جلال إدريس

 

لم تعد دولة “الإمارات العربية المتحدة” هي تلك الدولة صغيرة الحجم على خريطة العالم، والتي لا تزيد مساحتها على 84 ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانها نحو 9 ملايين نسمة، لكنها أًصبحت دولة المؤامرات العربية المتحدة.

بهذا الشكل علق مغردون ونشطاء على التفاصيل الخطيرة التي كشفها موقع “لوموند أفريك” الفرنسي، عن فشل محاولة انقلاب عسكري في تونس، كانت بدعم وتخطيط من دولة الإمارات.

فشل الانقلاب العسكري في تونس بدعم إماراتي يضيف انقلابًا جديدة إلى دولة الإمارات، ويرفع عدد المؤامرات والانقلابات التي حاولت القيام بها في الدول العربية والإسلامية.

وبين انقلاب ناجح وآخر فاشل رصدت “العدسة” 6 انقلابات عسكرية قامت الإمارات بدعمها والتخطيط لها في العالم العربي والإسلامي على مدار السنوات الخمس الماضية:

انقلابات ناجحة

انقلاب السيسي في مصر

يعد الانقلاب العسكري في مصر الذي خططت له الإمارات ودعمته منذ اللحظة الأولى، أبرز الانقلابات العسكرية الناجحة لدولة الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية، حيث استطاعت من خلال هذا الانقلاب التخلص من الإسلاميين في مصر والزج بهم في غياهب السجون، وإعادة زمام الأمور في قبضة العسكر المتحالفين مع الإماراتيين.

وكشفت وثائق وتسريبات متعددة دور الإمارات الكبير في دعم الانقلاب العسكري الذي جرى في 3 يوليو 2013 على أول رئيس مدني منتخب في مصر، وهو الدكتور محمد مرسي، حيث ساندت الإمارات ما يعرف بحركة “تمرد” وبعدها دعمت فلول نظام مبارك والعسكريين الهاربين إليها حتى تمكنوا من إحكام انقلاب عسكري متقن على “مرسي”.

كما أغدقت الإمارات على العسكريين في مصر بالأموال والمنح والمساعدات كي يتمكنوا من تجاوز الاحتجاجات التي قادها أنصار الرئيس مرسي عقب الانقلاب عليه، ومن ثم قدمت الإمارات لقائد الانقلاب العسكري الجنرال عبد الفتاح السيسي عشرات المليارات من الدولارات ليبقى في صدارة المشهد، وبعدها دعمت انتخابه رئيسًا للبلاد.

لم تقدم الإمارات تلك الأموال ولم تدعم هذا الانقلاب هباءً، لكن دولة “صغيرة الحجم كالإمارات” أصبحت بفضل دعمها وتخطيطها للانقلاب العسكري في مصر، هي المتحكم في مقدرات مصر، بل يمكن أن نقول هي الآمر الناهي في البلاد، حتى أصبح اسم مصر مقرونًا خارجيًا باسم تلك الدولة، كما أن المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري والإعلامي المصري، بات مقرونًا باسم تلك الدولة.

التحكم الإماراتي في مصر بعد الانقلاب لم يعد قاصرًا على التحكم في المشهد السياسي، لكن تحكم الإمارات في مصر امتدَّ إلى السياسة والاقتصاد والثقافة والفن، والجوانب الاجتماعية، والعلاقات الخارجية، وكل شيء، باتت “أبو ظبي” تحكم وتتحكم فيه، وكأن القاهرة أصبحت إمارة ثامنة لشيوخ دولة الإمارات.

وحفتر في ليبيا

الوضع في ليبيا تشابه إلى حد كبير مع الوضع في مصر، فيما يتعلق بدعم الإمارات لانقلاب عسكري على ثورة 17 فبراير التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وبعد نحو 3 أعوام من الإطاحة بنظام القذافي، دعمت الإمارات أحد العسكريين الليبيين كي ينقلب على أهداف الثورة، ويزج بإسلاميي ليبيا في غيابات السجون، لكنها فشلت في تحقيق ذلك بشكل كامل، حيث تحولت ليبيا إلى ساحة حرب وصراع مسلح بين الفصائل والأطياف المختلفة.

