وضعت الشيخة “لطيفة” ابنة حاكم دبي مع صديقتها المقربة “تينا جوهياينن”، قبل ثلاثة أعوام، خطة محكمة للفرار من قبضة والدها “الشيخ محمد” بعد التردد على عدة أماكن منزوية بمركز تسوق ضخم في دبي.
تخفت “لطيفة” وفرت هي وصديقتها من دبي بسيارة صوب الساحل واستقلتا قاربا ثم دراجة مائية (جيت سكي) صوب قارب آخر كان منتظرا ليأخذهما للحرية، في خطة أشبه بالحبكة الدرامية في فيلم سينمائي.
لكن في نهاية المطاف، باءت محاولة الهرب بالفشل، عندما اعتقلتهما مجموعة من القوات الخاصة قبالة ساحل الهند وأعادتهما إلى دبي.
وتقول صديقة الشيخة “لطيفة”، “تينا جوهياينن” في مقابلة مع وكالة رويترز في العاصمة البريطانية لندن في أواخر يناير/ كانون الثاني: “آخر مرة (رأيتها) كانت تقاوم وتصرخ وتم جرها من على القارب. تم تجاهل كل توسلاتها للجوء”.
والخميس قال قاض بريطاني في حكمه: إن الشيخ “محمد بن راشد آل مكتوم” حاكم دبي خطف “لطيفة” مثلما فعل مع أختها الكبرى “شمسة” التي اختطفها من انجلترا قبل نحو عقدين وعاملها بطريقة غير إنسانية.
وأدلت “جوهياينن” بإفادتها كشاهدة في القضية ومثلت لفترة وجيزة أمام المحكمة في لندن لتؤكد أن ذلك صحيح.
وقال القاضي “آندرو ماكفارلاين” في حكمه “في التقييم العام للأدلة المتعلقة بلطيفة أعتبر الدليل الذي قدمته تينا جوهياينن ذا أهمية استثنائية”، ووصفها بأنها “شخصية مثيرة للإعجاب بشكل عام”.
وكانت مدربة اللياقة البدنية قد التقت “لطيفة” للمرة الأولى أواخر عام 2010 عندما بدأت في إعطائها دروسا في الكابويرا، وهو أحد الفنون القتالية، خمس مرات في الأسبوع.
وأصبحتا صديقتين مقربتين لكنها قالت إن “لطيفة” كانت هادئة وانطوائية. لكن “لطيفة” لم تثق بها لتخبرها أسرارها سوى بعد مرور سنوات وكشفت لها أنها حاولت الفرار من دبي في 2002 عندما كانت في سن المراهقة وأن تلك الواقعة استتبعت احتجازها لثلاث سنوات ونصف.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من رواية “جوهياينن” للأحداث التي روتها لوسائل إعلام من قبل.
وقالت “جوهياينن”، وهي فنلندية الجنسية، “لم تبدأ في إخباري عن أختها شمسة وعن محاولتها هي للهرب وسجنها سوى في 2016 تقريبا… أعتقد أنها كانت خائفة للغاية. من الممكن أنها سجنت مجددا”.
ولم يستجب المكتب الإعلامي لحكومة دبي لطلب من رويترز للتعليق على القصة.
في صيف 2017، قالت “لطيفة” لصديقتها “جوهياينن” إنها لم يسمح لها بمغادرة دبي منذ 2000 وليس لديها جواز سفر وطلبت منها مساعدتها في محاولة مغادرة البلاد مرة أخرى.
وكانت “لطيفة” قد قرأت كتاب “الفرار من دبي” الذي كتبه الضابط السابق في البحرية الفرنسية والجاسوس “هيرفي جوبير” قبل سنوات وأرادت التواصل معه.
وذهبت “جوهياينن” للفلبين والتقت “جوبير” وبدأ الثلاثة في التخطيط لفرار “لطيفة”. وبالنسبة للمرأتين فهذا يعني الكثير من اللقاءات السرية في “دبي مول” أحد أكبر مراكز التسوق في العالم.
وقالت “جوهياينن” “كنا نلتقي في ركن معزول ونغلق هاتفينا. وبالتالي كنا نتخذ كل الاحتياطات”.
وأضافت أن “لطيفة” كانت تغير بريدها الإلكتروني بشكل متكرر لتتجنب الرصد.
