العدسة – ياسين وجدي:

ثمانية شروط أمريكية ، لابتزاز تركيا والأتراك ، وضعها الرئيس الامريكي دونالد ترامب فوق طاولة ذات كرسى واحد لا ترى إلا طرف واحد هو ترامب ثم ترامب ثم ترامب أما اللعنة فهي لتركيا وشعبها وتجربة نهضتها وتقدمها.

“العدسة” يسلط الضوء على الشروط الثمانية التي حصل عليها من مصادر خاصة في ظل بدء تركيا لحملة التصدى والصمود في مواجهتها عمليا.

“كولن” و”برانسون” !

الشرط الأول يتصدره اسم القس الأمريكي الانجيلي أندرو برانسون ورغبة أمريكا في تسلمه ، وهو ما أكده الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأحد، حيث أعلن أن الولايات المتحدة كانت قد أمهلت تركيا، حتى الأربعاء الماضي، للإفراج عن القس الذي قرر القضاء التركي، فرض الإقامة الجبرية، عليه عوضًا عن الحبس، عن تهم التجسس وارتكاب جرائم لصالح منظمتي “غولن” و”بي كا كا” الإرهابيتين .

 

الغريب أن برونسون الذي تدعي الولايات المتحدة أنه مجرد قس، تم تسريب صور له داخل الأراضي السورية أثناء عقده لقاءات مع أعضاء مليشيات كردية توضح علاقته بالأجهزة الأمنية الأمريكية فيما ذكرت بعض المصادر أنه ضابط بالجيش الأمريكي.

 

وفي هذا الإطار تتحدث المعلومات التي وصلت “العدسة” عن قائمة أمريكية تحتوي 20 عميلا متورطين في انقلاب 15 يوليو 2016  الفاشل بما فيها القس أندرسون ، تريد استلامهم قبل 15 أغسطس الجاري ، خاصة أن القس ينتمي إلى الكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة، والتي تعد ذا تأثير كبير على السياسة الأمريكية في عهد ترامب.

وهو ما أكدته صحيفة يني شفق التركية المقربة من حزب العدالة والتنمية حيث كشفت عن أن محادثات الوفد التركي في الولايات المتحدة لم تكن ناجحة، وأن الوفد قطع زيارته باكراً بعد إصرار الأمريكان على إطلاق سراح القس برونسون فوراً، إضافة لإطلاق سراح عدد من منتسبي جماعة كولن الذين حصلوا على الجنسية الأمريكية! .

ومن أبرز الأسماء المتصدرة للقائمة بعد القس الإذنجيلي ، سيركان غولغى، الأميركي من أصل تركي  الذي يعمل في منصب كبير باحثين في وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” والذي يقبع في السجن بتهمة التورط في انقلاب فاشل، وتتهم الشرطة التركية غولغى بالعمل لصالح الاستخبارات الأميركية وبأنه عضو سري في جماعة غولن وفق وثائقها.

وفي المقابل ، اشترطت الولايات المتحدة إغلاق ملف تسليم زعيم منظمة الخدمة العامة الإرهابية، فتح الله كولن ، رغم تقدم تركيا بطلب رسمي لتسليمه ، بعد تورطه في المحاولة الانقلابية الفاشلة، لكن البيت الأبيض يرفض ، وهو ما تعتبره تركيا دعما غير مباشر من أمريكا للانقلاب الفاشل .

 

وفي مطلع العام الجاري أعلن الرئيس التركي بعد كواليس التسليم والتسلم ، حيث أكد أن تركيا لن تسلم أي مشتبه فيهم إلى الولايات المتحدة ما لم تسلم واشنطن فتح الله كولن قائلا : “لقد سلمنا للولايات المتحدة 12 إرهابيا حتى الآن، لكنهم لم يعيدوا إلينا الشخص الذي نريده. لقد اختلقوا أعذارا واهية”، وأضاف: “إذا لم تسلمونا (كولن) فاعذرونا حينئذ، فمن الآن فصاعدا لن نسلمكم أي إرهابي تطلبوه منا ما دمت في السلطة”.

 عقدة إس 400 !

