كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن وجود حراك دبلوماسي تجريه عدة عواصم أوروبية وعربية؛ من أجل نزع فتيل الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، لتفادي وقوع أي صراع مسلح في منطقة الخليج العربي.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي قوله إن إيران أرسلت إشارات عبر دبلوماسيين أوروبيين أكدت فيها رغبتها في تخفيف الولايات المتحدة لعقوباتها على صادراتها النفطية؛ كشرط للحديث عن نزع فتيل التوترات، دون أن يصدر عن إدارة ترامب ما يشير إلى إمكانية تحقق ذلك حتى الآن.

في المقابل يأمل المسؤولون الأمريكيون أن تفرج إيران عن واحد من أربعة أمريكيين على الأقل محتجزين في سجونها، كإجراء لبناء الثقة.

المسؤولون الأمريكيون، تقول الصحيفة، ليسوا مستعدين للتفاوض بشأن العقوبات، لكنهم يشيرون إلى حادثة إطلاق كوريا الشمالية للرهائن الأمريكيين، في مايو الماضي، وتسليمهم لوزير الخارجية، مايك بومبيو، وبعد شهر من ذلك التقى الرئيس ترامب بالرئيس كيم جونغ أون، لإجراء محادثات في سنغافورة.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله: “إذا أرادت إيران تغيير الأجواء فعليها الإفراج عن الرهائن. إطلاق سراح شخص ما من شأنه أن يساعد في خلق جو يسهم في نزع فتيل الأزمة”.

وكان وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قال إنه يستطيع مناقشة تبادل الأسرى، لكن المسؤول الأمريكي قال إن ظريف لم يتصل بالولايات المتحدة مباشرة أو من خلال سويسرا -المحاور الرئيسية لإيران مع الغرب بشأن القضايا القنصلية- لمناقشتها.

من جانب آخر، تقول الصحيفة، برز العراق بصفته قاعدة انطلاق للدبلوماسية بين أكبر حلفائه؛ الولايات المتحدة وإيران، فقد أعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، أن بلاده سترسل وفوداً إلى طهران وواشنطن، وأنه ينقل بالفعل رسائل بين الولايات المتحدة وإيران.

وواصلت: “يقول عبد المهدي: في بعض الأحيان نتوصل إلى بعض الاقتراحات التي يقبلها أحد الأطراف، ثم ننقلها إلى الجانب الآخر، إننا نحاول نزع فتيل الأزمة”.

و”يبدو العراق حريصاً على منع تفاقم الأزمة، ومن ثم انتقالها إليه؛ لكونها ستهدد الانتعاش الهش الذي يعيشه بعد سنوات من الحرب”.

وكان صاروخ قد سقط، الأحد الماضي، قرب السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، دون أن يلحق أي أضرار كبيرة.

الصحيفة تقول إن المسؤولين العراقيين يرون في جون ويلكس، السفير البريطاني في العراق، جسراً بين الولايات المتحدة وإيران وحلفائها، حيث التقى ويلكس بالقادة السياسيين العراقيين والسفير الإيراني في العراق، إيراج مسجدي، قبل عدة أيام.

وأضافت: “قال ويلكس في بيان مصور: ناقشنا طرق تجنب حدوث أزمة وتجنب العودة إلى الأجواء المتوترة، في الأسبوع الماضي، وقالت السفارة الأمريكية في بغداد إن ويلكس لا يؤدي دوراً في التوسط بين واشنطن وإيران وحلفائها، ولم ترد السفارة البريطانية في بغداد ووزارة الخارجية الإيرانية على طلبات التعليق”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد أبلغ المسؤولين العراقيين في بغداد، هذا الشهر، أن الولايات المتحدة ستضرب العمق الإيراني للرد على أي هجوم على منشآتها أو أفرادها في العراق، وفقاً لأشخاص اطلعوا على المناقشات الرسمية، بحسب “وول ستريت جورنال”.

وتابعت: “قال دبلوماسيون غربيون إن سلطنة عمان تحاول أيضاً أن تكون قناة بين الولايات المتحدة وإيران، وهي التي سبق لها أن أدت دوراً مماثلاً مع إدارة أوباما في الدبلوماسية قبل الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، الذي كبح النشاط النووي للبلاد في مقابل رفع العقوبات المالية والنفطية الدولية، قبل أن تنسحب إدارة ترامب من هذا الاتفاق العام الماضي وتعيد فرض العقوبات على إيران”.

وزادت بالقول: “أرسلت عُمان وزير خارجيتها إلى طهران، هذا الأسبوع، وتحدث بومبيو مع سلطان عُمان، قابوس بن سعيد، يوم الأربعاء الماضي”.

الصحيفة الأمريكية نقلت عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن السفارتين السويسريتين في الرياض وطهران تعملان كقناة لتبادل الرسائل حول الأزمة الأمريكية الإيرانية.

وترى “وول ستريت جورنال” أن طريق القنوات الخلفية غير الرسمية، وصولاً للمحادثات الرسمية المباشرة، قد يكون طويلاً وشاقاً؛ إذ استمرت المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وإيران عبر عُمان من 2009 إلى 2013، قبل أن تسفر عن أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ الثورة الإيرانية عام 1979، في وقت يحذّر فيه المسؤولون الغربيون والعرب من أن حمل الرسائل لا يرقى إلى مستوى التفاوض.

وختمت بالقول: “ليس من الواضح ما الذي يمكن أن تسفر عنه هذه الجهود في نهاية المطاف، ففي الوقت الذي أعلن ترامب استعداده للحديث مع الإيرانيين، رد المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، برفض فكرة التفاوض حتى ترفع العقوبات الأمريكية”.