لا تزال خبايا التطبيع الإماراتي مع إسرائيل تتكشف يوما بعد الآخر، حيث كشفت اتفاقية العار التطبيعية عن حجم العلاقات التجارية والصفقات المتبادلة التي كانت تتم في الخفاء بين أبوظبي وإسرائيل، في حين تسارعت وتيرة عقد الاتفاقات وتوقيع مذكرات التفاهم بين الطرفين في مجالات اقتصادية وتجارية متنوعة.
تطبيع الموانئ
وكان أبرز هذه الاتفاقيات هو ما وقّعته “موانئ دبي العالمية”، منتصف سبتمبر الجاري، من مذكرات للتفاهم مع شركة “دوڤرتاوار” الإسرائيلية، في إطار تقييم فرص تطوير البنية التحتية اللازمة للتجارة بين الإمارات و”إسرائيل”، وتعزيز الحركة التجارية في المنطقة حسب زعم الشركة.
وذكرت الشركة الإماراتية في بيان، نشرته في 16 سبتمبر 2020، أن سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ”موانئ دبي العالمية”، وقَّع 3 مذكرات تفاهم مع “دوڤرتاوار”، وهي شريك في أحواض بناء وإصلاح السفن الإسرائيلية وميناء إيلات (جنوب).
وتغطي مذكرات التفاهم مجالات تعاون تشمل قيام “موانئ دبي العالمية” بتقييم تطوير الموانئ الإسرائيلية، وكذلك تطوير مناطق حرة، وإمكانية إنشاء خط ملاحي مباشر بين ميناءي “إيلات” و”جبل علي”.
كذلك، تشمل مساهمة “جمارك دبي” في تسهيل التجارة بين المؤسسات الخاصة من الجانبين، واستكشاف فرص العمل مع أحواض بناء وإصلاح السفن الإسرائيلية على مبدأ المشاريع المشتركة.
وفي ذات السياق، عقد مسؤولون من الجانبين مباحثات لإنشاء خط أنابيب نفط عبر السعودية وصولاً إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما كشفته صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة المتخصصة بالشؤون الاقتصادية، إن مسؤولين إسرائيليين أجروا محادثات في الإمارات لإنشاء خط أنابيب نفط يمتد عبر السعودية، وصولاً إلى ميناء “إيلات” عبر البحر الأحمر، ومنه إلى ميناء أشكلون.
ويهدف المشروع إلى نقل الخام للأسواق الأوروبية، حسب الصحيفة التي قالت إنه التفاف على مسارَي مضيق هرمز وسواحل الصومال، وسيشكل ضربة لقناة السويس المصرية؛ لكونه يوفر تكاليف نقل الخام بواسطة ناقلات النفط عبر القناة المصرية، وتوقعت الصحيفة أن تجني “إسرائيل” مبالغ طائلة سنوياً من هذا المشروع.
ونقل موقع “يورونيوز” عن إلين آر والد، الباحثة بمركز الطاقة العالمي التابع لمعهد “المجلس الأطلسي”، أن احتياطيات النفط للدولة الخليجية تمثل نقطة جذب كبيرة لـ”إسرائيل”.
وقالت والد: “ستستفيد إسرائيل كثيراً إذا تمكنت من شراء النفط الإماراتي، وستستفيد الإمارات، إذ سيصبح بإمكانها البيع لزبون متعطش”.
خطوط بحرية وسكة حديد
وبعد اتفاق العار التطبيعي، تسعى أبوظبي لفتح خطوط نقل مباشرة مع “إسرائيل”، حيث قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن شركة “إم إس سي” الإسرائيلية للشحن تعتزم تسيير خط للرحلات البحرية بين إمارة دبي ومدينة حيفا، مشيرة إلى أن هذا الخط يلقى اهتماماً كبيراً من الطرفين الإماراتي والإسرائيلي.
وأوضحت الصحيفة أن الشركة الإسرائيلية تعتزم تشغيل الخط الجديد ما بين 10 و21 أبريل المقبل، على أن ينطلق من دبي إلى أبوظبي وصولاً إلى حيفا المحتلة، ومنها إلى إيطاليا.
ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي للشركة أن سعر الرحلة البحرية سيبدأ من 1200 دولار للشخص الواحد، وأن هناك اهتماماً كبيراً بهذه الرحلة البحرية.