عقدة روسيا ، تتصدر شروط الأمريكان مع الأترك لوقف الحملة الامريكية ضد اسطنبول ، حيث كشفت مصادرنا عن اشتراط دونالد ترامب وقف تركيا لصفقة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية المضادة للجو “أس- 400” مع روسيا  والاكتفاء بمصادر السلاح الأمريكي!.

ومنذ مطلع العام ، والبيت الأبيض يتحين الفرصة بحسب المراقبين ، لوقف الصفقة الروسية للأتراك بأي ثمن، والتي من المقرر تسليمها لتركيا في أواخر 2019 وأوائل عام 2020، ووفقا للرئيس التركي رجب الطيب أردوغان تعليقا وقتها على الغضب الأمريكي : “كان بعضهم يفقد صوابه من الغضب”.

 

هي حالة من الجنون الأمريكي العارم إذن ، من قرار تركيا بالتوزان في شراء المنظومات الدفاعية كشف  ملامحها ، ويس ميتشل مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوربية وشؤون أوربا وآسيا في وقت سابق مؤكدا أنه إذا اشترت تركيا المنظومة فستخضع لعقوبات بموجب مشروع قانون وقعه الرئيس دونالد ترامب ، فضلا عن تعريض شراءها طائرات (إف-35 جوينت سترايك) الأمريكية للخطر .

 التفريط في القدس!

ومن أهم الشروط الامريكية تخلي الرئيس التركي عن ملف دعم القدس نهائيا بعدما ابدى الكيان الصهيوني انزعاجه علنا من حضور تركي طاغ في الفترات السابقة في القدس ، وفعاليات رفض نقل السفارة الامريكية إليها.

 

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن موقف بلاده صراحة في ديسمبر 2017 معلقا على تهديدات واشنطن للدول التي ستصوت ضد قرارها حول القدس بالأمم المتحدة بقوله :” لا يمكنكم شراء الإرادة الديمقراطية لتركيا بدولاراتكم ، العالم سيلقن أمريكا درسا جيدا”، كما ناشد الرئيس التركي جميع دول العالم، قائلًا: “إياكم أن تبيعوا إراداتكم والنضال من أجل الديمقراطية بحفنة من الدولارات”، وهو ما نجح فيه اردوغان بحسب المراقبين فيما خسره ترامب وقتها ولم ينساه.

وشهدت الفترة الماضية دورا بارزا للقيادة التركية على المستوى الدولي والمحلي وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي، لبلورة وتشكيل موقف عالمي موحد ضد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”؛ كان آخرها طرد السفير الصهيوني من أنقرة بصورة مُهينة في أعقاب المجزرة التي نفذتها “إسرائيل” بحق المتظاهرين على الحدود في قطاع غزة يوم 14 مايو الماضي، بجانب العديد من النشاطات والفعاليات من الجمعيات الخيرية التركية الناشطة في جميع أرجاء العالم، تحت رعاية الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان كإقامة الأمسيات الثقافية، ومبادرات غرس الزيتون في القدس والتي دعت لها جمعية “الشباب الواعد في تركيا”.

التخلى عن ايران !

ومن أبرز الشروط بحسب مصادر العدسة  كذلك أن تسعي تركيا لفك الارتباط والتعاون مع ايران ، وقبولها بالعقوبات على طهران مع اعادة تقييم العلاقات معها، لكن جاء الرد التركي قبل أيام قويا ، حيث أكد وزير خارجية تركيا، مولود جاویش أوغلو، أن بلاده لن تلتزم بالعقوبات الأمريكية ضد إيران، واعتبر أن موقف طهران من انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي معها جدير بالتقدير.

 

وهو ما قابلته ايران بمساند ودعم تركيا ، حيث اعلنت رسم خارطة طريق جيدة للوصول بحجم التبادل التجاري بينهما إلى 30 مليار دولار بالتزامن مع رسالة من الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظيره اردوغان ، مؤكدا “عزم طهران على المقاومة حتي جعل أمريكا تندم على فعلتها”، كما أعلنت إيران عن استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم اللازم لأنقرة في هذا الصدد وفق تصريحات متحدث الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي قائلا :” تركيا وإيران من الممكن أن يكونا بلدان صديقان جيدان”.

