كتب- باسم الشجاعي:

ارتفعت في مصر مؤخرًا بورصة التكهنات حول مصير وزارة المهندس “شريف إسماعيل”؛ حيث بات من المؤكد أن قائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي”، لن يبقي عليها بشكلها الحالي، بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس النواب أول يونيو المقبل، وذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية (التي كانت محسومة لصالحة سلفًا)، ليبدأ ولايته الثانية (تستمر 4 سنوات بحسب الدستور).

ولكن هل التغيير المتوقع سيأتي بناءً على ضعف الأداء في عدد من القطاعات الهامة التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين؟، أم أنها لتهدئة الشارع الغاضب من استمرار نفس السياسات الاقتصادية؟ أم أنَّ العملية برُمَّتها مجرد تغيير وجوه فقط، دون أي تغيير على مستوى خطط الحكومة؟

الحكومة الخامسة

وفي حال إقالة “شريف إسماعيل”، تكون هذه هي الحكومة الخامسة التى يشهدها عهد “السيسي” عقب توليه السلطة فى 8 يونيو 2014، بعد الانقلاب العسكري الذي قاده ضد الرئيس المصري الأسبق “محمد مرسي” في الثالث من يوليو 2013.

وقد تشكلت الحكومة الأولى برئاسة المهندس “إبراهيم محلب”، بعد تقديم استقالتها عقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، لتأتي بعدها تعديلات مارس 2015، وينتهي عملها في 12 سبتمبر من العام نفسه، ليؤدي “شريف إسماعيل” اليمين رئيسًا للحكومة بعد الاستقالة بـ7 أيام.

ووفقًا للدستور المصري، تبدأ ولاية “السيسي” الجديدة في 8 يونيو المقبل، بعد انقضاء 4 سنوات بالتمام على توليه المنصب للمرة الأولى.

ومن المرجح أن يستبق “السيسي” هذا الموعد بأداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب نهاية مايو أو في الأسبوع الأول من يونيو، وذلك حسب ارتباطاته الخارجية، أو زيارات رؤساء الدول إلى مصر في تلك الفترة التي تصادف هذا العام بحلول شهر رمضان الكريم.

ويعطي الدستور رئيس الدولة الحق في تشكيل حكومة جديدة، أو إجراء التعديلات الوزارية بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، ثم يعرض التعديل على مجلس النواب لمناقشته وإقراره بأغلبية الأعضاء الحاضرين وبعدد لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس، لكنه لا يلزمه بتشكيل حكومة جديدة عقب فوزه في الانتخابات.

وبحسب مراقبين فإن “السيسي”، سيبقى على رجاله خاصة في الحقائب السيادية والاقتصادية، والاكتفاء بتغيير وزراء الخدمات، وربما يصل الأمر لتغيير رئيس مجلس الوزارء، وخاصة بسبب مرضه الفترة الأخيرة، وكثرة سفره للخارج لتلقي العلاج اللزم.

أسماء مرشحة خلفًا لـ”إسماعيل”

وأول المرشحين لتولي حقبة رئاسة الوزاراء الفترة القادمة، خلفا للمهندس “شريف إسماعيل”، وزير الإسكان الحالي “مصطفى مدبولي”؛ حيث سبق وأن تم تكليفه من قبل “السيسي”، بأعمال رئيس الوزراء طوال فترة غيابه، لتلقي العلاج في الخارج، وهي فترة قاربت الشهرين.

ويأتي بعد ذلك اسم محافظ البنك المركزي الأسبق، الدكتور “فاروق العقدة”، يليه الدكتور “محمود محيي الدين نائب”، رئيس البنك الدولي، وصاحب ملف خصخصة القطاع العام خلال تولّيه منصب وزير الاستثمار إبان عهد الرئيس المخلوع، “محمد حسني مبارك”.

وفي المقابل، كشفت بعض التقارير الإعلامية أن هناك فريقًا داخل أجهزة الدولة السيادية يتبنى فكرة استمرار الحكومة الحالية، برئاسة المهندس “شريف إسماعيل”، إلى حين اتخاذ الدفعة الجديدة من القرارات المتعلقة بتوصيات صندوق النقد الدولي، المتمثلة في رفع الدعم، وزيادة أسعار المحروقات، ورفع أسعار خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

ويرى أصحاب وجهة النظر تلك أن تتحمّل حكومة “إسماعيل” تبعات تلك القرارات إعلاميًا، قبل التخلص منها، وقدوم حكومة جديدة تعمل وفقًا للوضع الجديد الذي سيترتب على تلك الزيادات المرتقبة.

إلا أن آخرين رجحوا ميل “السيسي” إلى تكليف امرأة برئاسة الحكومة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، عطفًا على تصريحات متكررة له، أشاد فيها بالمرأة المصرية.

