العدسة – موسى العتيبي

تزايد أعداد الجنود السعوديين المتساقطين على الحدود الجنوبية للمملكة بنيران حوثية أمر بات مثيرا للجدل داخل الشارع السعودي، بالرغم من كل المحاولات الرسمية التي تحاول التكتم على أعداد القتلى.

الخميس الماضي فقط أعلنت وسائل إعلام سعودية عن مقتل ثلاثة جنود في الحد الجنوبي ليرتفع بذلك قتلى الجيش السعودي في اشتباكات مع الحوثيين الأسبوعين الماضيين فقط لنحو 20 مجندا.

فما هو العدد الحقيقي للقتلى السعوديين على الحدود؟ وهل ينزعج محمد بن سلمان لقتلى الجيش السعودي على الحدود؟ وهل يتسبب نزيف الدم المتواصل على الحدود في موجة غضب ضد “بن سلمان”؟

قتلى بالمئات

بتتبع بسيط لوقائع قتل الجنود السعوديين عبر الحدود، يتضح أنه لا يمر أسبوع واحد على الأقل حتى يتم الإعلان عن قتل جنود سعوديين بالحد الجنوبي للمملكة في اشتباكات مسلحة مع الحوثيين.

وبرغم أنه حتى الآن لا يوجد إحصاء رسمي عن عدد قتلى الجنود السعوديين، على الشريط الحدودي مع اليمن، إلا أن تقارير غير رسمية، تؤكد أنهم بالمئات، وربما يصلون للآلاف منذ بداية الحرب على اليمن وحتى اليوم.

وفي شهر أغسطس الماضي أجرت وكالة الأناضول إحصاء عن عدد قتلى الجيش السعودي على الشريط الحدودي مع اليمن، ليتبين مقتل أكثر من 5 مجندين في نحو ثلاثة أشهر فقط.

Related image

صوره من جنازة أحد الجنود السعوديين

تكتيم إعلامي

في مقابل ذلك فإن السلطة السعودية وعلى رأسها “محمد بن سلمان” ولي عهد المملكة، تسعى وبقوة للتقليل من خطورة الخسائر التي تتكبدها القوات السعودية على الحدود، وتعمل جاهدة، من خلال وسائل الإعلام بإقناع المواطن السعودي، أن الحرب في اليمن تسير على قدم وساق لصالح “بن سلمان” وحلفائه، وأن الحوثيين وقوات صالح باتوا في حصار محكم.

وبحسب موقع (IHS Jane’s ) البريطاني المختص بالتحليلات العسكرية والأمنية، فإنه منذ أن شنت السعودية حملتها العسكرية في اليمن في مارس 2015، أعلنت السلطات، بشكل متقطع، مقتل جنودها في القتال على طول الحدود، لكن الفيديوهات التي ينشرها الإعلام الحربي لجيش اليمن واللجان الشعبية، تبين أن السعودية تقلل من ضحايا جنودها الذين قتلوا في القتال على الحدود.

ولفت الموقع المختص، أن الجيش السعودي، لا يعلن عن كل ضحاياه الذين قضوا جراء الهجمات العسكرية والصاروخية التي يشنها الجيش اليمني واللجان الشعبية الحوثية على الحدود الجنوبية للمملكة.

ويكتفي الإعلام السعودي بالإعلان قتل جندي أو جنديين أو ثلاثة بين الحين والآخر، بينما يواصل الإعلام تمجيد الانتصارات التي تحققها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.

ولتعزيز فكرة الانتصارات السعودية، يبث التحالف السعودي بين الحين والآخر مقاطع فيديو، تثبت قيامه بعمليات قصف لمواقع عسكرية بالقرب من الحدود اليمنية، وقتله عشرات الحوثيين، دون توثيق دقيق لتلك الأعداد، في حين يغض التحالف الطرف تماما عن قتلاه.

Image result for ‫بن سلمان مع جنود سعوديين‬‎

بن سلمان

غضب شعبي

الجنازات المكررة لمجندين سعوديين لقوا حتفهم على حدود اليمن، بدأت في إثارة حالة من الغضب بين المواطنين السعوديين، الذين تزايدت تساؤلاتهم عن مصير الحرب مع اليمن وإلى متى تستمر وما الداعي لها؟

وبرغم حرص النظام السعودي على إبداء الاهتمام بضحايا الحدود، وتكريم أسرهم وصرف المعونات لهم، تلاشيا لأي غضب شعبي على تزايد أعدادهم، إلا أن كل ذلك لم يمنع أحاديث المواطنين السعوديين، بأن الأسرة الحاكمة تدفع بأبنائهم للموت في حرب لا طائل لهم بها.