وتتمثل الخطة المستقبلية، بحسب الصحيفة، في تقديم حزمة إجازة للإسرائيليين تشمل رحلة طيران من “تل أبيب” إلى دبي أو أبوظبي لقضاء إجازة عدة أيام، ثم ركوب السفينة الفاخرة فانتازيا، التابعة لـ”إم إس سي”.
وستكون هناك رحلة تستغرق عدة أيام مع توقفات عدة في الطريق، ومن ضمن ذلك التوقف في حيفا، وسيتمكن الإسرائيليون خلال هذه الرحلة من النزول والعودة إلى “تل أبيب”، أو مواصلة طريقهم إلى إيطاليا والعودة من هناك.
وفي ذات السياق التطبيعي، أصبح تنفيذ مشروع السكك الحديدية الإقليمي الذي تحدثت عنه وزارة خارجية الاحتلال في يوليو 2019، وارداً بقوة.
ويهدف هذا المشروع ، إلى ربط البحر المتوسط بالخليج من خلال مد سكة حديدية، وهو أول ما تحدث به الإسرائيليون بعد الاتفاق، على لسان الوزير الإسرائيلي، يسرائيل كاتس.
وتحدث كاتس لمحطة إذاعية إسرائيلية عن آفاق مشروعات إقليمية ضخمة للنقل مثل “خط للسكك الحديدية بين دول الخليج وميناء حيفا”.
وسيجعل هذا المشروع، وفق حديث كاتس، “إسرائيل” بوابة البحر المتوسط للإمارات، إضافة إلى أن الاتفاق بأكمله “سيكون أساساً لتحديث كبير جداً للاقتصاد الإسرائيلي”.
وسيصبح بإمكان السياح القيام برحلة قصيرة إلى المنتجعات على طول ساحل الإمارات. وتريد “إسرائيل” أيضاً جذب الأعمال لقطاع السياحة الخاص بها، لا سيما في “تل أبيب”.
تعاون بنكي
وفي جانب آخر من جوانب التطبيع الاقتصادي، وقعت البنوك الإماراتية في الأيام الماضية عدة اتفاقات مع كبري البنوك الإسرائيلية في إطار توثيق الجانبين علاقاتهما عبر المال من خلال مباحثات بين أكبر البنوك لديهما، حيث وقَّع بنك “لئومي” الإسرائيلي، في (15 سبتمبر 2020)، مذكرتي تفاهم مع “بنك أبوظبي الأول” و”بنك الإمارات دبي الوطني”، وذلك قبل ساعات من توقيع اتفاقية التطبيع بين الجانبين، برعاية الولايات المتحدة.
وسبق هذا التوقيع بيوم واحد، إعلان بنك “الإمارات دبي الوطني”، البنك الرائد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، توقيع مذكرة تفاهم مع “بنك هبوعليم” أحد أكبر البنوك في “إسرائيل”.
ويعد بنك “أبوظبي الأول”، أكبر بنك بدولة الإمارات، وأحد أكبر المؤسسات المالية في العالم، حسبما جاء على موقعه الرسمي.
أما “الإمارات دبي الوطني”، فيعد أكبرَ مصرف في دولة الإمارات؛ وذلك نتيجة اندماج بين ثاني ورابع أكبر مصرفين في الدولة، وذلك لتشكيل مجموعة مصرفية تتمتع بأكبر ميزانية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي ذات السياق، أعلن “مصرف أبوظبي الإسلامي”، في 17 سبتمبر 2020، توقيع مذكرة تفاهم مع بنك “لئومي” الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة “البيان” المحلية عن البنك الإماراتي، أن هذه المذكرة تأتي في إطار بحث سبل التعاون بين المصرفين في الإمارات و”إسرائيل” ودول أخرى.
وستتيح المذكرة، بحسب الصحيفة، “فرصاً جديدة للعملاء، وستدعم احتياجاتهم المصرفية، سواء من الأفراد الذين يسافرون إلى إسرائيل، أو الشركات التي تتطلع إلى الاستفادة من الوصول إلى أسواق جديدة”.
وبموجب الاتفاقية سيتمكن المصرفان من التعاون لتقديم خدمات لمؤسسات في الإمارات و”إسرائيل”، مثل خدمات إجراء المعاملات المالية الدولية، وإدارة النقد، والخدمات المالية التجارية.
اضف تعليقا