محاولة فاشلة لفهم الإسلاميين في مصر!

2017-10-18T20:52:56+02:00الثلاثاء - 3 أكتوبر 2017 - 3:10 م|

محمد طلبة

إعلامي مصري

 

محاولة فاشلة لفهم الإسلاميين في مصر!

 

جاء ضباط يوليو، انقلاب على الملك الذي كان الإخوان يهتفون في مظاهراتهم بأن الله معه، تركه الله وتركه الإخوان وتحالفوا مع الضباط، كانوا الفصيل السياسي الوحيد الذي لم يقمعه الضباط، مارسوا الدعوة ومارسوا السياسة تحت غطاء السلطة والتحالف معها، ساهموا في تحويل حركة الضباط، وهو الإسم المخفف من انقلاب يوليو، إلى ثورة شعبية لدى الجماهير، شرعنوا لها، لاحقوا شباب الجامعة من اليسار بالهراوات، هؤلاء الخونة الذين كانوا يصفون ما حدث في 23 يوليو بالانقلاب العسكري، برروا إعدام خميس والبقري عمال كفر الدوار وكتب سيد قطب الإسلامي الذي لم يكن قد تأخون بعد مقالا في ذلك، كانوا ساعد النظام وأداته على خصومه، وفشلوا

انقلب عليهم عبد الناصر كما انقلب على قائده، انقلب على الإخوان وعلى سيد قطب وعلى الجميع، سجنهم، عذبهم، أعدم رموزهم وقياداتهم، غار في داهية، وجاء السادات، رجله، ظله، نتاج دولته، احتاجهم، طلبهم، استخدمهم، وافقوا، وعادوا من جديد، نفس الوظيفة، نفس الطريقة، نفس الشريط، أكلوا معارضي السادات، بدلا من أن يتحالفوا معهم، ساهموا في تثبيت حكمه، وصفوه بالرئيس المؤمن، دعموه بكل ما يستطيعون، ثم انقلب عليهم وسجنهم، مات

جاء مبارك، مرحلة التطبيع، اقتسام مساحات السلطة، نقابات، مدارس إسلامية، مظاهرات، عروض مسرحية، انتخابات اتحاد الطلبة، خذ وهات، لم تتوقف الاعتقالات لكن توقف الإخوان عن مبادلة السلطة عداء بعداء، اقتلني أنا راض، اجرحني أنا راض، احتاجهم مبارك في انتخابات برلمان 2005، استخدمهم، قبلوا، نجحوا، 88 عضوا في مرحلتين، وفي المرحلة الثالثة أغلق الصنبور، فتوقف القطار

في 2003 بدأ هامش المعارضة يزيد، جزء من التمهيد لمبارك الإبن، ظهرت حركات كفاية وما تلاها، امتنع الإخوان، العلاقة مع السلطة “معقولة”، وهؤلاء “شوية عيال”، في الوقت الذي كان الشباب يهتفون في ميادين القاهرة يسقط حسني مبارك كان المرشد يتمنى لقاء الرئيس الوالد، وكان شباب الجماعة يسخرون من أعداد مظاهرات كفاية على مواقع التواصل، قامت الثورة، الإخوان لن ينزلوا لكنهم سيتركون حرية الاختيار لشبابهم، تفاصيل كثيرة مزعجة ومستفزة تتعلق بالتنسيق مع الإخوان للنزول والمشاركة، مرت الأيام الأولى، 25، 26، 27، غدا الجمعة 28 يناير، مصر كلها في الشارع، سقط مبارك بالفعل، لم يعد هناك مجال للتخلف، نزل الإخوان، ومن ورائهم فصائل الإسلاميين الآخرين، رسميا، مبارك!

جاء العساكر، احتاجوهم، استخدموهم، استفتاء مارس، ماسبيرو، اعتصام يوليو، محمد محمود، الإسلاميون لا يقولون لا، الفكرة هي هي، الطريقة هي هي، العصا هي هي، والجزرة هي هي، سعد باشا قال “مفيش فايدة” .. جاءت الانتخابات ونجحوا – بالقوى المدنية – لا بالعسكر، ومع ذلك تابعوا ..

جاء السيسي، بالأحرى جاءوا بالسيسي، مدير مخابرات مبارك، لم يستخدمهم فحسب، اشتغلهم، ركبهم، انقلب عليهم، سجنهم، شردهم، قتل منهم، ولم يزل، ومع ذلك يظل الإسلاميون هم الإسلاميين، كلما التقت رؤيتهم المحافظة للدولة مع توجهات الدولة الأبوية التي تستخدم الدين أكثر منهم كبروا وهللوا واستعملوا وكأن شيئا لم يكن ..

ما حدث في قضية المثليين مؤخرا وردود فعل كتائب الإسلاميين الالكترونية، وما سبقه من تماهيات كثيرة مع الدولة المصرية في موقفها من شيخ أزهري يغني في برنامج تلفزيوني لأم كلثوم، صوفية يغنون بالمسجد، شباب يفصلون من الجامعة من أجل حفل خطوبة، كل ذلك وغيره من مظاهرة “فشخ” الدولة للمجال العام، بمباركة واضحة لا لبس فيها من الإسلاميين شيء يستحق ألف علامة تعجب في وسط السطر وآخره، لماذا، وما الذي ينبغي أن يحدث كي يدرك الإسلاميون أن الحريات وإن تعارضت مبدئيا مع تصوراتهم المحافظة للدين والدولة والمجتمع والمجال العام هي ضمانة وجودهم الأساسية والرئيسة وربما الوحيد، وأن التحالف مع كل مناهضي النظام العسكري على أجندة حقوق وحريات وعدالة إجتماعية وكرامة إنسانية مهما بدا مخالفتها لخيالاتهم الميتافزيقية عن الدولة هي طريقهم لبلوغ هذه الخيالات أو لتحصيل جزء منها وللاستمرار في المجال العام، وربما في الحياة نفسها، أحياء يرزقون!!

ما الذي ينبغي أن يحدث كي يدرك الإخوان ومن ورائهم بقية الصف الإسلامي أنهم مركوبون مستخدمون مستعملون مسوقون موظفون، وأن انحيازهم لقيم مجردة لا تفرق بين من يتفق مع توجهاتهم ومن يختلف معها، هو ما يجعل لوجودهم – ووجود غيرهم بالمناسبة – قيمة ووزنا ومبررا موضوعيا واحدا خارج دائرة الاحتمال!

التعميم مخل، والأطراف الأخرى لا تخلو من عيوب، والإخوان في السجون، والإسلاميون يعانون، وهذا ليس وقته، وانتظر حتى يسقط الانقلاب، إذا أردت أن تختبيء وراء أي من هذه الأحجيات، وفر على نفسك عناء الكلام الساكت، لن يسقط الانقلاب، ولن يتحرر السجناء، ولن يجدي ضرب الأمثلة بشخص أو شخصين نبت لهم – على غير الاستعداد الوراثي – عقل وضمير تسببا في استبعادهم من دائرة التأثير في صفوف القبيلة، واتهامهم بكل نقيصة، بل واتهامهم بمميزاتهم، إنما أحدثك عن السواد!

 

الآراء الواردة في التدوينة تعبر فقط عن رأي صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر “العدسة“.

شارك المقال...

تعليق واحد

  1. عبدالقادر 2017-10-03 at 01:30م - الرد

    قراءت المقال لو وضعت العنوان لماذا لا يدخل العلمانيون السجون سيكون فهمك للاسلامين اوضح ولن تفشل في فهم الاسلامين

اضف تعليقا


اذهب إلى الأعلى