وتابعت قائلة “كان الأمر مخيفا إلى حد ما ولم نكن نرغب في أن يصل حديثنا لمسامع أحد أو يتبعنا أحد أو أي شيء من هذا القبيل”.
وقال “جوبير” لرويترز إنه خطط مع “لطيفة” لهروبها وبالتالي طلب من “جوهياينن” مقابلته في الفلبين في ست أو سبع مناسبات لتدريبها على تنفيذ خطة الهروب.
وبعد ستة أشهر كانوا مستعدين لتنفيذ الخطة. وفي 24 فبراير/ شباط 2018 أوصل السائق “لطيفة” لمقهى في وسط دبي حيث كانت تلتقي “جوهياينن” بانتظام لتناول طعام الإفطار.
وفي الداخل ذهبت للحمام لتغيير ملابسها وتخلصت من هاتفها المحمول وبدأت الصديقتان رحلة بالسيارة استغرقت ست ساعات من دبي عبر سلطنة عمان وإلى عاصمتها مسقط.
وقالت “جوهياينن” “لم أنم لليلتين قبل يوم الهرب… لطيفة كانت جالسة بجواري في المقعد الأمامي.. لم يكن قد سبق لها الجلوس في المقعد الأمامي لسيارة من قبل وكانت متحمسة وسعيدة”.
وفي مسقط، التقيتا بصديق لـ”جوهياينن” واستقلتا قاربا وهما تمسكان بالحافة في ظروف عاصفة للوصول للمياه الدولية حيث استقلتا الدراجة المائية وصعدتا على متن القارب نوسترومو الذي يرفع العلم الأمريكي.
توجهت المرأتان إلى جوا على الساحل الغربي للهند حيث كانت “لطيفة” تأمل أن تكمل الرحلة إلى الولايات المتحدة لطلب اللجوء.
لكن في الرابع من مارس/ آذار اعترضتهما وحدات من القوات الخاصة الهندية والإماراتية وفقا لما ترويه “جوهياينن”.
وقالت “أحاطت بنا قوارب خفر السواحل الهندي وكانت هناك طائرات هليكوبتر وطائرات وامتلأ القارب عن آخره بالدخان… نهبوا القارب وضربوا الطاقم. واختُطفت لطيفة وهي تقاوم وتصرخ كما اختطف بقيتنا أيضا ونقلنا للإمارات”.
وقال “جوبير” إنه كان يقود القارب وشهد المداهمة. وأضاف أن القوات الخاصة في البحرية الهندية هاجمتهم وأخذ ضابط إماراتي “لطيفة” من على متن القارب. وقال إنه تعرض للضرب لمدة 45 دقيقة لكنه لم يحدد من الذي قام بذلك.
ولم تتمكن رويترز من التأكد بشكل مستقل من روايته.
ولم يستجب المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية “رافيش كومار”، لطلب بالتعليق على دور الهند المفترض في العملية.
ولم تر “جوهياينن” “لطيفة” مرة أخرى. وفي دبي قالت إنها تعرضت للتهديد ووضعت في الحبس الانفرادي وخضعت للاستجواب. ولم تحدد المكان والأشخاص.
وقالت “قيل لي إني طعنت حاكم دبي في ظهره بمساعدة ابنته على الهرب”.
وقبل أسبوعين من محاولة الهرب، سجلت “لطيفة” مقطعا مصورا مدته 45 دقيقة في شقة “جوهياينن” وأرسلته لمناصرين لها خارج دبي تحسبا لفشلها في الهروب.
وفي ذلك التسجيل المصور شنت “لطيفة” هجوما شرسا على والدها كما نشر التسجيل بعد أن وصل لمجموعة تدعى “محتجز في دبي” ومقرها بريطانيا ونشر أيضا على يوتيوب.
وبعد ثلاثة أسابيع من إعادتها دبي أفرجت السلطات عن “جوهياينن” وغادرت.
وقالت “جوهياينن” إنه على الرغم من أنها عاشت في دبي لمدة 17 عاما إلا أن من يعرفونها هناك قطعوا التواصل معها.
وتابعت قائلة إن أغلب من يزورون دبي لا يعلمون حقيقة الوضع في البلد ويعيشون في فقاعة لا يرون منها سوى الشمس والبحر ومراكز التسوق.
وأضافت “إذا كان الحبس هو مصير ابنتي الحاكم لمجرد رغبتهما في نيل الحرية، ماذا عن باقي الناس هناك؟”
اضف تعليقا