في خطوة تعكس توجهًا جذريًا لإعادة رسم السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وقع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي أحدثت ضجة واسعة، مستهدفًا مجالات متعددة تشمل الهجرة، الأمن القومي، حرية التعبير، والطاقة، إلى جانب قرارات أثارت جدلاً كبيرًا حول العدالة الانتقالية والمناخ.

العفو عن مدانين في أحداث اقتحام الكابيتول

أحد أكثر القرارات إثارةً للجدل كان العفو الكامل عن حوالي 1,500 شخص أدينوا بتهم مرتبطة بأحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. 

هذه الخطوة تأتي في سياق سعي ترامب لإعادة تأطير الرواية حول تلك الأحداث، معتبرًا أن المدانين وقعوا ضحايا لملاحقات سياسية غير عادلة. القرار قوبل بانتقادات واسعة، إذ رأى معارضوه أنه يضرب أسس العدالة وسيادة القانون.

تصنيف عصابات المخدرات كمنظمات إرهابية

وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يصنف عصابات المخدرات، وخصوصًا تلك القادمة من المكسيك، كمنظمات إرهابية أجنبية، مما يتيح للجيش الأمريكي استخدام القوة المميتة ضدها. هذا القرار من شأنه تصعيد المواجهة مع الكارتلات الإجرامية، لكنه يثير مخاوف بشأن تداعياته الدبلوماسية على العلاقات مع المكسيك.

انسحاب رسمي من اتفاقية باريس للمناخ

في توجه يؤكد أولوياته الاقتصادية، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، مشددًا على أن الاتفاق يشكل عبئًا اقتصاديًا ضخمًا على الشركات والعاملين الأمريكيين. وصرح بأن هذه الخطوة ستوفر ترليون دولار للاقتصاد الأمريكي، في خطوة تلقى دعمًا من الشركات الكبرى، لكنها تثير قلقًا عالميًا حول التزام واشنطن بمكافحة التغير المناخي.

مواجهة “الأيديولوجيا الجندرية”

في إطار سياساته الاجتماعية المحافظة، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يستهدف ما أسماه بـ”الأيديولوجيا الجندرية الراديكالية”، مشددًا على ضرورة الحفاظ على المفاهيم التقليدية للجنس. القرار يتماشى مع أجندة التيار اليميني المحافظ، لكنه يواجه انتقادات حقوقية واسعة باعتباره خطوة نحو تقييد حقوق مجتمع الميم.

إلغاء الجنسية التلقائية لأبناء المهاجرين غير الشرعيين

في خطوة تصعيدية تجاه ملف الهجرة، ألغى ترامب منح الجنسية التلقائية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة من مهاجرين غير شرعيين، في محاولة لمعالجة ما وصفه بـ”ثغرة” في النظام القانوني للهجرة. هذا القرار يتوقع أن يواجه تحديات قانونية كبيرة، حيث قد يتعارض مع التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي.

استغلال موارد ألاسكا الطاقوية

على الصعيد الاقتصادي، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا لتعزيز استغلال الموارد الطاقوية في ألاسكا، معتبرًا أن الولاية تمتلك إمكانات ضخمة تجعلها لاعبًا رئيسيًا في استراتيجية الطاقة الوطنية. هذا القرار قد يعزز الاستقلال الطاقوي للولايات المتحدة، لكنه قد يواجه انتقادات من المدافعين عن البيئة.

إعادة تفعيل سياسات أمن الحدود الصارمة

ضمن أجندته لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يعيد العمل بسياسة “البقاء في المكسيك”، التي تلزم طالبي اللجوء بالانتظار خارج الولايات المتحدة حتى يتم البت في طلباتهم. هذا الإجراء، رغم فعاليته في تقليل تدفق المهاجرين، يثير مخاوف حقوقية بشأن أوضاع اللاجئين.

حماية حرية التعبير ومكافحة الرقابة

في خطوة تعكس توجهه لمواجهة ما يصفه بـ”الرقابة الحكومية”، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يوجه الحكومة الفيدرالية لضمان حرية التعبير ومنع أي رقابة مستقبلية. هذا القرار يأتي في سياق انتقاداته المتكررة لمنصات التواصل الاجتماعي التي اتهمها سابقًا بالتضييق على الأصوات المحافظة.

محاسبة المسؤولين عن تسريبات المعلومات الحساسة

أمر تنفيذي آخر يهدف إلى محاسبة المسؤولين الحكوميين السابقين على تسريب المعلومات الحساسة بشكل غير قانوني، وهي خطوة قد يكون لها تداعيات على شخصيات بارزة مثل جوليان أسانج، مؤسس ويكيليكس، الذي لا يزال يواجه تهديدات قانونية أمريكية.

إلغاء 78 إجراءً تنفيذياً من إدارة بايدن

في محاولة لعكس سياسات سلفه، ألغى ترامب 78 أمرًا تنفيذيًا أصدرها الرئيس جو بايدن، شملت تنظيمات المناخ، سياسات الهجرة، والإنفاق الفيدرالي. هذه الخطوة تعكس سعيه لاستعادة نهجه السياسي الذي تم تقويضه خلال إدارة بايدن.

استحداث وزارة كفاءة الحكومة

في مفاجأة بيروقراطية، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا لإنشاء وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، والتي تتكون من فريق صغير مكلف بضمان تنفيذ السياسات الحكومية بفعالية. رغم أن الهدف المعلن هو تحسين أداء المؤسسات، إلا أن هناك تساؤلات حول جدوى هذا الكيان الجديد.

انعكاسات الأوامر التنفيذية.. إعادة تشكيل المشهد الأمريكي

تعكس هذه الأوامر التنفيذية محاولة ترامب إعادة تشكيل السياسة الأمريكية وفق رؤيته المحافظة، في خطوة قد تثير صدامًا مع الكونغرس والمؤسسات الفيدرالية، خاصة في ظل احتمال وجود معارضة قانونية لبعضها. ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، من المتوقع أن تشكل هذه السياسات محورًا رئيسيًا في الجدل السياسي الأمريكي خلال الفترة المقبلة.