العدسة – معتز أشرف

احتلال سعودي اكتملت أركانه في سرية تامة أمس، بحلول جنود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أرض جزيرة تيران المصرية، رغم أحكام القضاء النهائية التي تجاهلها الرئيس المصري المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي، ورغم الغضب الشعبي والملاحقة القضائية المستمرة لإيقاف ما أسمته إجراءات الخيانة، التي تمت بتوقيع ترسيم الحدود المشين بين مصر والسعودية، وهو ما جدد الغضب فورما راجت الأنباء عن تسليم السيسي لابن سلمان الأرض، إلا أن السلطات المصرية مارست عادتها في نفس التوقيت باعتقال محامين مشاركين في هيئة الدفاع عن مصرية تيران وصنافير!.

غضب واسع

وشن مغرودن ومدونون وسياسيون هجوما حادًّا على التسليم ووصفوه بالخيانة والاحتلال السعودي، وعلى وسم “#تيران_وصنافير_مصرية” أعاد النشطاء على “تويتر” الدفاع عن مصرية الجزيرتين والهجوم على السيسي و”بن سلمان”، حيث قالت المغردة “أماني”: “أنا من الجيل اللي اتربى على عقيدة جيشه إن إسرائيل هي عدو مصر الأول وأن روحنا فدا حبة رمل واحده من بلدنا .. مش بيع جزيرتين و طيارات صهيونيه بتبرطع في #سيناء يا نطع.. السيسي و برلمانه لا يمثلوني من بعد بيع الجزيرتين وبداية الاحتلال السعودي الإماراتي الصهيوني لمصر”.

وأضاف محمد أبو العنين: ” حرصا على علاقة الصداقة مع الإخوة السعوديين، أقر أنا صاحب هذا الحساب أن أي تسليم لأراض مصرية من قبل أي غاصب للسلطة وعميل يشكل جريمة خيانة، وأن أي قوات أجنبية تدخل أراض مصرية هي بمثابة قوات محتلة يتحمل صاحبها كامل المسئولية عن نتائج فعله #تيران_وصنافير_مصرية”.

وتابع لؤي عمران، بلهجة عامية مصرية، منتقدا الخيانة بحسب تعبيره قائلا: ” ما هو الخونة زي اللصوص لازم يسلكو البضاعة في الضلمة ولا من شاف ولا من دري ..#تيران_وصنافير_مصرية وراجعة راجعة وساعتها الحساب حيجمع يا خونة  ” .

المغرد “إسلام عرفة ” علق على الأنباء قائلا: ” مش ناسيين #تيران_وصنافير_مصرية “، فيما قال مغرد آخر سمى نفسه  “حدوته مصرية”: ” انبارح الجزر تيران وصنافير تم تسليمها للسعوديه وإجلاء الجنود المصريين من عليها وإحضار جنود سعودين لحراستها #تيران_وصنافير_مصرية”، فيما ترحم المغرد على جده بسبب استبدال القوات المصرية في جزيرة تيران بقوات سعودية، وسط تكتم من الجانبين المصري والسعودي، قائلا: “الله يرحمك يا جدي .. دمك راح هدر على أرض تيران”.

المغردة رشا أبو العلا، تحدثت عن خطة إلهاء من النظام، بالتزامن مع التسليم، قائلة: ” لازم يوم تسليم الجزيرتين للسعودية يلهو الناس بموضوع مثير .. فاتنتشر فيديوهات لرقاصة على مواقع السوشيال ميديا، وبعدين يقبضوا عليها والهري يشتغل .. نفس أجندة الإلهاء في صفحة كل ديكتاتور #تيران_وصنافير_مصريه ” .

وقال ائتلاف ضباط من أجل الثورة على حسابه على “تويتر”: “في سرية تامة كما اللصوص، قيادة الجيش المصري تسلم #السعودية الأرض المصرية  #تيران و #صنافير، “، فيما طالب المدون كريم عارف بمحاكمة السيسي بقوله: ” كنت أحاول أقول إنه مفيش من جهة ذات مصداقيه، ولكن للأسف ابتدى مصادر ذات مصداقيه تنشر الخبر، يجب محاكمة كل من ساهم في ده للمحاكمة وأولهم السيسي، ديه خيانة”.

بالتزامن مع الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن حسام مؤنس المتحدث الإعلامي باسم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، عند اعتقال محامين شاركوا في الدفاع عن مصرية تيران وصنافير، حيث قال مستخدما وسم “#تيران_وصنافير_مصرية” على صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك “: “القبض على الصديق النبيل سامي النهري قبل أيام من نظر القضية المقامة ضده وعدد من الزملاء على خلفية دفاعهم عن مصرية تيران وصنافير، وقبلها القبض على حسن البنا ومصطفى الأعصر، واستمرار حملات البلاغات المدفوعة والتشويه المنحط ضد قيادات المعارضة المصرية، دليل جديد على فزع هذه السلطة وضعفها الذي تخفيه وراء كل هذا القدر من التسلط والاستبداد والعصف بكل من يتبنى رأيا أو يتخذ موقفا معارضا لسياساتها وممارساتها الجنونية التي ربما تكون مرشحة للتصاعد خلال الأيام والأسابيع والشهور المقبلة.

