عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الواجهة بتصريحات مثيرة للجدل، كشف فيها عن مخطط جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وذلك في إطار دعمه المطلق لإسرائيل، ونيته تحويل القطاع إلى مشروع عقاري بتمويل من دول ثرية في الشرق الأوسط.
التصريحات التي جاءت خلال حديثه مع الصحفيين، عكست رؤية ترامب للتعامل مع القضية الفلسطينية بمنطق الصفقات التجارية، حيث أكد أنه “سيشتري غزة ويمنحها لدول أخرى لإعادة بنائها”، مشيرًا إلى أن غزة “لا يوجد بها شيء للعودة إليه”، في إشارة واضحة إلى حجم الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.
ترامب وخطط التهجير.. مشروع استعماري جديد؟
لم يكن دعم ترامب لإسرائيل جديدًا، لكنه هذه المرة تجاوز كل الحدود، بطرحه علنًا مخططًا لترحيل الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى في المنطقة، مدعيًا أن بعض الدول العربية ستكون مستعدة لاستقبال المهجرين الفلسطينيين.
حيث صرّح قائلاً: “سألتقي محمد بن سلمان وعبد الفتاح السيسي، وهناك دول في الشرق الأوسط ستستقبل الفلسطينيين بعد أن تتحدث معي”، مما يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى لإيجاد شريك عربي لتنفيذ هذا المخطط الخطير، في إطار عملية إفراغ فلسطين من أهلها وإحلال مشاريع جديدة مكانها.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أشار ترامب إلى إمكانية منح الفلسطينيين فرصًا للهجرة إلى الولايات المتحدة بشكل فردي، وهو تكتيك يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود لخفض عدد الفلسطينيين داخل أراضيهم، وإضعاف أي مقاومة ديمغرافية في مواجهة الاحتلال.
ويبدو أن ترامب، الذي يعتبر أحد أكثر الرؤساء الأمريكيين دعمًا لإسرائيل، يحاول مرة أخرى ترسيخ رؤيته بأن القضية الفلسطينية يمكن حلها بالمال والمشاريع العقارية، وليس بالحقوق التاريخية والسياسية للشعب الفلسطيني.
ترامب وإسرائيل.. تحالف لمحو فلسطين من الخريطة
منذ توليه الرئاسة، أظهر ترامب ولاءً مطلقًا لإسرائيل، حيث كان من أبرز قراراته الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، إضافة إلى دعم الاستيطان في الضفة الغربية، وتوقيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، في محاولة لعزل الفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا.
والآن، ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، يبدو أن ترامب يحاول مرة أخرى كسب دعم اللوبي الصهيوني من خلال طرح مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وتحويل غزة إلى مشروع تجاري جديد يخدم إسرائيل وداعميها في المنطقة.
لكن اللافت في تصريحات ترامب هو تأكيده أن غزة “موقع عقاري مميز لا يمكن أن نتركه”، مما يوضح أن النظرة الأمريكية للقضية الفلسطينية لا تتعدى كونها فرصة استثمارية جديدة، يتم فيها التخلص من السكان الأصليين وإحلال مشاريع تخدم الاقتصاد الإسرائيلي والشركات العالمية الكبرى.
غزة ستظل عصية على الاحتلال والمخططات التصفوية
رغم حجم الدمار الذي تعرضت له غزة، ورغم التواطؤ الدولي والإقليمي الذي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية، إلا أن الواقع أثبت دائمًا أن غزة ليست للبيع، وأهلها ليسوا سلعة يمكن ترحيلها أو تهجيرها بصفقة مشبوهة.
على مدى العقود الماضية، حاول الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل كسر إرادة الفلسطينيين، سواء بالحصار أو الحروب أو التهجير القسري، لكن غزة أثبتت أنها أقوى من كل هذه المخططات.
وبينما يحلم ترامب بإفراغ القطاع من سكانه وتحويله إلى مشروع عقاري ممول من أنظمة عربية، يواصل الفلسطينيون صمودهم، رافضين أي محاولات للتنازل عن أرضهم.
فقد علّمتنا التجربة التاريخية أن غزة قد تتحول إلى أنقاض، لكن روح المقاومة فيها لا يمكن هدمها، وهي الحاجز الحقيقي الذي يقف في وجه كل المخططات التصفوية التي تحاول أمريكا وإسرائيل فرضها على الفلسطينيين.
وإذا كان ترامب يعتقد أن غزة مجرد قطعة عقارية يمكن بيعها، فإن التاريخ سيثبت له أن الفلسطينيين لا يبيعون وطنهم، ولا يقايضون حقهم في الحياة بالمال أو الوعود الزائفة.
اضف تعليقا