ترجمة مقال عن الناشطة الأمريكية ميراندا كليلاند من منظمة Defense for Children International
قبل أيام قليلة، بينما كانت إسرائيل تغرق غزة في الظلام بقطع الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والإمدادات الطبية، وسط الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة والقصف، شاركنا زميلي محمد أبو ركبة، الباحث الميداني الكبير في غزة في منظمة الدفاع عن الأطفال الدولية – فرع فلسطين، تفاصيل حياته اليومية وسط الدمار المستمر الذي ترتكبه القوات الإسرائيلية.
من بين التفاصيل التي أرسلها لنا محمد، حكى لنا مشهدًا لم يغادر ذهني أبدًا… بينما كان محمد يأخذ زوجته وأطفاله الأربعة الصغار من مكان إلى آخر، بحثًا عن مكان آمن، كانت فرق الدفاع المدني الفلسطينية تستخرج جثة امرأة – مقطعة إلى أشلاء – من تحت أنقاض مبنى في الشارع الذي كانوا يسيرون فيه.
على الرغم من محاولات محمد إخفاء هذا المشهد المروع عن أعين أطفاله، فقد رأوه وصرخوا… تجمد ابنه كرم البالغ من العمر 10 سنوات في مكانه، ولم يقو على المشي حين رأى هذا المشهد، مما دفع والده إلى حمله لأنه يعرف أن البقاء هناك ولو لدقيقة واحدة يعرض حياتهم للخطر.
إن تلك اللحظة قد تؤدي إلى سنوات من الصدمات النفسية لأي طفل، ولكن بالنسبة للأطفال الفلسطينيين في غزة، كانت تلك اللحظة مجرد واحدة من قائمة لا تنتهي من الصدمات التي تسببت بها إسرائيل.
في غزة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 1030 طفلاً فلسطينياً في أقل من أسبوع، وأصابت المزيد، وشردت مئات الآلاف، لا يوجد طفل واحد آمن الآن.
الدعم الأميركي المستمر
إن القول بأن العالم قد خذل الأطفال الفلسطينيين هو أقل من الحقيقة بكثير. الحقيقة هي أن معظم زعماء العالم، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سمحوا للقوات الإسرائيلية بقتل وإصابة وتعذيب واحتجاز الأطفال الفلسطينيين مع ضمان الإفلات التام من العقاب لعقود من الزمان.
لقد عاش الأطفال الفلسطينيون في غزة 16 عاماً تحت الحصار الإسرائيلي، حيث يتعين على الأطفال المصابين بالسرطان الحصول على تصريح للحصول على الرعاية الطبية خارج غزة حيث تسيطر إسرائيل على كل شيء – وكل شخص – يدخل ويخرج.
هذا هو الواقع في غزة الذي سمح الغرب للسلطات الإسرائيلية بفرضه على المدنيين هناك، وليس ذلك فقط، بل سلحوهم بالقنابل وكافة الأسلحة التي استخدموها في قصف وقتل هؤلاء المدنيين، خاصة الأطفال.
في أقل من أسبوع، أسقطت القوات الإسرائيلية أكثر من 6000 قنبلة على قطاع غزة، أو حوالي قنبلة واحدة كل 30 ثانية.
كانت الضربات الجوية الإسرائيلية والقذائف والفوسفور الأبيض بمثابة دعوة عملية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعرب مرارا وتكرارا عن دعم الولايات المتحدة “الثابت” لدولة إسرائيل، مشيرًا إلى أن إدارة بايدن ستدعم أي شيء يفعله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه بعد ذلك.
وبدلا من المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار بينما تدمر القوات الإسرائيلية الحياة المدنية الفلسطينية في غزة، تعمل إدارة بايدن بنشاط على توفير غطاء أكبر للقوات الإسرائيلية من خلال تثبيط عزيمة الدبلوماسيين الأمريكيين عن قول المصطلحات علنًا “خفض التصعيد / وقف إطلاق النار” و “إنهاء العنف / إراقة الدماء” و “استعادة الهدوء”.
النكبة الثانية
في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، ندق ناقوس الخطر بشأن الإبادة الجماعية: لقد أوضحت القوات والسلطات الإسرائيلية نواياها لتنفيذ نكبة ثانية والقضاء على الشعب الفلسطيني تمامًا.
إنهم يقصفون أحياء بأكملها في المدينة، ويمسحون عائلات بأكملها من السجل المدني، ويقطعون الكهرباء والوقود والمياه عن المستشفيات التي تقدم الرعاية المنقذة للحياة.
بموجب القانون الدولي، فإن الإبادة الجماعية محظورة، ومعناها الحرفي: القتل المتعمد لعدد كبير من الناس من أمة أو مجموعة عرقية معينة بهدف تدمير تلك الأمة أو المجموعة، كليًا أو جزئيًا، كما يمكن أن تنتج الإبادة الجماعية عن القتل أو عن طريق خلق ظروف معيشية لا تطاق لدرجة أنها تؤدي إلى تدمير المجموعة، وهو ما تفعله إسرائيل في غزة.
لقد قُتل بالفعل أكثر من 1000 طفل فلسطيني في غزة خلال هذا الهجوم العسكري الإسرائيلي، وفي غضون أسبوع واحد فقط، قضت القوات الإسرائيلية على ضعف عدد الأطفال الذين قضت عليهم في عام 2014، عندما قتلت ما لا يقل عن 535 طفلاً فلسطينيًا على مدى 50 يومًا.
إن الأطفال الفلسطينيين الذين نجوا حتى الآن من الهجوم الإسرائيلي الوحشي الأخير على الفلسطينيين في غزة قد تركوا منازلهم، باحثين عن مكان “آدمي” ينتظرون فيه انتهاء القصف.
ولكن حتى آبائهم لا يستطيعون حمايتهم، مهما حاولوا من جهود، يخفقون، بل إن كل ما يستطيعون فعله هو حملهم ومحاولة البقاء على قيد الحياة.
بغض النظر عما قد تفعله القوات الإسرائيلية بعد ذلك، فإن الأطفال الفلسطينيين قد دفعوا الثمن بالفعل، والولايات المتحدة والمجتمع الدولي متواطئان في حملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا