اعتقلت السلطات التركية على اثنين من عناصر المخابرات لصالح دولة الإمارات المتحدة بإسطنبول.

ونشرت محطة تي.آر.تي صورا للمشتبه بهما أثناء احتجازهما وهما واقفان أمام العلم التركي. كما نشرت صور يبدو أنها التقطت من قبل سرا للرجلين وهما يسيران معا في أحد الشوارع.

وذكرت القناة أن النيابة وجهت لكل من “سامر سميح شعبان” 40 عاما و”زكي يوسف حسن” 55 عاما ويحملان جوازي سفر فلسطينيين، تهمة الحصول على معلومات سرية خاصة بالدولة بغرض التجسس السياسي والعسكري.

وقال مسؤول تركي كبيرفي تصريحات لوكالة رويترز “إن تركيا ألقت القبض على اثنين من عناصر المخابرات اعترفا بالتجسس على رعايا عرب لحساب دولة الإمارات “.

وأشار أن التحقيق معهم مستمر، وخاصة حول إذا كان قدوم أحدهما إلى تركيا مرتبطا بقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، مضيفا أنه وضع تحت المراقبة لستة أشهر قبل الاعتقال.

وذكر المسؤول أن أحد الرجلين وصل إلى تركيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 بعد أيام من مقتل “خاشقجي” داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، مضيفا أن الآخر جاء لتخفيف عبء العمل عن زميله.

 

جمع معلومات

واحتمل المسؤل من اعترافات المتهميين أنهم كانوا بصدد جمع معلومات عن عرب، بينهم معارضون سياسيون، وطلابا، يعيشون في تركيا، مشيرا أن المشتبه بهما جندا أفرادا ودفعا لهما مقابل الحصول على معلومات.

ووفقا للتفاصيل الواردة بشأن مهمة الجاسوسين، فقد تركزت على متابعة أنشطة حركتي فتح وحماس في تركيا وأسماء المنتسبين إليهما والمسؤولين فيهما، كذلك كان من بين المهام الموكلة إلى المتهمين الحصول على الهيكلية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا.

وأمرت المحكمة التركية بإبقاء المشتبه بهما في الحبس لاتهامهما بالتجسس الدولي والسياسي والعسكري.

ألقي القبض على الرجلين في إطار عملية لمكافحة التجسس، وصادر مسؤولون أتراك جهاز كمبيوتر مشفرا كان في جزء خفي في مقر شبكة التجسس.

وأكد المسؤول أنه لديهم أدلة قوية على وجود أنشطة سرية للمتهمين في تركيا، ووصف القضية بأنها محكمة، مضيفا أن المتهمين اعترفا بأن جهاز المخابرات الإماراتي جندهما.

 

علاقتهم بدحلان

كشفت شبكة “تي آر تي” التركية أن المتهمين بالتجسس لصالح الاستخبارات الإماراتية اللذين اعتقلتهما السلطات التركية على صلة بالقيادي الفلسطيني “محمد دحلان” الذي يقيم في أبو ظبي.

ووفقا للائحة الاتهام التي أعدها المدعي العام الجمهوري في إسطنبول أن المتهمين كانا على صلة بالقيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح “دحلان” الذي يقيم في الإمارات، والذي تقول السلطات التركية إن لديها أدلة على تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو/تموز 2016.

وقالت شبكة “تي آر تي” إن التحقيقات التي بدأت بعد تعقب اتصالات “دحلان” مع أفراد يقيمون داخل تركيا أظهرت أن “زكي يوسف حسن” كان أحد المسؤولين الكبار في جهاز الاستخبارات الفلسطينية، وانتقل بعد تقاعده من العمل إلى بلغاريا مع عائلته قبل أن يتوجه إلى إسطنبول ويعمل في التجسس بتوجيهات من “دحلان”.

وأضافت أن “سامر سميح شعبان” انتقل من غزة إلى إسطنبول عام 2008 بسبب اشتعال الأزمة بين حركتي فتح وحماس، وتظهر التحريات التي تتبعت حساباته البنكية ورسائله الإلكترونية تواصله النشط مع “دحلان” والتورط في أنشطة تجسسية.

وكشفت وكالة رويترز من قبل في تحقيق لها، أن الإمارات العربية المتحدة جندت فريقا من العملاء السابقين في وكالات استخبارية أميركية، للتجسس على الحكومات والناشطين في مجال حقوق الإنسان والمعارضين في العالم العربي وخارجه.

وقالت في التحقيق ” أن أعضاء الفريق السري المتعاقدون في “مشروع رايفن” تمركزوا داخل فيلا في أبوظبي، وتقاضوا رواتبهم عبر شركة “دارك ماتر”، وتجسسوا لمصلحة الإمارات العربية المتحدة على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، معتمدين على تقنيات تعلموها خلال فترة خدمتهم في “وكالة الأمن القومي” (إن إس إيه)، وفق ما كشفت العميلة السابقة في المشروع، الأميركية “لوري ستراود”.

وأوضحت “ستراود” أنها قررت كسر الصمت والسرية المحيطين بهذا المشروع فقط، بعدما اكتشفت أن عمليات التجسس انتقلت لاحقا لتستهدف مواطنين أميركيين.

استخدمت الإمارات أداة تجسس “كارما”، ووصف العاملون السابقون في “مشروع رايفن” الأداة بأنها قادرة على اختراق هواتف “آيفون” عبر تحميل أرقام الهواتف أو حسابات البريد الإلكتروني في نظام استهداف آلي.

وقال العاملون “أن “كارما” لا تعمل على الهواتف العاملة بنظام أندرويد، ولا تستطيع اعتراض المكالمات الهاتفية، والفعالية الأكبر لـ “كارما” تتمركز في بساطتها، إذ لا تتطلب حتى من الهدف الضغط على رابط يوجه إلى هاتفه من نوع آيفون”.

ويذكر أن أداة التجسس المتطورة “كارما” سمحت للإمارات بمراقبة مئات الأهداف، منذ عام 2016، وشملت أمير دولة قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، ونائب رئيس الوزراء التركي “محمد شمشك”، والوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان “يوسف بن علوي”، والناشطة اليمنية “توكل كرمان”، والناشط الإماراتي المعتقل حاليا “أحمد منصور”، والصحافي البريطاني “روري دوناغي”، وثلاثة صحافيين أميركيين، بناء على شهادات خمسة عملاء سابقين ووثائق اطلعت عليها “رويترز”.

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، عن تعاقد أجهزة الأمن الإماراتية مع شركات أمنية إسرائيلية لاختراق أجهزة الهواتف الذكية بهدف التجسس على مسؤولين قطريين في مقدمتهم أمير قطر، إضافة إلى التنصت على عدد من السياسيين والصحافيين وشخصيات معارضة ومثقفة.

وعلى الرغم من أن دولة الإمارات لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الطرفين تربطهما علاقة تعاون أمني وثيقة، كما كشفت الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة الأميركية.

وبحسب الصحيفة، فقد استخدم حكام الإمارات برنامج التجسس الإسرائيلي، محولين بشكل سري الهواتف الذكية للمعارضين في الداخل والخصوم في الخارج إلى آلات مراقبة.