العدسة – جلال إدريس
من جديد عاد شبح السكك الحديدية يحصد أرواح المصريين بالعشرات عن طريق حوادث القطارات المتهالكة، والتي تأتي في ظلّ إهمال متواصل من قبل سلطة أعلن رئيسها، أكثر من مرة، أنَّ الاستثمار في أموال النقل والمواصلات أو إيداعها في البنوك وجني الفوائد والأرباح من ورائها أولى وأهم من تطوير السكك الحديدية المتهالكة للمواطنين.
الكارثة الأخيرة كانت في مركز كوم حمادة التابع لمحافظة البحيرة، والتي تبعد عن القاهرة بنحو 124 كيلو مترًا، حيث تصادم قطار المناشى بقطار بضائع ما أسفر عن مقتل نحو 30 مصريًا وإصابة أكثر من 40 آخرين.
وبينما كانت مستشفيات البحيرة تستقبل جثماين القتلى والمصابين، كانت وسائل الإعلام المصرية تستعد كعادتها لتحميل عامل التحويلات أو سائقي القطار المسؤولية، دون توجيه أي لوم لرأس السلطة “عبد الفتاح السيسي” ولا لحكومته، التي شهدت مصر في عهدها أكثر عدد من حوادث القطارات.
السيسي: أنا كمان غلبان
عقب حادث تصادم قطاري “البحيرة” اليوم، أعاد مصريون على مواقع الشبكات الاجتماعية نشر فيديو سابق يظهر في وزير النقل، متحدثًا أمام السيسي عن مشروع لتطوير درجة أمان شبكة القطارات ومنع تجنب الحوادث الناجمة عن الأخطاء البشرية، قبل أن يقاطعه “السيسي” بسبب تكلفة المشروع.
وزير النقل أوضح وقتها للسيسي في مايو 2017، أنَّ المشروع يهدف إلى “كهربة” شبكة السكك الحديدية، وتحويلها إلى نظام إلكتروني ذاتي يمكنه إرسال إشارات إلى القطارات الأخرى في حالة توقف أو حدوث خلل لأحد القطارات، حتى يمكن تجنب وقوع حوادث التصادم.
وأوضح أنَّ تكلفة هذا المشروع الذي سيرفع درجة الأمان ويجعل تجنب الحوادث غير مرتبط بالعنصر البشري، تصل إلى 10 مليارات جنيه مصري. ووصف الوزير هذه الفكرة بأنها تعطي “أمانًا رهيبًا” لشبكة القطارات في مصر.
لكن السيسي وبعد أن شرح الوزير فكرة المشروع، قاطعه قائلاً إنه لا يمكننا أن نمر على هذا الأمر ونبقى صامتين.
وقال السسي: إن نشر هذه الأمور على جميع الحضور يهدف إلى تعريف الناس بأن الخدمات تحتاج إلى مقابل لابدَّ أن يدفعوه حتى تستمر بجودتها، وإلا ستتدهور ولن تتمكن الدولة من تحديثها.
وتابع قائلًا “الـ 10 مليارات هذه لو وضعتها في أحد البنوك بنسبة فائدة 10% لحصلت على مليار جنيه قيمة أرباح، ولو كانت الفائدة 20% لحصلت على 2 مليار جنيه”.
وانتقد السيسي شكاوى الناس من عدم قدرتهم على تحمل أسعار التذاكر عندما يتم رفع قيمتها، متسائلاً عن كيفية تمكن الدولة من تطوير الخدمة إذا كان الناس لا تريد الدفع مقابلها بما يكافئ المصاريف.
الحوادث أصبحت من المسلمات
ووفقا لمراقبين فإن حوادث القطارات في مصر ظلت هاجسًا يؤرّق مضجع السلطات بعدما أودت بحياة كثير من الأرواح على مدى العقود الماضية.
ويعود الحديث عن البنى التحتية المتهالكة لقطاع النقل بعد مقتل 20 شخصًا إثر تصادم قطارين في محافظة البحيرة صباح الأربعاء.
وفيما عزا مسؤولون ومراقبون القضية إلى قدم القاطرات وعدم صيانتها، يرجعها مواطنون بالأساس إلى الإهمال.
ويرى كثير من المراقبين أن حوادث القطارات في مصر أصبحت من المسلمات، وأن المواطن هو الضحية بغضّ النظر عن المسببات.