ما أزعج المواطنين السعوديين أن القصف الحوثي المتواصل للحدود الجنوبية، لم يتوقف فقط على قصف المواقع العسكرية وقتل المجندين، لكن القصف يتواصل على منازل سكنية ومدارس ومؤسسات عامة.

آخر تلك القذائف ما أعلنه المتحدث باسم “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن في سبتمبر الماضي عن سقوط ثلاثة قذائف صاروخية على قرية “العارضة” الواقعة في منطقة جازان بجنوب غرب المملكة وأن إحداها أصابت مدرسة ابتدائية وخلفت أضرارا مادية دون الإعلان عن سقوط ضحايا.

مايزعج المواطنين أن السلطات السعودية بدت وكأنها عاجزة عن إيقاف تلك الصواريخ الحوثية المستمرة في الإطلاق عبر الحدود، رغم الترسانة العسكرية السعودية القوية التي توجهها ضد الحوثيين في اليمن.

Image result for ‫جنود يمنيين‬‎

جنود يمنيين

تطوير الصواريخ

ووفقا لتقرير سابق لـ” بي بي سي عربي” فإن تطوير القدرات الصاروخية لدى مقاتلي حركة أنصار الله الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح كماً ونوعا، باتت تشكل مصدر إزعاج حقيقي للسعوديين.

الصواريخ الحوثية المطورة محليًا من نوع سكود وتوشكا وبركان وزلزال وغيرها بدأت تصل لأهداف في عمق الأراضي السعودية وعلى الحدود مع اليمن وداخله وقبالة سواحله على البحر الأحمر.

وفي رأي خبراء عسكريين فإن الحوثيين تمكنوا بمساعدة خبراء إيرانيين ومن حزب الله اللبناني من تصنيع طائرات دون طيار قادرة على القيام بمهام استطلاعية وأخرى لحمل رؤوس متفجرة، ما يشكل خطرا كبيرا على الحدود السعودية اليمنية.

ويقول الباحث اللبناني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد الركن هشام جابر إن “الحوثيون اليمنيون كانوا يملكون كمية من الصواريخ قبل عاصفة الحزم التي قالت إنها دمرت هذه الصواريخ، وهذا غير صحيح، فتطوير السلاح الحوثي مستمر وبقوة”.

مرتزقة لتأمين الحدود

مواقع يمنية تابعة للحوثيين الشيعة وأخرى مستقلة باتت تتحدث عن استعانة السعودية بمرتزقة لتأمين حدودها في محاولة لإبقاء القوات السعودية بعيدا عن القتال، لتلاشي الغضب الشعبي من تزايد أعداد القتلى.

وبين مواقع تقول إن الجنود المرتزقة على الحدود هم من التشاديين، تقول مواقع أخرى أنهم سودانيون، وأخرى تقول إنهم من اليمنيين أنفسهم الذين جندتهم السعودية ضمن القوات الموالية لها في اليمن.

Image result for ‫جنود مرتزقه‬‎

مرتزقة “كولومبيين”

 

وبالرغم من عدم وجود معلومة دقيقة حول المرتزقة، خصوصا وأن جميعها أخبار تبثها مواقع حوثية شيعية، معادية للسعودية، إلا أن تزايد أعداد القتلى بالجيش السوداني تشير إلى احتمالية تخصيص كتائب من الجيش السوداني لحماية الحدود السعودية.

ما يعزز ذلك  هو أن مصادر عسكرية يمنية تشير إلى أن عدد القوات السودانية التي وصلت إلى اليمن منذ بدء عاصفة الحزم، تتخطى الـ 8 آلاف قتيل منهم نحو 300 جندي، وهو ما يعد العدد الأكبر في صفوف القتلى من بين المشاركين في قوات التحالف العربي.

ومنذ إعلان الرئيس البشير في 2015 مشاركة بلاده في التحالف العربي ضد الحوثيين الشيعة في اليمن، وتحاول السلطات السودانية جاهدة إخفاء أيّ معلومات تتعلق بالقوات البرية التي لا تزال حتى اليوم تصل عبر البحر الأحمر، بالخفاء والعلن.