها، ومحمد بن راشد رسميًا أبرز حكام الإمارات حضورًا في المناسبات الرسمية؛ فهو نائب رئيس الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء، وحاكم دبي، أما أبناء محمد بن راشد، ولي العهد حمدان، ونائب الحاكم مكتوم، فأصبحوا يظهرون بوتيرة متزايدة، لكن محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لا يزال مهيمنًا.

اسم “سلطان بن خليفة” موجود كذلك بقوة في بورصة الخلافات والسباق نحو العرش، وأبرزت وسائل الإعلام الإماراتية عودته في وقت سابق، بعد ما قيل بأنّه يقيم في منفى إجباري بأحد قصور سلطنة عمان، فهو ولي العهد «المفترض» وأحد أبرز الوجوه من الأسرة الحاكمة من حيث كونه ابنًا لرئيس الدولة الحالي الشيخ «خليفة بن زايد» ووليًا سابقًا ”مفترضًا“ للعهد، والذي أزيح من موقعه بتوجيه من أرملة الشيخ زايد «الشيخة فاطمة بنت مبارك» في أعقاب دخول الشيخ «زايد بن سلطان آل نهيان» غيبوبته السريرية في جنيف.

تقارير عربية كشفت عن أنَّ أبناء زايد حرصوا أثناء فترة الغيبوبة بترتيبات لعدم خروج منصب رئيس الدولة من نسل أبيهم مباشرة، فقاموا بالضغط عليه وإجباره على توقيعات تقضي بتعيين نجله «محمد بن زايد» نائبًا لولى العهد الشيخ «خليفة بن زايد» رئيس الدولة الحالي، وجعل ذلك شرطًا لقبول تسميته كرئيس للدولة، وإشهاد أعضاء المجلس الأعلى، حيث تسلم منصبه وليًا للعهد في الثاني من نوفمبر 2004 في نفس يوم الإعلان عن وفاة والده الشيخ «زايد بن سلطان».

 

الصراع الخفي على السلطة في أبوظبي كان واضحًا في تصريحات «سلطان بن خليفة» الذي مُنِع من حقه في قبول أو رفض زحزحته من منصبه كولي للعهد، وبحسب معلومات قد تسربت ونشرت على مواقع يديرها نشطاء إصلاحيون « الوطن والجمهور وإيماسك والإمارات 71 »، فإنَّ الشيخ الدكتور «سلطان بن خليفة» قام بانقلاب غير ناجح بمعاونة أخواله الذين يطالبون بالحكم في إمارة أبوظبي لأنهم يرون أنهم أحق من أبناء الشيخ زايد في حكم الإمارة ومن ثم الدولة.

الانقسامات الاقتصادية والخلافات العائلية اعترف بها نائب رئيس شرطة دبي، الفريق “ضاحي خلفان”، وقال “خلفان”، في سلسلة تدوينات له عبر موقع التدوينات المصغرة “تويتر”: الشركات العائلية الكبيرة التي تعدّ واجهة اقتصادية لدبي يجب ألا ندع بعض الصبيان يعبثوا بها ويمزقوها إلى اشلاء.. الحقوق يمكن أن تحفظ للجميع وفقًا للقانون. والحكومة يجب أن تمنع الانقسامات القائمة على فهلوة بعض الأطراف في تلك الشركات…وكبير العائلة يبقى رمزها”.

وطالب “الشركات العائلية في دبي بأن تعمل من أجل الحفاظ على مركز العائلة التجاري وعدم اللجوء إلى تشطير الشركات وانقساماتها إلى كيانات تجارية صغيرة، وعلينا كأعيان في هذه الإمارة– يقصد دبي- أن نضم الصفوف، فهذه الفرقة التي أراها تضرب في كيانات الإمارة التجارية لا تبشر بالخير”.