كشفت وكالة “رويترز”، الخميس، عن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، بعد إصرار الأخير على زيادة كمية المنتوج من النفط السعودي، وذلك خلال حرب الإنتاج التي خاضتها السعودية أمام الدب الروسي
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين ترامب وبن سلمان في الثاني من أبريل/نيسان 2020، وذلك خلال جهود ترامب لإثناء بن سلمان عن خطته التي تقضي بإغراق أسواق النفط، وطالبه بأن تبدأ منظمة “أوبك” بخفض الإنتاج النفطي، وفقًا لمصادر خاصة للوكالة العالمية.
وخلال الاتصال هدَّد ترامب بأنه في حال عدم تخفيض السعودية إنتاجها، فإن البديل هو عدم التدخل لمنع المشرّعين من تمرير تشريع بالكونغرس لسحب القوات الأمريكية من المملكة.
وحسب المصادر فإن ترامب أبلغ بن سلمان برسالته قبل الإعلان رسمياً عن تخفيض الإنتاج بعشرة أيام.
ووفقًا لمصدر أمريكي أطلعه كبار المسؤولين في المملكة على المكالمة التي جرت بين ترامب وولي العهد: “فوجئ ولي العهد بالتهديد، لدرجة أنه أمر مساعديه بالخروج من الغرفة حتى يتمكن من مواصلة النقاش مع ترامب على انفراد”.
في الوقت الذي قال فيه دبلوماسي شرق أوسطي لرويترز، إن احتمال فقدان الحماية العسكرية الأمريكية جعل العائلة المالكة “تجثو على ركبتيها”، وتوافق على مطالب ترامب.
فيما أوضحت مساعي ترامب رغبته الشديدة في حماية صناعة النفط الأمريكية من انهيار الأسعار التاريخي، حيث أغلقت الحكومات الاقتصادات في جميع أنحاء العالم لمكافحة الفيروس.
في حين قال مسؤول أمريكي رفيع لرويترز إن الإدارة الأمريكية أبلغت القادة السعوديين بأنه “بدون تخفيضات الإنتاج” لن تكون هناك طريقة لمنع الكونغرس الأمريكي من فرض قيود يمكن أن تؤدي إلى انسحاب القوات الأمريكية. ولخص المسؤول الحجة التي أثيرت عبر القنوات الدبلوماسية المختلفة قائلاً للقادة السعوديين: “نحن ندافع عن صناعتكم بينما تدمرون صناعتنا”.
إلى ذلك، فقد سألت رويترز ترامب عن المحادثات في مقابلة مساء الأربعاء في البيت الأبيض، حيث تناول الرئيس مجموعة من الموضوعات الخاصة بفيروس كورونا. ورداً على سؤال عما إذا كان قد أخبر ولي العهد بأن الولايات المتحدة قد تسحب قواتها من السعودية، قال ترامب “لم يكن عليّ أن أخبره”.
أضاف ترامب: أؤمن أن ولي العهد السعودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانا على قدر من المسؤولية الكبيرة، أدركا أن لديهما مشكلة، وعملا على حلها.
ورداً على سؤال عما قاله لولي العهد السعودي، قال ترامب: “كانوا يجدون صعوبة في إبرام صفقة. قال ترامب لقد تحدثت معه هاتفياً، وتمكنا من التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج”.
في المقابل، لم يردّ المكتب الإعلامي الحكومي السعودي على طلب للتعليق، في حين شدّد مسؤول سعودي -طلب عدم الكشف عن اسمه- على أن الاتفاقية تمثل إرادة جميع الدول فيما يسمى بمجموعة أوبك+ للدول المنتجة للنفط، والتي تضم أوبك بالإضافة إلى تحالف بقيادة روسيا.
كذلك قال المسؤول السعودي الذي رفض ذكر اسمه: “السعودية والولايات المتحدة وروسيا لعبت دوراً مهما في اتفاق أوبك+ لخفض النفط، لكن لولا تعاون 23 دولة شاركت في الاتفاق لَما حدث ذلك”.