وفي كل مرة تشهد مصر حادث تصادم قطارات تسارع السلطات إلى فتح تحقيق ربما يفضي إلى إحالة عدد من الأشخاص إلى المحاكمة بتهمة الإهمال، وسط وعود متكررة بتحديث القطاع وجعله أكثر أمنًا. وقد دفعت بعض الحوادث مسؤولين كبارًا إلى الاستقالة.. لكن ما النتيجة؟
لم تفلح تحركات الحكومة المصرية في وضع حد لمسلسل تصادم القطارات في مصر ليستمر في حصد أرواح الناس بلا هوادة.
722 حادثًا في عام واحد
وفقا لتقارير حكومية فإنَّ حوادث القطارات زادت وتضعافت في عهد “عبد الفتاح السسي” عما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق مبارك، والرئيس محمد مرسي؛ حيث زادت حدة الإهمال في عهد السيسي بشكل كبير.
وفي عام 2016 أي بعد عامين من حكم السيسي، كشف رئيس مجلس إدارة هيئة سكك حديد مصر، مدحت شوشو، أنَّ الهيئة تعرضت، خلال عام 2016، إلى 722 حالة اقتحام للمركبات على المزلقانات المغلقة ومن الأماكن غير المخصصة للعبور واصطدامها بالقطارات على مستوى مناطق البلاد، نتج عنها تعطيل للقطارات وتأخيرها وتكبُّد الهيئة خسائر فادحة.
وأكدت الهيئة في بيان، أن “تلك الحالات ترجع إلى السلوك الخاطئ للمارة وقائدي المركبات وعدم اتباعهم قواعد المرور على المزلقانات ومخالفة القانون رقم 277 لسنة 1959 في شأن نظام السفر بالسكك الحديدية وتعديلاته”.
وصرّح رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر، أن “الهيئة لا تدخر جهدًا للحدّ من تلك الظاهرة؛ حيث يتم التنسيق مع شرطة النقل والمواصلات في تعزيز تواجد أفراد الشرطة المدنية على المزلقانات لضبط حركة مسير المركبات وفي تغليظ العقوبة على المخالفين، وهناك تنسيق مستمر مع المحافظات والمحليات لإغلاق المعابر غير القانونية الواقعة داخل نطاقها، وكذلك تكليف جهات التفتيش بالهيئة بتكثيف المرور على المزلقانات لمتابعة سير العمل”.
أبرز الحوادث في عهد السيسي
العدسة ترصد من خلال السطور التالية أبرز حوادث القطار التي حدثت في عهد السيسي:
6 مارس 2015: وقع حادث تصادم قطار السويس بأتوبيس مدرسة بالكيلو 38 طريق “القاهرة – الإسماعلية” بالقرب من البوابة الأولى لمدينة الشروق، أثناء مرور الأتوبيس من المزلقان، وقدر عدد الضحايا الناتج عن الحادث بـ 7 حالات وفاة منهم 3 أطفال وإصابة 26 آخرين.
منتصف 2015: وقع حادث قطار بني سويف والذي أدَّى لإصابة 71 شخصًا.
31 يناير 2016: اصطدم قطار 987 القادم من العياط بسيارة ربع نقل كانت تقل عمال وتسبب فى وقوع 7 وفيات و3 مصابين.
11 فبراير 2016: انقلب قطار بمزلقان الشناوية، فى مركز ناصر بمحافظة بنى سويف، وأصيب 71 شخصًا في الحادث.
11 أغسطس 2017: اصطدام قطار رقم ١٣ إكسبريس (القاهرة- الإسكندرية) بمؤخرة قطار رقم ٥٧١ (بورسعيد- الإسكندرية) بالقرب من محطة خورشيد على خط (القاهرة- الإسكندرية)، ما أسفر عن مقتل 41 شخصًا وإصابة 132 مصابًا.
31 أغسطس 2017: تصادم بين قطار مطروح بسيارة ملاكي بالإسكندرية أثناء محاولة اجتيازها مزلقان الحضرة الجديدة، مما أودى بحياة سائق السيارة الملاكي وإصابة اثنين آخرين، وذلك كما ذكرت جريدة الوفد.
1 نوفمبر 2017: خروج جرار أحد القطارات عن السكة الحديد بقليوب، ولكن لم توجد أي إصابات أو خسائر في الأرواح جراء ذلك الحادث.
25 نوفمبر 2017: أدَّى تصادم قطار بسيارة نقل، بقرية القواسيم بالقرب من قرية الكراكات، التابعة بمركز بيلا في محافظة كفر الشيخ، إلى إصابة 3 أشخاص الذين كانوا يستقلون سيارة النقل، بإصابات خطيرة.
اضف تعليقا