العدسة – معتز أشرف:
في خطوة استفزازية جديدة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه ربما يذهب إلى القدس التي ستنقل الولايات المتحدة سفارتها إليها من تل أبيب “تل الربيع” في 14 مايو المقبل، بالتزامن مع الذكرى الـ70 للنكبة الفلسطينية، وهو ما نتوقف عنده بأسئلة المستقبل لنجيب عن أبرز السيناريوهات المتوقعة لهذا اليوم في ظل الحشد الفلسطيني الكبير لمظاهرات العودة.
انتفاضة أكبر
كثيرًا ما ارتبطت سخونة الأرض الفلسطينية بالأحداث الضخمة، ويرى مراقبون في ظل الاستمرار في الحشد المُبْدِع لمسيرات العودة الكبرى أنّ الاتجاه قد يكون إلى تصعيد المشهد الغاضب في الأراضي المحتلة والوطن العربي والمجتمع الدولي، وهذا الاتجاه سبق وأن أعلن عنه منظمو مسيرة العودة الكبرى، ما أدى إلى حالة قلق إسرائيلية واسعة مع نجاح تلك المسيرات، خوفًا من التطور والتصاعد، للخروج بعمل أكبر وأكثر إبداعية في 15 مايو الجاري، بالتزامن مع القرار الأمريكي بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.
وأكّد المنظمون عقب نجاح أولى الفعاليات استمرارها بصورة مختلفة ومتدرّجة ومتنوعة حتى منتصف مايو الجاري ودعت اللجان الشعبية إلى ضرورة الحفاظ على سلمية مسيرة العودة الكبرى لضمان استمراريتها، موضحة أنّ مسيرة العودة الكبرى ليست ليوم واحد، وإنما هي عبارة عن فعاليات شعبية مستمرة تعتمد أسلوب اللاعنف لتحييد الآلة العسكرية الإسرائيلية وإخراسها، فيما دعا أمين عام اللجان عزمي الشيوخي إلى ضرورة توسيع نطاق الفعاليات والمقاومة الشعبية السلمية والحفاظ على استمراريتها وسلميتها وإلى عدم إعطاء الاحتلال أي مبررات لقمعها أو إيقاع أي إصابات بين صفوف المشاركين، مشيرًا إلى أنّ هذه الفعاليات الشعبية السلمية لمسيرة العودة الكبرى تحتاج إلى مزيدٍ من الوحدة الميدانية والتلاحم الوطني والاستمرارية ومزيدٍ من الالتزام والانضباط للمشاركين.
وبحسب مسؤول الإعلام في الهيئة القيادية لمسيرة العودة، هاني الثوابتة، فإنّ الحشود والسيول البشرية التي حضرت، وستحضر في الفعاليات المتدرجة المقبلة قدّمت نموذجًا ضدّ الاحتلال ومشاريعه ورفض كل الصفقات، بما فيها صفقة القرن التي يحاول الآن تمريرها على الفلسطينيين لتصفية حقوقهم الوطنية”، وهو ما أكده الكاتب الكبير عبد الباري عطوان بقوله: “راهنّا دائمًا على الشّعوب العَربيّة والإسلاميّة، ولم نُراهن مُطلقًا على الأنظمة، ولنا ثقةٌ كُبرى فيها، ولا تَخدعنا مُطلقًا بعض “الفُقاعات” الزّائفة والمُضلّلة هُنا وهُناك، وعندما يَتصدّى أشقاؤنا في الخَليج لعمليّات التطبيع والمُروجّين له، بشَجاعةٍ وجُرأة، فهذا يُؤكّد أن رِهاننا في محلّه، وأن هذه الشّعوب على طُول العالم الإسلامي وعَرضه لن تَخذل قُدسها وأقصاها وكنيسة قيامَتِها”.
