إبراهيم سمعان

أصبحت مدينة النجف، المقدسة عند الشيعية، شبه مهجورة، وذلك نتيجة تأثرها  من تداعيات عودة العقوبات الأمريكية ضد إيران، بعد انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع في فيينا عام 2015.

صحيفة “لو ريون لوجور” الناطقة بالفرنسية سلطت الضوء على الأزمة التي تعاني منها هذه المدينة العراقية، بعد سريان الشريحة الأولى من عقوبات واشنطن على طهران هذا الشهر.

وقالت الصحيفة: ألغت حجوزات الفنادق، واصبح أصحاب المتاجر بائسون، والتأشيرات متوقفة، هذا هو الحال في مدينة النجف الشيعية المقدسة في العراق، والتي تلقت ضربة شديدة بفرض عقوبات أمريكية على إيران لأنه بسبب قلة الأموال، هجرها الإيرانيون، فانهار اقتصادها.

وأضافت  في النجف، وراء الجدران المغطاة بالفسيفساء الملونة وتحت القبة الذهبية بضريح الإمام علي، يأتي كل عام، يقدم لزيارته كل عام مليون ونصف مسلم، بينهم أكثر من 85٪ من الإيرانيين، وفقا لصائب أبو غنيم ، رئيس اتحاد أصحاب الفنادق في هذه المدينة.

وتوضح “لوريون لو جور” أنه في المدينة الواقعة على بعد 150 كلم جنوب بغداد، تترجم كل اللافتات إلى اللغة الفارسية، وفي الشوارع، هذه هي اللغة التي تهيمن على الأحاديث بين النساء اللواتي يحملن الشادور والرجال الذين يتجولون في البحث عن الظل للهروب من شمس لا ترحم.

لكن هذا العام، قد ينهار هذا الرقم، حيث إن سعر العملة الإيرانية قد فقد ما يقرب من ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.

فرزاد رضا علي تمكن من دفع تكاليف ثمن رحلته إلى النجف، فبالنسبة لهذا الإيراني الذي لديه شاربًا ثقيلًا على وجهه، وحول عنقه شريط بألوان العلم الإيراني عليه شعار شركة السياحة التي قدم من خلالها إلى العراق، حيث أشار إلى أن مواطنوه “لم يعودوا يأتون إلى العراق، ​لأن الريال اصبح لا قيمة له”.

السوق الموازية

وتنوه الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة في أغسطس شريحة أولى من العقوبات على معاملات إيران المالية ووارداتها من المواد الخام، وفي نوفمبر، سوف تطال العقوبات النفط والبنك المركزي.

وأكدت أن الريال الإيراني يتهاوى منذ إعلان واشنطن عن نيتها الانسحاب من اتفاق طهران النووي – الذي جرى  في شهر مايو- وإعادة فرض العقوبات.

ففي 1 يناير 2018، كان سعر الدولار 42900 ريال، واليوم  اصبح السعر ما يقرب من 120 ألف في السوق الموازية.

ومع ذلك، من أجل عبور الحدود والذهاب إلى العراق، يجب على الإيرانيين الحصول على الدولار، كما يؤكد أحد المواطنين للصحيفة، حيث دفع 40 دولار للحصول على تأشيرة دخول.

ويوضح أنه يجب الحصول على هذه العملات في السوق الموازية، ويضيف قائلاً: “السوق متقلب وغير مدعوم من قبل الحكومة، لذلك هناك عدد أقل من الحجاج الإيرانيين”.

وتبين الصحيفة أنه في في العراق، ترتكز السياحة الدينية تقريبًا بشكل حصري في النجف وكربلاء، المدينة المقدسة الشيعية الأخرى المجاورة، ويمكن أن يؤدي إلغاء سفر الحجاج الإيرانيين إلى عواقب وخيمة بالنسبة لهذا القطاع، الذي كان يعمل فيه 544.500 موظف بشكل مباشر وغير مباشر.

ووفقا للأرقام الصادرة في عام 2017، عن المجلس العالمي للسياحة والسفر، يمثل 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يقرب من 5 مليارات دولار.

تأثرت هذه المدينة بمجرد دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، خاصة انها كانت تستعد لاستقبال الحجاج في أغسطس الذي يوجد فيع العديد من الأعياد الدينية عن الشيعة.

وقال أبو غنيم: “تم إلغاء العديد من حجوزات الفنادق، وعدد الحجاج إلى النجف منخفض للغاية”، موضحا أنه لا يزال لا يملك إحصائيات دقيقة عن إشغال 285 فندقًا في المدينة.

في مطار النجف ، حيث توجد 35 رحلة يومياً بين الدولتين المتجاورتين، الوضح في اتجاه واحد تقريباً، اليوم ، وفقا للمسؤولين، يتم تأمين اثني عشر رحلة فقط، من النجف إلى إيران، هذه المرة لتوجيه الحجاج العراقيين إلى المدن الإيرانية المقدسة.

ونتيجة لهذه الأزمة “تم خفض الأسعار، أحيانا إلى أقل من 50 ٪ “، يقول يوسف أبو تبوك، صاحب فندق البلد الأمين في النجف، وأوضح هذا العراقي البالغ من العمر 85 عاما ويغطي رأسه بكوفية سوداء في بيضاء: العروض الخاصة لا تحدث فارق، دون الحجاج الإيرانيين هذا القطاع في حالة سقوط حر”.