العدسة: باسم الشجاعي

أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة العمل بالعقوبات التي كانت مفروضة على طهران، وهو ما أثار حفيظة العديد من دول العالم، فيما عدا بعض الحلفاء في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم “إسرائيل” والإمارات والبحرين والسعودية.

وقال، في خطاب متلفز له، “الثلاثاء” 8 مايو – إن “الاتفاق النووي لم يضمن الحد من نشاطات إيران الخبيثة، ولدينا أدلة مؤكدة تثبت أن النظام الإيراني ينتهك الاتفاق النووي”.

وتابع ترامب: “الاتفاق النووي لن يأتي بالسلام ومنذ التوصل إليه زادت أرباح إيران بنسبة 40%، وزادت الفوضى في الشرق الأوسط، وسمح للنظام الإيراني باستمرار تخصيب اليورانيوم”.

واستشهد الرئيس الأمريكي، بالوثائق التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” عن برنامج طهران النووي.

ومضى قائلًا: “ما نقوم به يبعث رسالة تقول إن أمريكا لا تطلق تعهدات فارغة بل نفعل ما نقوله”، ملوحا باحتمالية أن تفرض أمريكا عقوبات على دول أخرى (لم يسمها).

وكشف الرئيس الأمريكي، أن هذا القرار جاء بعد مشاورات أجراها مع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا والشرق الأوسط، مضيفًا: “سنعمل مع حلفائنا للعثور على حل شامل ودائم للتهديد النووي الإيراني”، على حد تعبيره

“روحاني” يرد

وبعد إعلان “ترامب”، شن الرئيس الإيراني “حسن روحاني” هجوما حادا على الولايات المتحدة.

وقال -في كلمة له نقلها التلفزيون الرسمي عقب كلمة “ترامب”: “الليلة رأينا تجسيدا لكلام قلناه قبل 40 عاما وهو أن أمريكا دولة تنقض العهود”.

واعتبر الرئيس الإيراني أن بلاده تلتزم بما تتعهد به بينما أمريكا لم ولن تلتزم بما تتعهد به على الإطلاق.

ووصف انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي بأنه “تتويج لمساعيها الحقيقية على الأرض”.

وأشار إلى أن بلاده ستنتظر لمعرفة موقف الدول الأخرى في الاتفاق النووي حيال القرار الأمريكي.

وتابع: “أصدرت تعليمات لوزارة الخارجية لتدخل في مباحثات مع روسيا والصين وتقوم بالتقييمات الضرورية”.

ومضى  قائلًا: “أمريكا كانت ولا تزال تعامل الشعوب بطريقة عدائية وتدخل في الانقلابات العسكرية في إيران وساندت الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأسقطت طائرة مدنية”.

وأضاف: “لن نسمح لترمب بأن يمارس أي ضغوط نفسية أو اقتصادية على الشعب الإيراني”

وتوعد الرئيس الإيراني بقيام بلاده بـ”التخصيب الصناعي في المستقبل دون أي قيود إذا اقتضت الحاجة”.

لم يمر 3 سنوات

ويذكر أنه في 2015، كانت وقعت إيران، مع الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والولايات المتحدة وفرنساوالصين وبريطانيا) وألمانيا، اتفاقًا حول برنامجها النووي.

وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

ومن أبرز الانتقادات التي وجهتها إدارة ترامب لهذا الاتفاق، بند ينص على إسقاط بعض القيود التقنية على الأنشطة النووية تسقط تدريجيا بداية من من 2025، بالإضافة إلى عدم تطرق هذا الاتفاق للنفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، والأسلحة الإيرانية البالستية.

وكان الانسحاب من هذا الاتفاق من بين الوعود التي قدمها ترامب خلال حملته للرئاسيات الأمريكية سنة 2016.

المجتمع الدولي يرفض

وعقب إعلان “ترامب” الانسحاب من الاتفاق عم الرفض المجتمع الدولي؛ حيث قال الاتحاد الأوروبي، إنه لا يزال مصمما على الحفاظ على مشاركته في الاتفاق النووي مع إيران.

وقالت مسؤولة السياسية الخارجية للاتحاد الأوربي “فيديريكا موغيريني”: “مازلنا مصرين على الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران”، مضيفة أن الاتفاق النووي مع إيران هو أحد الإنجازات الكبرى للدبلوماسية الدولية”

وبدوره أعلن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن “أسف فرنسا وألمانيا وبريطانيا للقرار الأمريكي بالانسحاب من اتفاق إيران النووي”.

وقال مصدر في الإليزيه إن “ماكرون” بحث الملف الإيراني والقرار الأميركي بشأنه، في اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” ورئيسة وزراء بريطانيا “تيريزا ماي”.

أما الخارجية الروسية، فقد أوضحت أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني يُعد “تهديدا للأمن الدولي”، مؤكدة أن “سعي واشنطن لزيادة الضغط على إيران لا علاقة له بالبرنامج النووي الإيراني”.

وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو ستحترم التزاماتها ضمن الاتفاق النووي الإيراني ما دامت الدول الأخرى تفعل ذلك، واعتبرت أن أي تغيير في الاتفاق النووي غير مقبول.

“الإمارات والسعودية وإسرائيل” تؤيد

على الجهة الأخرى أعلنت السعودية والبحرين والإمارات وإسرائيل تأييدهم قرار الرئيس الأمريكي، “دونالد ترامب”، الانسحاب رسميًا من الاتفاق النووي مع إيران.

جاء ذلك في بيانات منفصلة نشرتها الوكالات الرسمية لكل دولة على حدة.

وقالت السعودية إنها: “تؤيد وترحب بالخطوات التي أعلنها دونالد ترامب حيال انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي، وتؤيد ما تضمنه الإعلان من إعادة فرض للعقوبات الاقتصادية على إيران والتي سبق وأن تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي”.

وبينت أن “إيران استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها (بموجب الاتفاق النووي) واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة”.

ودعت المجتمع الدولي لاتخاذ “موقف حازم وموحد تجاه إيران وأعمالها العدائية المزعزعة لاستقرار المنطقة، ودعمها للجماعات الإرهابية، خاصة حزب الله وميليشيا الحوثي، ودعمها لنظام الأسد والذي ارتكب أبشع الجرائم ضد شعبه والتي أدت إلى مقتل أكثر من نصف مليون من المدنيين، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية”.

فيما أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، بقرار “ترامب”، قائلًا إن الاتفاق لم يحد من نشاط إيران النووي، وأعلن رسميًا انسحاب واشنطن منه، وأنه سيوقّع على قرار إعادة فرض العقوبات على طهران.

وخلال مؤتمر صحفي، وصف نتنياهو قرار حليفه ترامب بأنه “صحيح وشجاع”.

وأضاف أنه “لو استمر الاتفاق النووي لكانت إيران ستملك ما يكفي من المواد لتطوير ترسانة كاملة من القنابل”.