يذكر أنه في الأسبوع الذي سبق مكالمة ترامب الهاتفية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قدّم عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الجمهوري، كيفين كريمر ودان سوليفان، تشريعاً لسحب جميع القوات الأمريكية وصواريخ باتريوت وأنظمة الدفاع المضادة للصواريخ من المملكة ما لم تخفض السعودية إنتاج النفط.
أحدثت الخطوة زخماً كبيراً وغضباً في الكونغرس، بسبب حرب أسعار النفط السعودية-الروسية في الوقت غير المناسب. وكانت المملكة قد زادت الإنتاج في أبريل/نيسان، وأطلقت العنان لفيض من الخام في الإمدادات العالمية، بعد أن رفضت روسيا تخفيض الإنتاج بما يتماشى مع اتفاقية إمداد أوبك السابقة.
فيما قال السيناتور الجمهوري كريمر، السيناتور الجمهوري، إنه تحدث إلى ترامب بشأن تشريع سحب الحماية العسكرية الأمريكية من السعودية، في 30 مارس/آذار، قبل ثلاثة أيام من اتصال الرئيس بولي العهد السعودي.
لدى سؤاله عما إذا كان ترامب أبلغ السعودية بأنها قد تخسر الدعم العسكري الأمريكي، قال وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت لرويترز إن الرئيس يحتفظ بالحق في استخدام كل أداة لحماية المنتجين الأمريكيين، بما في ذلك “دعمنا لاحتياجاتهم الدفاعية”.
إلى ذلك، تعتمد المملكة العربية السعودية على الولايات المتحدة للحصول على الأسلحة والحماية من المنافسين الإقليميين مثل إيران، لكن نقاط ضعف المملكة كُشفت أواخر العام الماضي في هجوم شنته 18 طائرة مسيرة وثلاثة صواريخ على منشآت نفط سعودية رئيسية، حيث ألقت واشنطن باللوم على إيران، لكن طهران نفت ذلك.
كان كريمر من بين 13 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين أرسلوا رسالة إلى ولي العهد السعودي، في 16 مارس/آذار، يُذكّره فيها باعتماد المملكة العربية السعودية الاستراتيجي على واشنطن.
لم يكتفِ ترامب بتهديد السعودية بسحب القوات الأمريكية، بل تبعه تهديد أمريكي باحتمالية فرض رسوم جمركية على واردات النفط من المملكة العربية السعودية وروسيا.
وبعد المحادثة مع ولي العهد السعودي، وأخرى في نفس اليوم مع بوتين، غرّد ترامب أنه يتوقع أن تخفض السعودية وروسيا إنتاجهما بنحو 10 ملايين برميل، وهو ما “سيكون رائعاً لصناعة النفط والغاز!”
ثم أكدت الرياض وموسكو في وقت لاحق أنهما استأنفتا المفاوضات.
في 3 أبريل/نيسان، استضاف ترامب اجتماعاً في البيت الأبيض مع بعض من أعضاء مجلس الشيوخ، من بينهم كرامر وسوليفان ومديرون نفطيون من شركات، بما في ذلك إكسون موبيل كورب، وشيفرون، وأوكسيدنتال بتروليوم كورب، وكونتيننتال ريسورسز.
وخلال الجزء العلني من الاجتماع أخبر كريمر ترامب بأن واشنطن يمكنها استخدام مليارات الدولارات التي تنفقها للدفاع عن المملكة العربية السعودية على الأولويات العسكرية الأخرى “إذا كان أصدقاؤنا سيعاملوننا بهذه الطريقة”.
يذكر أنه وبعد مفاوضات مطوّلة وشاقة، تعهّد كبار المنتجين بخفض إنتاجهم القياسي البالغ 9.7 مليون برميل يومياً في مايو/أيار، ويونيو/حزيران، وأشاد ترامب بالصفقة، وطرح نفسه كوسيط لها.
اقرأ أيضًا: السعودية والإمارات تفكران في بيع أصول لسداد ديون بـ 50 مليار دولار
اضف تعليقا