العدسة – بشير أبو معلا
النفي الرسمي المتواصل من جانب السعودية حول التواصل مع إسرائيل، لم يستطع حتى هذه اللحظة حجب العلاقة المتطورة والتحالف القائم خلف الكواليس، بحكم الواقع في الصراع ضد نفوذ إيران المتنامي في المنطقة، منذ وصول الساكن الجديد في البيت الأبيض، دونالد ترامب.
تقارير إعلامية عدة تحدثت مؤخرا عن مؤشرات تشير إلى أن هناك اتجاها لتطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل، خاصة مع تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، ومن بينها تقرير إسرائيلي أكد أن الابن المفضل للملك السعودي زار سرا تل أبيب.
موقع “israelvalley” الناطق بالفرنسية، سلط أيضا الضوء على هذه العلاقة الآخذة في الصعود بين أكبر مصدر للنفط وإسرائيل، التي ظهرت حديثاً على أراضي فلسطين التاريخية بعد عام 1948، ولكن في مجال بعيد عن السياسة.. “التكنولوجيا”.
من أجل تنويع علاقاتها الدولية، أدارت شبه الجزيرة العربية وجهها نحو روسيا أولا ثم إلى إسرائيل، من خلال التطبيع مع الأخيرة، حيث كانت إيران هي المحفز الذي سمح بهذه العلاقة الفعلية بين إسرائيل ودول الخليج.
محمد بن سلمان، كان بمثابة المقاول الرئيسي لهذا التوحيد القياسي، ففي الواقع، اختارت الأنظمة الملكية البترولية في الخليج إسرائيل لمواجهة إيران من أجل بقاء عرشهم.
أقامت المملكة العربية السعودية تعاونا في مجال التكنولوجيا مع “دارونت”، وهي شركة تعمل في تكنولوجيا المعلومات، ومقرها في رامات جان، قرب تل أبيب، من أجل تنفيذ برنامج إدارة محوسب، وتدريب الموظفين السعوديين في الولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، أُسندت إلى مجموعة G4S الإسرائيلية المسئولية الأمنية عن الحج إلى مكة، وكذلك مطار دبي، فيما أقامت شركة “أيه جي تى” الإسرائيلية التي يرأسها إسرائيلي، ومقرها الولايات المتحدة، نقطة تفتيش إلكترونية في المنطقة الحدودية بين الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، لمنع التسلل العدائي، اللافت للنظر الآن، هو قيام شركات إسرائيلية بعمليات في المملكة العربية السعودية، والسماح لشركة العال باستخدام المجال الجوي السعودي.
هذه القصة الاقتصادية تظهر التحالف القائم بين مملكة الذهب الأسود، والتكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية، ودليل على الرومانسية الجميلة القائمة اليوم بين الجانبين، التي يمكن أن تبدو غير طبيعية، لكن ليس على رقعة الشطرنج العالمية وفي لغة المصالح.
قصة الحب التي تجمع بين أكبر شركة نفط سعودية، وتدعى “يانر” وشركة “دارونت”، للتكنولوجيا المتقدمة التي يقع مركزها الرئيسي للدعم التقني في مستعمرة إلعاد، سببها برنامج إدارة محوسب اشتراه مالك “يانر” الشيخ عبد العزيز الفيد.
فعندما كانت الشركة السعودية تبحث عن طريق لترشيد عملها ونشاطها التجاري وجدت مبتغاها في برنامج “تمب” الذي صممته شركة “دارونت” الإسرائيلية، بمبلغ متواضع يقارب نصف مليون دولار، أي قطرة نفط في حقول لا تنضب.
وبمجرد التوصل إلى الاتفاق، كان اللقاء بين السعوديين والإسرائيليين ودودا للغاية، خلال الدورة التدريبية لمسؤولي المملكة، والذي تبعه فيما بعد شراكات مثمرة أخرى.
يشار إلى أن وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينتس” كشف مؤخرا عن أن تل أبيب تقيم علاقات مع دول عربية إسلامية “معتدلة” بما فيها السعودية، تساعد إسرائيل على كبح جماح إيران، وما سماه التمدد الشيعي في المنطقة، وفي منع طهران من تعزيز تواجدها العسكري في سوريا.
وقال “شتاينتس” في حديث لإذاعة الجيش: إن إسرائيل لا تخجل من الكشف عن هذه العلاقات، لكن الطرف الآخر هو الذي يخجل من ذلك، وإسرائيل تحترم رغبة هذه الدول بالإبقاء على العلاقات سرية، مشيرا إلى أن السعودية بالرغم من أنها ليست نظاما ديمقراطيا، فإنها أظهرت في السنوات الأخيرة قدرا كبيرا من الاعتدال في مكافحة الاٍرهاب والتحريض عليه، وتعمل مع إسرائيل ضد العدوانية الإيرانية في المنطقة.
اضف تعليقا