ويبدو أن الإمارات لم تجد أفضل من اللواء المتقاعد «خليفة حفتر»  ليقوم بتلك المهمة، خصوصًا وأن الرجل عرف عنه تورطه في انقلابات عسكرية سابقة، كانت المرة الأولى من خلال مشاركته في الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد الليبي الراحل «معمر القذافي» ضد الحكم الملكي في 1969، قبل أن يتحول إلى أسير في الحرب ضد تشاد في 1988، لكنه فشل في الانقلاب على رفيق دربه السابق في 1993، وبقي في منفاه الاختياري في أمريكا إلى أن جاءت ثورة 2011، التي أطاحت بـ«القذافي»، ولكن الثوار رفعوا رتبة «حفتر» العسكرية درجة وأحالوه على التقاعد، وهذا أسوأ ما كان يطمح إليه الرجل.

لم ينس «حفتر» ما فعله به الثوار، وعاد الجنرال المتقاعد إلى واجهة الأحداث فيما سمي واقعة «الانفلاش»، عندما أعلن في فبراير2014، عن انقلاب جديد في التلفزيون دون أن يكون له أثر على الأرض.

ورغم أنه تعرض لهزيمتين كبيرتين عندما تمكن تحالف «فجر ليبيا» من طرد حلفائه (السابقين) «كتائب الزنتان» من العاصمة طرابلس، واقتحام تحالف «مجلس شورى ثوار بنغازي» لمقاتليه من معسكراتهم في مدينة بنغازي (شرق) في 2014، لكنه وبدعم من حلفائه الخارجيين وفي مقدمتهم الإمارات، وقف مجددًا على رجليه واستعاد المبادرة في بنغازي ووصلت قواته إلى غاية الهلال النفطي غربًا، ليصبح بعد ثلاث سنوات، أبرز شخصية في معادلة الحرب والسلام في البلاد.

انقلابات فاشلة

انقلاب فاشل في تركيا

لم تكن الإمارات بعيدة أيضا عن الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا في  15 يونيو 2016، والذي أفشله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد مناصرة واسعة له من الشارع التركي، لتسجل تركيا أسرع انقلاب فاشل في تاريخها.

وفي الساعات الأولى عقب فشل المحاولة الانقلابية بدأت أصابع اتهام أنقرة تتجه نحو جماعة “فتح الله جولن”، زعيم “الكيان الموازي”، غير أنها اتّجهت فيما بعد صوب دولة الإمارات التي دعمت العملية العسكرية.

ونقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، عن مصدر مقرّب من المخابرات التركية، لم تسمه، قوله: إن الإمارات أسهمت في تحضير محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، بوساطة رجلها في الشرق الأوسط، القيادي الفلسطيني محمد دحلان.

الموقع البريطاني تحدّث عن أن دحلان المقرّب من محمد بن زايد، حاكم أبوظبي، حوّل أموالًا إماراتية إلى “الانقلابيين الأتراك قبل أسابيع من إخفاق محاولة انقلابهم، بل إنه كان يؤدّي دور الوسيط بين بن زايد وجولن المقيم في أمريكا”.

ولعل وسائل الإعلام العربية التي تبثّ من الإمارات خرجت في الدقائق الأولى تروّج لنجاح الانقلاب على نظام أردوغان، بما يتّسق مع مساعي بن زايد، كما أن أبوظبي كانت من الدول المتأخّرة في إعلان موقفها ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة.

ومحاولة فاشلة في قطر

المساعي الإماراتية لدعم انقلابات على أنظمة الحكم في الدول العربية، كانت حاضرة وبقوة في معركة الإمارات مع دولة “قطر” وذلك بمساندة من دول الحصار الأربعة (السعودية والبحرين والإمارات ومصر).

محاولة الانقلاب على الأمير القطري تميم بن حمد، كشفتها تقارير غربية وتصريحات مسئولين عرب وقطريين، من بينهم وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع، خالد بن محمد العطية،  والذي صرح لصحيفة واشنطن بوست، قائلا: “إن السعودية والإمارات خطّطتا لغزو قطر، وإنهما جرَّبتا أمورًا شتّى؛ من إثارة القبائل إلى استخدام المساجد ضد قطر، ثم محاولة الحصول على بعض الدمى للإطاحة بقادة قطر”.