التنديد الرسمي
ووفق المسارات السياسية المسيطرة علي المنطقة، فسيناريو التنديد الرسمي سيظلّ راجحًا بقوة بجانب السيناريوهات الأخرى، وهو ما حدث عندما أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زعماء الدول العربية باعتزامه نقل السفارة الأمريكية بإسرائيل إلى القدس؛ حيث أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان، التنديد بالقرار فيما شنّت السلطات المصرية في نفس التوقيت حملة اعتقالات واسعة ضربت وقفة بارزة للتضامن مع القدس في نقابة الصحفيين!
التنديد المتوقع هذه المرة سيأخذ نفس مضامين التنديد الأول بحسب توقعات مراقبين كثيرين، ففي ديسمبر الماضي اتفق زعماء العرب والمسلمين علي التنديد بقرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل باعتباره إجراء مثيرًا للاضطرابات في منطقة ملتهبة، وقال الفلسطينيون: إنّ واشنطن تتخلى بذلك عن دورها القيادي كوسيط للسلام، فيما أعرب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن الانزعاج من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس ومن تداعياته على أي فرص لإحياء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما عارض حلفاء كبار لواشنطن قرار ترامب الذي ألغى به سياسة أمريكية ودولية تجاه القدس قائمة منذ عقود، وهو المتوقع في ظل عدم حدوث أي تغيير ميداني وسياسي يعوّل عليه في الفترة الماضية.
الإدارة الأمريكية تدربت علي سيناريو التنديد الرسمي طيلة العقود الماضية، ولكن عقب إعلان ترامب في ديسمبر الماضي، لجأت الإدارة إلى عبارة لـ”نيكى هيلى” سفيرة ترامب لدى الأمم المتحدة للرد المستفز، وبعد يومين فقط من إدانة أقرب حلفاء ترامب لقراره وبعد يوم من الغارات الإسرائيلية على غزة وبعد ساعات من اقتحام متظاهرين فى لبنان مناطق قريبة من السفارة الأمريكية، خرجت “نيكى هيلى” لتوجه رسالة للعالم قائلة: «السماء ما زالت فى مكانها ولم تقع على الأرض»، وكررت رسالتها عبر 3 مقابلات أجرتها مع شبكات إخبارية تليفزيونية في يوم واحد بعد إعلان القرار.
أبواب جهنم!
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعلنت فور قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لدولة إسرائيل بأنه “سيفتح أبواب جهنم” على المصالح الأمريكية، فيما دعت العرب والمسلمين “إلى اتخاذ قرارات لتقويض المصالح الأمريكية في المنطقة ونبذ إسرائيل”. كما دعت “منظمة التحرير والرئيس محمود عباس إلى سحب الاعتراف بإسرائيل وإلى إلغاء اتفاقية أوسلو ردًا على إعلان ترامب”، كما توعد المجلس العسكري العام لكتائب القسام بالرد، وقال: “إن “محاولات أمريكا و”إسرائيل” وأذنابهما بالمنطقة تسريع عجلة التطبيع والهرولة نحو الكيان وتثبيت وقائع بالقدس لصالح العدو مصيرها الفشل، وسنحمل هذا السلاح وأوراق القوة العسكرية التي شيدناها عبر سنوات طويلة، وحميناها بأرواحنا ودمائنا، وسنظل كذلك حتى نحرر القدس”.
في نفس الاتجاه والعبارات الساخنة أعلنت القوى والفصائل الفلسطينية في إدانتها لتحديد الإدارة الأمريكية موعد نقل سفارتها إلى القدس المحتلة في اليوم الذي يحيي فيه الشعب الفلسطيني ذكرى النكبة أنّ هذا استفزاز سيسفر عن انفجار المنطقة في وجه الاحتلال، وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين: إن الشعب سيتصدى لهذا القرار الذي يأتي “ضمن مؤامرة صهيوأمريكية” لتصفية القضية الفلسطينية، وستكون الإرادة الوطنية الفلسطينية “أشد ثباتًا وأمضى عزيمة في مواجهة هذه المؤامرة”.
اضف تعليقا