العدسة – غراس غزوان

لم تتوقف ردود الفعل العربية والدولية والفلسطينية الغاضبة حول القرار الأمريكي الذي ينوي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اتخاذه مساء الأربعاء 6 ديسمبر بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل.

فالقرار له انعكاسات خطيرة على المنطقة بأكملها نظرا لرمزية المسجد الأقصى والقدس عند المسلمين والعرب كما أن القرار من شأنه أن يضعف جهود السلام القائمة على حل الدولتين.

وحذّرت دول ومنظمات وشخصيات حول العالم، الولايات المتحدة ، من خطورة الخطوة “المحتملة”، والتي أطلع ترامب عليها أغلب قادة الدول العربية مساء أمس.

 

توحد فلسطيني

وعلى الرغم من الانقسام الفلسطيني إلا أن قضية القدس دائما ما توحدهم حيث أعلنت جميع الفصائل والحركات الفلسطينية رفضها التام للقرارات الأمريكية وحذرت من أن هذه القرارات سوف تشعل المنطقة وتؤدي إلى انتفاضة جديدة لانتزاع القدس.

وحذر رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، من أن نقل سفارة واشنطن إلى القدس المحتلة، سيجعل “الخيارات مفتوحة” للفلسطينيين دفاعاً عن مقدساتهم، معتبرا الخطوة الأمريكية تجاوزا لكل الخطوط الحمراء، وتحدياً صارخاً لكل المواثيق والأعراف الدولية، واستفزازا كبيرا لمشاعر الأمة العربية والإسلامية”.

وبين هنية، في بيان له أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، لن يسمح لهذه المؤامرة أن تمر، وستبقى خياراته مفتوحة للدفاع عن أرضه ومقدساته”، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية أثبتت عبر تاريخها أنها منحازة لإسرائيل، من خلال الوقوف في صف أجندته العنصرية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.

إجتماع “الفصائل الفلسطينية”

ومن جانبه اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” ، زكريا الأغا، اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، “إعلان حرب على الأمة العربية والإسلامية”.

كما دعت الفصائل الفلسطينية، إلى تنظيم احتجاجات لمدة ثلاثة أيام، رفضا للقرارات الأمريكية المحتملة بحق القدس، وطالبت الفلسطينيين في بيان مشترك بالتجمع في مراكز المدن والاعتصام والتظاهر أمام السفارات والقنصليات الأمريكية

وشددت الفصائل على أن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل أو نقل السفارة إليها سوف يفتح الأبواب على مصراعيها لبوابة المواجهة سياسياً و ميدانياً وعلى كافة المستويات المحلية والاقليمية والدولية.

وأكد البيان أن سياسة الرئيس دونالد ترامب التي تقوم على الابتزاز السياسي، ستحطم قدرته على تحقيق مشاريعه وأطماعه الاقليمية الاستعمارية في المنطقة، داعية الشعوب العربية والإسلامية والقيادات إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه القدس.

 

رد تركي قوي

وردا على القرارارت الأمريكية أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خمس خطوات ستتخذها بلاده في حال أقدمت أمريكا على هذا القرار.

” رجب طيب أردوغان “

وتبدأ الخطوة التركية الأولى بتحذير “ترامب” من عواقب هذا القرار مؤكدة أن القدس “خط أحمر بالنسبة للمسلمين”، ويأتي بعد ذلك التصعيد باتجاه المجتمع الدولي على اعتبار أن هذا القرار يعد طعنة كبيرة للوجدان الإنساني وليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان.

وعن الخطوة الثالثة قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إنّ أردوغان، وجّه دعوة لزعماء “منظمة التعاون الإسلامي” لعقد قمة طارئة الأربعاء 13 ديسمبر الجاري في إسطنبول، لمناقشة خطة الإدارة الأمريكية المتعلقة بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

كما ستقوم تركيا بتحريك العالم الإسلامي عبر تنظيم فعاليات مهمة قبل أن تصل إلى الخطوة الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس أردوغان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

 

الأمم المتحدة

كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أي إجراء أحادي الجانب يقوض حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ، ويرى غوتيريش أن ملف القدس ينبغي التفاوض بشأنه ضمن قضايا الحل النهائي.

وقال استيفان دوغريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي، إن موقف جوتيريش من القدس “واضح وصريح، سواء في العلن أو في الاجتماعات المغلقة”.

 

تحذيرات أوروبية

حذر الاتحاد الأوروبي في بيان له من الانعكاسات السلبية للقرار على مستوى العالم مؤكدا أن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل سيولد نتائج سلبية جديدة وسيشغل الرأي العام العالمي.

وخلال مؤتمر صحفي أكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية فيديريكا موغريني على ضرورة تجنب جميع الأطراف اتخاذ خطوات من شأنها الإضرار بعملية السلام.

” فيديريكا موغريني “

كما أعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، عن قلق بلاده من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها.

وأعرب جونسون عن قلقه من تلك القرارات مشيرا إلى اعتقاده بأنه ينبغي أن تكون القدس جزءا من الاتفاق النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مطالبا في الوقت ذاته الولايات المتحدة بأن تتقدم بخطة للسلام في الشرق الأوسط كأولوية.

وأعربت كل من ألمانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى في بيانات منفصلة عن قلقها البالغ من خطوات ترامب.

 

الموقف العربي

وعلى الصعيد العربي اكتفت أغلب الدول العربية وجامعة الدول العربية بإصدار بيانات تحذر فيها من مغبة تنفيذ هذه القرارات.

وطالبت الجامعة العربية في بيان لها الولايات المتحدة بلعب دور نزيه ومحايد، لتحقيق السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط، وشددت على ضرورة الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس، وقواعد القانون الدولي، ومبادرة السلام العربية لعام 2002، على أساس حل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام.

كما أعلنت كل من قطر والسعودية ولبنان والسودان ومصر وتونس والأردن والمغرب والعراق بيانات أعلنت فيها رفضها التام للقرارات الأمريكية المحتملة وحذرت من تداعيات ذلك على المنطقة برمتها.

بدورها دعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، في بيان لها؛ جماهير الأمتين الإسلامية والعربية وأحرار العالم إلى التعبير عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني ودعم حقه بإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

فيما حذر الأزهر الشريف من خطورة الخطوة، وقال في بيان: “إن أي إعلان بهذا الشأن سيؤجج مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، ويهدد السلام العالمي، ويعزز التوتر والانقسام والكراهية عبر العالم”.