وحاولت الإمارات بكل الطرق جاهدة لتحقيق هدفها في إحكام السيطرة على القرار السياسي القطري، وهو ما بدا واضحًا في استخدام المواطن القطري، الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، لتشكيل كيان ينقلب على الأمير، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

لكن أبوظبي وحليفتها الرياض  سجلتا فشلًا جديدًا في قطر بعد أن أخفقتا في إخضاع عبد الله آل ثاني لخطط انقلابية رفضها، فوجد نفسه محتجزًا مرّة، وتحت الإقامة الجبرية مرة أخرى، ثم حاولوا التخلّص منه بعدما حاول الانتحار.

الإمارات، وإلى جانبها السعودية، التزمتا صمتًا بطعم الفشل عندما فُضح الأمر وخرج آل ثاني بتسجيل صوتي اتّهم فيه الدولتين بافتعال الأزمة الخليجية للسيطرة على ثروات دولة قطر.

وفشل في السودان أيضًا

السودان أيضًا لم يسلم من محاولة إماراتية للانقلاب على نظام الحكم فيها؛ حيث أكدت تقارير عربية ودولية أن عام 2017 شهد السودان فيه محاولة انقلابية على البشير، لكن الرجل سعى لإبطالها من خلال التصعيد العسكري والحشد الإعلامي، وكذلك من خلال إقالة بعض الشخصيات التي شك في دعمها للتحركات الانقلابية.

ووفقا لـ”مراقبين” فإن الإمارات  وأطرافًا خليجية وعربية أخرى، هم من كانوا يقفون وراء محاولة الانقلاب على البشير، حيث إن تلك المحاولات لا تعد الأولى من نوعها، حيث سبق وأن أقدم “البشير” على إقالة عثمان طه الحسيني مدير مكتب البشير، وذلك منتصف العام الماضي، بعدما اكتشف مخططا يسعى إلى تنفيذه عثمان “طه”، يستهدف دعم محاولة انقلابية في “قطر” بتمويل إماراتي سعودي، ومن ثم محاولة انقلابية في السودان، وفقا لصحيفة عربي 21.

محاولة الانقلاب على “البشير” رتبت بعد أن شكل التقارب التركي السوداني باتفاقية “سواكن” ازعاجًا لمصر ولبعض دول الخليج، خصوصًا وأن تركيا تقف في صف “قطر” في مواجهة الحصار الخليجي المفروض عليها، وتخشى مصر ودول خليجية من إقامة قاعدة عسكرية في الجزيرة السودانية، وهو ما يعني  نفوذًا لإسطنبول على البحر الأحمر.

مخطط الإطاحة بالبشير كان كشف عنه أيضًا “ياسين أقطاي – رئيس لجنة العلاقات التركية القطرية في البرلمان التركي “حيث كان قد زعم في مقابلة مع صحيفة “الشرق” القطرية، نشرت في 12 ديسمبر الماضي، أن “الإمارات دعمت محاولة انقلاب ضد عمر البشير في السودان قبل أشهر، من أجل جر البلاد إلى حالة من الفوضى لا يعلم عاقبتها إلا الله”، على حد قوله.

وأخيرًا فشل جديد في تونس

ومؤخرًا مُنِيت الإمارات بفشل جديد في انقلاباتها العسكرية لكن هذه المرة في دولة “تونس”،  حيث كشف تقرير فرنسي النقاب عن تفاصيل محاولة انقلابية فاشلة في تونس خططت لها دولة الإمارات العربية المتحدة، لإسقاط النظام الديمقراطي في البلاد.

وذكر موقع “لوموند أفريك” الفرنسي، أن وزير الداخلية التونسي المقال، لطفي براهم، التقى سرًا مسؤولًا في المخابرات الإماراتية بجزيرة جربة التونسية وخططا معًا لـ”انقلاب” على السلطة في تونس.

وبيّن التقرير، الذي نقلت تفاصيله شبكة “الجزيرة”، أن جهات استخباراتية فرنسية وألمانية وجزائرية هي من كشفت المخطط الإماراتي وأبلغت السلطات التونسية بتفاصيله.

وأوضح أن اللقاء جرى عقب عودة مسؤول المخابرات الإماراتي من لقاء تمهيدي لقمة باريس بشأن ليبيا، نظَّمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 29 مايو الماضي.

وبين الموقع أن من بين الأهداف الأساسية للمخطط الإماراتي، استبعاد حركة النهضة نهائيًا من الحياة السياسية في تونس، وذلك برغم وصولها للحكم بالانتخابات ودخولها في تحالف مع الرئيس الحالي المنتخب ديمقراطيًا الباجي قايد السبسي.