التفريط في الثروات!

وحملت ورقة الشروط الأمريكية مطلبين في اطار التفريط في الثروات ، حيث طالب البيت الأبيض تركيا بالتخلي عن الغاز الطبيعي لقبرص والخروج من الصراع معها ، كما اشترطت كذلك ان تمنح اسطنبول شركات الولايات المتحدة مهمة البحث عن المعادن في الاراضي التركية قسرا وحصرا !.

وكانت تركيا أخذت خطوات تصعيدية لتأكيد حقها حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، ومنها بحسب مراقبين عندما اعترضت قطع بحرية تركية سفينة حفر تابعة لشركة «إيني» الإيطالية كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف أخيرا في المياه القبرصية، كما جدّدت التأكيد على عزمها القيام بكل الخطوات اللازمة من أجل الحفاظ على حقوق تركيا والقبارصة الأتراك ومنع اتخاذ خطوات أحادية في شرق البحر المتوسط.

في المقابل يقف الطمع الأمريكي وراء الشرطين ، حيث كشف ويس ميتشل مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية والأوراسية في مارس 2018 ، أن واشنطن تدعم تنقيب قبرص عن الغاز والنفط في البحر المتوسط إثر خلاف مع تركيا بالتزامن مع وصول سفينتي استطلاع من عملاق النفط الأميركي “اكسون موبيل” إلى سواحل قبرص لإجراء مسح مبدئي قبل بدء تنقيب في وقت لاحق من العام الجاري، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذّر الشركات النفطية العالمية بأن “لا تتخطى الحدود” في شرق المتوسط معتبرا أنه يدافع بذلك عن الحقوق القبرصية التركية في الموارد الطبيعية للجزيرة.

 “هالك” بنك !

القبول بعقوبات “هالك بنك “( خلق بنك)  كان أحد الشروط الامريكية التي رفضها وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية التركي سيدات أونال في محادثات في واشنطن بشأن عدد من القضايا ، فيما انتقد الرئيس التركي أردوغان في كلمته في مدينة ترابزون على البحر الأسود إدانة السلطات الأميركية لمحمد حاكان أتيلا (47 عاماً) نائب المدير العام لبنك «هالك بنك» التركي بتهمة مساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية في عائدات نفطية بمليارات الدولارات.

 

وقال في كلمة أخرى في المدينة نفسها «تعتقلون نائب مدير هالك بنك؟ وتفرضون عقوبات على بنك هالك بنك.. وبعد ذلك تتوقعون معاملة مختلفة من تركيا؟»، وأضاف: إن «رد تركيا لن يكون وفق مبدأ «الرد بالمثل»، بل «من يرتكب جريمة سيدفع الثمن»، وفق قوله.

والبنك حكومي تأسس سنة 1933 ، وكان على وشك الإفلاس عند تولي رجب طيب أردوغان الحكومة سنة 2002  وأصبح سنة 2013 البنك السابع على مستوى الدولة التركية من حيث الأملاك، وساهم في النهضة التركية الاقتصادية، ولعب أدوارا أخرى من أبرزها كونه حلقة الوصل للمصالح النفطية الإيرانية في ظل الحصار المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

وفتحت الولايات المتحدة تحقيقات وصفت بالمسيسة حول عمليات احتيال تورط فيها تاجر الذهب التركي من أصل إيراني رضا ضراب، الذي قبض عليه في مطار ميامي في أميركا في مارس من العام الماضي، لاتهامه بالتحايل في عمليات تهريب للذهب من إيران إلى تركيا وتحويل أموال عبر “خلق بنك” بطريقة غير شرعية لخرق العقوبات على إيران.

وفي إطار القضية نفسها، ألقي القبض على محمد أتيلا، نائب رئيس “خلق بنك” ومديره التنفيذي، في مارس الماضي بأميركا، إضافة إلى عدد آخر من الإيرانيين يحاكمون الآن بالولايات المتحدة في محاكمة مليئة بالانتهاكات.