العدسة – جلال إدريس

(في صفقة القرن يعمل ثلاثة مستشارين للرئيس الأمريكي ترامب، من خارج الإدارة الأمريكية وهم “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى أمريكا يوسف العتيبة، والسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون درمر)..
بتلك الكلمات كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” النقاب عن المستشارين الذين يعملون مع الفريق السياسي الأمريكي الذي يقوم بالإعداد لصفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والتي يطلق عليها اسم “صفقة القرن”.
وبحسب الصحيفة فإنَّ هؤلاء الثلاثة يعملون كمستتشارين لترامب في “صفقة القرن” من خارج الإدارة الأمريكية، وهي الصفقة التي يطبخها ترمب للشرق الأوسط” في هدوء تام، وسيفاجئ بها ترامب العالم في وقت قريب.
إذًا فالتجهيزات لإتمام “صفقة القرن” تسير على قدمٍ وساق، وتشارك فيها أطراف عربية وإقليمية عدة، ومن المُقرر أن يطرحها الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، في شهر (مارس) القادم، ولذلك تعمل إسرائيل على مدار الساعة في تسريب المعلومات حول هذه الصفقة، التي بات يُطلق عليها الـ”صفقة التاريخيّة” في الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

زيارة بينس كانت للتسويق

نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس

نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس

بحسب الصحيفة الإسرائيلية فإنَّ الرئيس الأمريكي “ترمب” لن يعطي أي شخص تحذيرًا مسبقًا بشأن الصفقة، لكنه سيقف بكل بساطة لإلقاء خطاب احتفالي، ويعرض خلاله (الصفقة الكبيرة) للشرق الأوسط، ولن يكون هناك حوار مطوَّل مع الطرفين، ولن يعقد أي مؤتمر، كما فعل رؤساء الولايات المتحدة، فبكل بساطة سيضع الجميع في مواجهة الحقيقة ..” هذه هي الصفقة.. إذا شئتم اشتروها”.
ونقلت “الصحيفة” عن مسؤول أمريكي قوله قبيل مغادرة نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس الكيان الإسرائيلي خلال زيارته قبل أيام أن “الخطة ستعرض على الأرجح هذا العام 2018، ويجب أن يستعد الطرفان”.
وكان نائب الرئيس الأمريكي قد قام بزيارة مؤخرًا لعددٍ من دول المنطقة، شملت مصر والأردن واختُتِمَتْ بإسرائيل، غير أنه استثنى “فلسطين” من تلك الزيارة.
ووفقًا لمراقبين فإنَّ زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنيس إلى المنطقة جاءت في ظرف حساس، وفي لحظات حرجة جدًا، خصوصًا بعد القرار الأهوج الذي اتخذه الرئيس الامريكي ترمب باعتبار القدس الشريف عاصمة لدولة الاحتلال الإسرانيلي، وهو قرار مرفوض فلسطينيًا على الأقل حتى الآن.
ومن الواضح أنَّ هذه الزيارة كان هدفها بالأساس الإعداد لتسويق ”صفقة القرن” والتي تعد أحد أبرز بنودها “الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل” وإقامة وطن بديل للفلسطينيين على الأراضي المصرية، وتكون عاصمة الدولة الفلسطينية هي “رام الله”.
وشكلت زيارة “بينس” للقدس ولحائط البراق، استمرارًا في الانحياز الامريكي للاحتلال وسياساته وممارساته التنكيلية العنصرية، وتطبيقًا واعترافًا بقرار “ترامب” وتسويقه عربيًا وعالميًا.

دور السعودية في الصفقة

محمد بن سلمان

محمد بن سلمان

الصحيفة “الإسرائيلية” تحدثت عن دور السعودية، في الصفقة؛ حيث أكدت أن كافة المؤشرات تدلّ على أنّ إدارة ترامب وحكومة نتنياهو تُنسّقان لتطبيق بنود “صفقة القرن”، ولاسيما تلك التي تمثّل مكاسب جلية للدولة العبريّة حتى قبل الإعلان عن هذه الصفقة بشكلٍ رسميٍّ، والتي تمّ الكشف عنها في وثيقةٍ قدّمها أمين سر اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير، صائب عريقات، لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس، وتمّ تسريبها للقناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ أواخر الأسبوع الماضي.
وأكّدت المصادر الرفيعة في تل أبيب أنّ إسرائيل ستحصل على جائزة ترضية، وهي عبارة عن إقامة علاقات دبلوماسيّة وعلنيّة كاملة مع المملكة العربيّة السعوديّة، فيما ستقوم المملكة بمنح الفلسطينيين الأموال لإعمار الدولة العتيدة، أمّا المملكة الأردنيّة الهاشميّة فسيكون دورها في مساعدة الفلسطينيين في المجال السياسيّ.
وتناولت الكثير من وسائل الإعلام مضمون التقرير الذي رفعه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبيل انعقاد المجلس المركزي.
ويقول عريقات في تقريره إنّ “المرحلة المقبلة هي مرحلة فرض الإملاءات الأمريكية”، موضحًا أنّ التوصيات الواردة في هذا التقرير لا تمثل بأية حال من الأحوال إجماع أعضاء اللجنة السياسية؛ لأنه كانت هناك تحفظات وآراء مختلفة حول عدد من التوصيات”.

