أثبتت الشهور الأخيرة وجود محاولات “سعودية إماراتية” لتفكيك مجلس التعاون والعمل على تكوين تحالف آخر بزعامة الدولتين تقصي فيه دولة قطر.

فقبل القمة الخليجية الأخيرة التي انعقدت في العاصمة الكويتية بساعات وفي ظل الأزمة الخليجية والحصار الذي تفرضه كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر،  أعلنت “السعودية والإمارات” عن تشكل لجنة عسكرية واقتصادية جديدة بعيدا عن مجلس التعاون الخليجي، تتولى التنسيق بين البلدين في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وهي الأهداف التي أنشئ من أجلها مجلس التعاون الخليجي.

وفي هذا الصدد يقول “صامويل راماني”، الباحث في العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد البريطانية: إن “التحالف الذي أعلن عنه، في 5 ديسمبر الجاري، بين دولتي الإمارات والسعودية، سيحل محل مجلس التعاون الخليجي”.

وأشار في مقال تحليلي نشرته وكالة الأناضول  30 ديسمبر، إلى أن أزمة قطر الراهنة دفعت محللين عربا كثيرين إلى التكهن بأن التحالف “السعودي- الإماراتي” الجديد، سيحل في نهاية المطاف محل مجلس التعاون، من حيث الأهمية الإستراتيجية.

” بن زايد بصحبة بن سلمان “

 

وأوضح “راماني” أن احتمالات تماسك دول مجلس التعاون الخليجي على المدى الطويل، تعززها عدم رغبة السعودية في جعل قطر خصما طويل الأمد، بجانب التوترات المخفية بين الرياض وأبو ظبي، والتي يمكن أن تضعف تحالفهما العسكري.

ورأى أن الخلافات السياسية الرئيسية بين قطر والحلف “السعودي-الإماراتي”  ستستمر، بسبب الأزمة الحالية لسنوات مقبلة، حيث أكد “الباحث في العلاقات الدولية”، أن التضارب في الرؤى بين الرياض وأبو ظبي، يمكن أن يزول على المدى القصير، بما أن السعودية والإمارات لديهما أهداف مشتركة كافية للبقاء حلفاء.

كما أشار إلى أن استمرار الخلافات في العلاقات الثنائية بين السعودية والإمارات، سيؤدي إلى انحياز البلدين ضد قطر، فضلا عن أنه تحالف مصلحة، ويفتقر إلى أسس أيديولوجية راسخة، مما يهدد بقاءه على المدى البعيد.

وألمح “”راماني” إلى أنه وبغض النظر عن أن الالتزام الرسمي بهذا التحالف يفيد تطلعات البلدين للحفاظ على الاستقرار في الخليج، إلا أن الصمود الطويل الأمد لهذا الانحياز، وقدرته على الاستمرار بشكل مستقل عن مجلس التعاون الخليجي غير واضح المعالم.

ويبدو أن قرار التشكيل جاء كخطوة استباقية، قبل بدء أعمال القمة الخليجية (يضم المجلس: السعودية والبحرين والامرات والكويت وقطر وعمان)، الثامنة والثلاثين في الكويت، والتي عقدت في ظروف غير مسبوقة، نتيجة فرض ثلاثٍ من دول الخليج (السعودية والإمارات والبحرين) إلى جانب مصر، حصارًا على دولة قطر، منذ 5 يونيو الماضي، وباءت كل المحاولات لحل الأزمة مع الدوحة- بما فيها تلك التي قامت بها الكويت- بالفشل.

اجتماع “مجلس التعاون الخليجي”

 

وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، فإن لجنة التعاون المشترك مع السعودية، يرأسها الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتختص اللجنة بالتعاون والتنسيق بين البلدين “في كافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية” مع منحها “كافة الصلاحيات اللازمة لتنفيذ وتسيير أعمالها”.

ووفقا للمادة الثانية من القرار، يصدر رئيس اللجنة قرارا بتعيين أعضائها، ممثلين عن عدد من الجهات والقطاعات الحكومية الاتحادية والمحلية في الدولة.

وتعد السعودية أكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى الخليج والمنطقة العربية ككل، ويعد حجم التبادل التجاري بين الجانبين الأعلى بين دول الخليج، وقد وصل حجم هذا التبادل إلى 84 مليار درهم، أي نحو 23 مليار دولار، بحسب ما صرح به وزير الاقتصاد الإماراتي، في أبريل الماضي.

وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في السعودية، باستثمارات تتخطى 9 مليارات دولار، كما أن هناك أكثر من 30 شركة ومجموعة استثمارية إماراتية تنفذ مشاريع كبرى في السعودية.

وفي مجال الاستثمار العقاري في دبي، يتصدر السعوديون قائمة المستثمرين الخليجيين والعرب، باستثمارات تجاوزت المليار دولار، خلال النصف الأول من العام الحالي، أي أكثر من 13% من إجمالي الاستثمارات العربية في عقارات دبي.

أما عدد المسافرين السعوديين إلى الإمارات، فيصل إلى 1.9 مليون زائر سنوياً.

وتمثل السعودية والإمارات أكبر اقتصادين في العالم العربي، بإجمالي ناتج محلي للدولتين معاً يصل إلى تريليون دولار.