العدسة_  عبد الله العلي

حينما تمر من كوبري السلام  وتصل ناحية مدن الشمال في سيناء.. فاهدأ وتماسك.. فلم تعد المدينة كما تعرفها.. ولم تعد الناس كما تألفها.. فكثيرون هُجِّرُوا.. حتى عادت المدينة أشبه بمدن الخراب في الأساطير الإغريقية.. فلم يتبقَ منها سوى أطلال وأنقاض منازل مهدمة على عروشها.

هذا الوضع لم تكن لتراه قبل 4 أعوام وبالتحديد قبل أحداث الثالث من يوليو 2013 حيث بدأ مخطط التهجير والتدمير.

تزرع السيسي بمحاربة الإرهاب وحوّل شرق مصر إلى منطقة ملتهبة ومع كثرة استعداء أهالي المنطقة زادت المنطقة اشتعالا وهو ما كان يخطط له السيسي لتبرير عمليات التهجير التي بدأت لاحقا.

وكما كانت حرب اكتوبر عام 1973 سببا في تحرير سيناء كان الشهر نفسه شاهدًا على بدء المرحلة الأولى من عمليات التهجير بحق أهالي مدينة رفح في العام 2014.

وبحسب مسح أجرته منظمة هيومن رايتس ووتش ولقاءات مع صحفيين ونشطاء من سيناء، و11 عائلة تم إجلاؤها من المنطقة العازلة، وتحليل سلسلة زمنية تفصيلية تضم ما يزيد على 50 صورة التقطتها أقمار صناعية لمدينة رفح في الفترة من 11 مارس 2013 ومنتصف أغسطس 2015، وجدت المنظمة أن الجيش المصري قام بتدمير واسع النطاق لما لا يقل عن 3 آلاف و255 مبنى في رفح.

” مباني مُهدمة بسيناء “

أرقام

هذه الإحصائيات تخص المرحلتين الأولى والثانية فقط من خطة التهجير التي كانت تعتمد على تفريغ كامل الشريط الحدودي مع قطاع غزة بعمق 1000 متر بحسب القرارات المنشورة في الجريدة الرسمية.

ويبدو أن شهر أكتوبر سيظل الشاهد الأبرز على تهجير أهالي سيناء حيث أعلن محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور في 10 أكتوبر 2017 بدء المرحلة الثالثة من منطقة العزل بتجريف منازل المواطنين في نطاق 500 متر جديدة، لتصبح المنطقة العازلة في مسافة 1500 متر أو ما يزيد على ذلك، حيث تهدف المرحلة الثالثة إلى إزالة 1215 منزلا و40 منشأة حكومية.

ومع منتصف 2017 بدأت تتكشف أجزاء أخرى من خطة تفريغ المنطقة الشرقية باتجاه إسرائيل، حيث كشفت مصادر سياسية لموقع العربي الجديد عن قيام الأجهزة المصرية بإعداد تصور لإخلاء مناطق جديدة في مدينة الشيخ زويد ورفح من السكان من مساحات واسعة مستغلة حالة الغضب الشعبي في أعقاب حادث استهداف كمين أمني بمنطقة البرث نتج عنه مقتل 30 فردا من عناصر الجيش في يوليو الماضي.

واستغلت أيضا الأجهزة الأمنية سلسلة الهجمات التي وقعت بمدينة العريش والتي وقعت مطلع أكتوبر الجاري واستمرت حتى منتصف الشهر، وأغلقت مكاتب البريد في ضاحيتي المساعيد والزهور في مدينة العريش لحين توفير حماية أمنية.

كما أغلقت أفرع البنوك بمدينة العريش حتى إشعار آخر بعد حادث السطو المسلح الذي تعرض له البنك الأهلي منتصف أكتوبر الجاري، برغم وقوعه في مربع أمني محاط بثلاثة كمائن عسكرية.

داعش

سيناريوهات ما بعد التهجير

يرى مراقبون أن عملية التهجير التي يتم التحدث عنها في أروقة المراكز البحثية في إسرائيل والولايات المتحدة منذ سنوات وجرى تنفيذ أجزاء منها على أرض الواقع تسير في اتجاه سيناريوهات ثلاث:

السيناريو الأول: السيسي يقوم بإخلاء سيناء لتنفيذ صفقة القرن وتوطين الفلسطينيين:

وتقوم هذه الفكرة على تهجير أهالي مدينة رفح والشيخ زويد بهدف تفريغ المنطقة الشمالية لمشروعات التسوية السياسية بغطاء اقتصادي والتفريط الوطني المرتبط بالسعودية والكيان الصهيوني بحسب بيان للجبهة الشعبية للدفاع عن سيناء بالعريش.

وترى اللجنة الشعبية أن قراري رئيس الوزراء اللذين حملا رقمي 700 و701 ، يؤكدان على أن التهجير قائم على قدم وساق، بهدف توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، وتنفيذ المخططات الصهيونية في تفريغ سيناء من أهلها المناطق المفرغة من أهلها سيتم استغلالها في إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين مصر وقطاع غزة والتي سيتم التوطين بحجتها.

ومما يؤكد هذا الطرح تصريحات الباحث الإسرائيلي والضابط السابق في سلاح الاستخبارات العسكرية ماتي ديفيد والتي قال فيها إن عبدالفتاح السيسي عرض على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خطة لإقامة دولة فلسطينية في شبه جزيرة سيناء، تقضي بنقل مساحة 1600 كلم2 من الأراضي المصرية في سيناء إلى السلطة الفلسطينية، ومقابل ذلك يحصل المصريون من إسرائيل على ما مساحته 720 كم2 من أراضي صحراء النقب وتحصل إسرائيل في مقابلها على أراض من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، في عملية تشبه تبادل الأراضي.

وفي سبتمبر 2014 نشرت صحيفة جيروزاليم بوست عن مصادر إسرائيلية عن ترحيب تل أبيب الواسع لمقترح السيسي إلا أن رئيس السلطة الفلسطينية رفض الاقتراح.

” السيسي و نتنياهو “

السيناريو الثاني: إخلاء سيناء لحماية إسرائيل:

ويستدل على هذا السيناريو من خلال تصريحات قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي في حوار له مع قناة فرانس 24 في شهر نوفمبر 2014 – شاهد جزء من الحوار.

وخلال الحوار أكد السيسي على أن الإجراءات التي يتم اتخاذها في شمال سيناء الهدف الأول منها تأكيد السيادة على سيناء مشيرا إلى أن الهدف الثاني بحسب قوله هو “أننا لا نسمح أن تكون أرضنا تشكل قاعدة لتهديد جيرانها أو منطقة خلفية لهجمات ضد إسرائيل.

 السيناريو الثالث: عملية إخلاء سيناء للقضاء على الإرهاب

ورغم ضعف هذا السيناريو فإن الأذرع الإعلامية لنظام السيسي دائما ما تروج لما يحدث في سيناء على أنه محاربة للإرهاب.

وتعد تصريحات الإعلامي أحمد موسى المحسوب على النظام بخصوص سيناء هي الأشهر حيث طالب مجلس الدفاع الوطني بإعلان حالة الطوارئ، وتعيين حاكم عسكري على منطقة سيناء وإخضاع المنطقة للقوات المسلحة وقتل أي فرد ينزل إلى الشارع بعد الثالثة عصرًا.

كما طالب موسى بإخراج أهالي سيناء تمهيدًا لدخول الجيش لدك سيناء وتسويتها بالأرض للقضاء على الإرهاب ثم إعادة الأهالي إلى المدينة مرة أخرى.