ما حدث!

في سرية تامة، كشف مصدر دبلوماسي غربي أن مصر سلّمت جزيرة تيران في مضيق تيران بالبحر الأحمر لنظيرتها السعودية، وبحسب موقع “مدى مصر”، فإنه تم إجراء تسليم كافة مقومات السيادة المصرية على الجزيرة، بعد ظهر أمس الثلاثاء، حيث حل الجنود السعوديين محل المصريين، ويأتي ذلك رغم أن المحكمة الدستورية العليا، أعلى محكمة مصرية حاليا، حددت جلسة 3 مارس المقبل للنطق بالحكم في دعوى فض التناقض بين الأحكام الصادرة من مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، والتي يعدها مراقبون قضائيون جلسة فصلية في مسار قضية “تيران وصنافير” أمام المحكمة الدستورية، حيث ستشهد النطق بالحكم في دعوى التناقض، بالإضافة للحكم في منازعتي التنفيذ المقامتين من الحكومة لإلغاء حكم الإدارية العليا ببطلان التوقيع على الاتفاقية بحجة أنه مخالف لمبادئ سابقة للمحكمة الدستورية.

المحامي والمرشح المنسحب من انتخابات الرئاسة الحالية في مصر، خالد علي، ومعه محامون محسوبون على جماعات المعارضة ورفض الانقلاب، منهم محامون لجماعة الإخوان المسلمين، قدموا العديد من الإجراءات القانونية التي تحبط الخيانة التي جرت ممن يصفونه بالانقلابي المستبد، عبد الفتاح السيسي الرئيس المصري المنتهية ولايته، ومنها ما قدمه “خالد علي ” في جلسة 28 يناير الماضي، من خرائط ووثائق لإثبات مصرية جزيرتي “تيران وصنافير”، ودفع بعدم دستورية التوقيع على الاتفاقية، وعدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى التناقض، باعتبار أن حكم الأمور المستعجلة ليس حكنا نهائيا، وأن محكمة “الأمور المستعجلة” تعدت على اختصاص مجلس الدولة في نظر المنازعات الإدارية الصادرة على أحكامه، وفقا للمادة 190 من الدستور، إلا أنه طالب من المحكمة حكمة عدم إصدار الحكم خلال فترة ما أسماها “الريبة الانتخابية”، فرد رئيس الجلسة بأن “المحكمة لا علاقة لها بالسياسة، وسجلها ناصع، وتحدد مجريات الدعاوى وفقا لمقتضياتها القانونية، وسلطتها التقديرية”.

احتلال

وهكذا فالمصريون يعتبرون ما حدث احتلال سعودي متكامل الأركان لأراض مصرية، خاصة مع وجود حكم قضائي باتٍّ وقاطع، وفق ما استقر عليه نظام المحاكم في مصر، حيث أيدت المحكمة الإدارية العليا، في أبريل الماضي، حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية “تيران وصنافير”، والتي تنتقل بمقتضاها الجزيرتان للمملكة العربية السعودية، وضمت حيثيات بطلان أي اتفاق بترسيم الحدود، مع الحكم بتأييد مصرية جزيرتي “تيران وصنافير”، وهي ذات أسباب وصف ما يحدث بالاحتلال السعودي، حيث قالت المحكمة في حيثيات حكمها، إنه بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والاطلاع على تقرير هيئة مفوضي الدولة والمذكرات والمستندات المقدمة من أطراف الخصومة، وبعد إتمام المداولة قانونًا، فإن المحكمة قد خلصت إلى بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل سنة  2016 المتضمنة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليها، أو حظر تغيير وصفهما بأي شكل لصالح أية دولة أخرى، فيما أشارت المحكمة إلى أن الجزيرتين ضمن الإقليم المصري، خاضعتان للسيادة المصرية الكاملة، ووفقًا لنص المادة (151) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 18 يناير 2014، يحظر إبرام أي اتفاق يتضمن التنازل عن أي جزء من الإقليم المصري، ونفت الحيثيات أي شرعية للبرلمان الحالي في تمرير الاتفاقية، كما حدث دون الرجوع إلى استفتاء الشعب، وأثبتت المحكمة حيثيات طويلة والكثير من الأدلة والبراهين والشواهد التي تثبت مصرية أرض جزيرتي تيران وصنافير، منها ما ورد على لسان المندوب المصري أمام مجلس الأمن في جلسته رقم 659 بتاريخ  15 فبراير 1954، أن سيادة مصر على الجزيرتين المذكورتين باعتبارهما ضمن الإقليم المصري، وأن مصر تفرض سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير منذ عام 1906، وهكذا بين غضب الشعب وأحكام القضاء وتلاعب نظام السيسي، تنتظر تيران وصنافير من يحررها بحسب ما يطالب به نشطاء وسياسيون.