وفي هذه الحالة، سينحصر اختيار “السيسي”، وفق متابعين بين وزيرة التخطيط “هالة السعيد”، وهي الوزارة التي خرج منها رئيسان للحكومة في أوقات سابقة (“عاطف صدقي” و”كمال الجنزوري”)، ووزيرة الاستثمار والتعاون الدولي “سحر نصر”.

حقائب مهمة

وبعيدًا عن اسم رئيس الوزاراء الجديد، من المرجح وفق تقديرات برلمانيين أن يجري “السيسي” تغييرًا وزاريًا محدودًا، يتراوح بين 5 و 9 وزراء، وهم وزراء: “التنمية المحلية، الصحة، النقل، الزراعة، التعليم العالي، التموين، والدخلية والعدل”، بينما لن يمس التغيير أيًا من الحقائب الاقتصادية.

ولكن من غير الواضح مسألة استمرار عدد من الوزراء “السيادية”، مثل وزير الدفاع “صدقي صبحي”، ووزير الإنتاج الحربي “محمد العصار”، وأيضًا بعض الأسماء الأخرى المرضي عنها، مثل وزير الشباب “خالد عبد العزيز”، ووزير التموين “على مصيلحي”، ووزير التنمية المحلية اللواء “أبو بكر الجندي”؛ حيث إنهم يتولون ملفات هامة.

وتأتي الحقيبة الأهم المرشحة للتغيير في الحكومة، وزارة الداخلية؛ حيث إن اللواء “مجدي عبد الغفار”، المعيّن في منصبه منذ مارس 2015، أصبح أطول وزراء الداخلية بقاءً في هذا المنصب بعد الوزير الأسبق “حبيب العادلي”.

أمّا الحقيبة الثانية المهمة المرشحة للتغيير، فهي وزارة العدل، التي يتولاها حاليًا القاضي “حسام عبد الرحيم”، ويسيطر عليها السيسي بشكل غير مباشر بواسطة شقيقه القاضي “أحمد السيسي”.

ورغم التزام “عبد الرحيم” الحرفي بتعليمات “السيسي”، ونجاحه في فرض سياج محكم من السرية حول النيابة العامة والقضاء أدى لتواري مشاكل القضاة عن الظهور في الإعلام، ونجاحه في فرض سيطرة السلطة على الهيئة الوطنية للانتخابات وجهازها التنفيذي، ومشاركته في إنهاء قضية تيران وصنافير، إلا أن فشله في ملف إعداد التشريعات وتسببه في مشاكل مع بعض الوزارات الأخرى، يمثّل السبب الرئيسي لطرح اسمه في بورصة التعديلات.

معوقات في الطريق

وبقدر ما يسعى “السيسي” إلى تغيير وزاري واسع؛ لانتهاء دور حكومة “شريف إسماعيل” واكتسابها سمعة سيئة بين المواطنين، ورغبته في إعطاء دفعة أمل جديدة بعد تغيير الوجوه، بما ستستمر نفس السياسات، إلا أنه يُواجه معوقات؛ إذ يتهرب الكثيرون من العمل في الحكومة والرئيس الحالي موجود في السلطة؛ حيث يرى مراقبون أن الوزراء عبارة عن “سكرتارية” ينفذون توجيهاته دون إطلاق حرية في العمل.

فضلا عن أن “السيسي” يخشى إذا ما أدخل تغييرًا وزاريًا كاملاً قد يترتب عليه تعطُّل المشروعات التي يسعى لإنجازها؛ والتي توجد بحوزة الوزارة الحالية.

هل تغيير الوزارة الحل؟

العنوان العريض الذي يغلف أي تعديل وزاري ليس تحسين الأداء ولكن العمل بنظرية “كبش الفداء”، من خلال التضحية بعدد من الوزراء في أوقات تصاعد الغضب الشعبي على خلفية الأزمات التي تشهدها البلاد، أو لإخفاقها في ملف الانتخابات الرئاسية.

ويبدو أنَّ التعديلات الوزارية المرتقبة أنها مجرد تغيير وجوه فقط، دون أيّ تغير على مستوى خطط الحكومة بأكملها أو وزارة ما بعينها.

فقد شهدت مصر منذ وصول “السيسي” نحو 7 تعديلات وزارية حتى الآن، إلا أن جميعها لم تُقدّم أي جديد على مستوى تحسن الأوضاع المعيشية والتخفيف من معاناة المواطنين جراء الإجراءات الاقتصادية وتنفيذ خطة رفع الدعم التدريجي.

وشملت التعديلات الوزارية في أغلبها المجموعة الاقتصادية والخدمية، ولكن دون جدوى حتى الآن؛ نظرًا لعدم امتلاك رؤية لحل الأزمات المتلاحقة، خاصة وأنهم مُحدَّدون بتنفيذ رؤية “السيسي” والنظام الحالي، بحسب ما أكد خبراء.