تبادل الأراضي وعاصمة فلسطين

ووفق للمحلل السياسي الإسرائيلي “أليكس فيشمان” فإنَّ صفقة “القرن” لن تكون فيها مقايضة متساوية للأراضي بين الفلسطيينيين والإسرائييلن؛ وذلك لأنَّ إسرائيل لا تملك القدرة على تسليم أراضٍ بهذا الحجم للفلسطينيين، وعلاوة على ذلك، فإنَّ نسبة 10٪ تعد بأن تكون المنطقة الفلسطينية ممزقة بالطول والعرض، وهنا يمكن حدوث أزمة حقيقية”.
وتابع “فيشمان” “لكن فيما يتعلق بالقدس- يخلق الفلسطينيون “أزمة مصطنعة- بحسب قوله” لأنّ خطة ترامب كما هي اليوم- ويمكن بالطبع أن تتغير- لا تتحدث عن أبو ديس كعاصمة فلسطينية، وإنما عن “أحياء في القدس” أو “ضواحي القدس”، والتي يمكن أن تدخل في تعريف “القدس الشرقية” كعاصمة.
وأشار إلى تصريحات بينس خلال خطابه في الكنيست الإسرائيلي قبل أيام بأنَّ الإدارة الأمريكية لن تتدخل في حدود العاصمة الإسرائيلية وتحديد الحدود بين الجانبين.

التخلي عن حق العودة

وحسب فيشمان فإنَّ “الخطة الحالية لترمب لا تشمل مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، لكن عليهم أن يتخلوا عن حق العودة”.
وفي هذا الإطار كشفت القناة الإسرائيلية الثانية في تقرير لها الجمعة الماضية أنَّ الهدف السياسي القادم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الحصول على تعهُّد من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب البساط من فكرة “حق العودة” للاجئين الذي تناشد به القيادة الفلسطينية.
ويأتي هذا المطلب في الوقت الذي تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى الرئاسة الفلسطينية أنّ موقفها من حق العودة للاجئين ثابت مثلها مثل الحدود والمياه.
وقال التقرير التلفزيوني الإسرائيلي، إنّ “انتصارات إسرائيل السياسية تحت إدارة ترامب تشمل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، التي وصفها ترامب نفسه بأنها بمثابة أخذ القدس خارج الطاولة كقضية تفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وتابع التقرير “بعد الضربة التي وجهها للفلسطينيين باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، زاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس من تصعيد لهجته مهددًا بوقف المساعدة الأمريكية للفلسطينيين إذا لم تعد قيادتهم إلى مفاوضات السلام المتوقفة منذ سنوات”.
وتعتبر منظمة التحرير الفلسطينية مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتفكيك وكالة غوث وتشغل اللاجئين (الأونروا)، استهدافًا لحق العودة، وطالب نتنياهو بدمج الأونروا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وكان لنتنياهو حديث مع مندوبة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة نيكي هيلي قال فيه: إنه “قد آن الأوان للأمم المتحدة أن تنظر في استمرار عمل الأونروا”.
وأضاف “منذ الحرب العالمية الثانية كان ولا يزال هناك عشرات الملايين من اللاجئين، ولهم جميعًا تمّ تخصيص مفوضية سامية في الأمم المتحدة، بينما للاجئين الفلسطينيين، الذين تمّ توطين الأغلبية الساحقة منهم، هناك مفوضية خاصة بهم فقط”.
وعلى هذه الأساس فإنَّ أحد أبرز بنود “صفقة القرن” التي يسوّيها ترامب على مهل، بمساعدة بعض حكام الدول العربية، هو استصدار قرار دولي، بإلغاء حق العودة للفلسطينين.