أصدرت منظمة العفو الدولية تقرير صادم حول تورط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عمليات اعتقال تعسفي لآلاف الأشخاص في سوريا، بينهم مواطنون بريطانيون، داخل معسكرات ومنشآت في شمال شرق سوريا، حيث ينتشر المرض والتعذيب والموت.

 

وقالت المنظمة في تقرير لها صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع إن سلطات المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي المدعومة من الغرب متورطة في ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد الأشخاص المحتجزين منذ نهاية الحرب البرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قبل أكثر من خمس سنوات.

 

وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة “متورطة في إدارة نظام الاعتقال نفسه والذي يتكون مما لا يقل عن 27 منشأة لم يتم الإبلاغ عن معظمها، حيث يتم احتجاز المنتمين أي شخص مشتبه في انضمامه لداعش، وكذلك مخيمي الهول وروج”.

 

ووفقاً للتقرير، فإن 56 ألف معتقل، من بينهم 30 ألف طفل و14500 امرأة، وأكثر من 20 مواطناً بريطانياً، فضلاً عن أشخاص جُردوا من جنسيتهم البريطانية – وأشهرهم شاميما بيجوم (في روج)، التي كانت تبلغ من العمر 15 عاماً عندما غادرت منزلها في شرق لندن للسفر إلى أراضي داعش.

 

قدمت المملكة المتحدة أكثر من 15 مليون جنيه استرليني للمساعدة في توسيع منشأة كبيرة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية تسمى بانوراما، والتي تحتجز الرجال والصبيان الذين حرموا من الحصول على الغذاء والرعاية الطبية الكافية، مما أدى إلى إصابتهم بالأمراض، خاصة مرض السل الذي تفشى بصورة كبيرة ويقتل حاليًا شخصا أو شخصين في الأسبوع، حسب تقرير العفو الدولية.

 

في بيان خاص، قال ساشا ديشموخ، الرئيس التنفيذي لأمنستي في المملكة المتحدة: “إن استمرار تقاعس الحكومة عن التحرك يرقى إلى مستوى التواطؤ في الاحتجاز غير القانوني لمواطني المملكة المتحدة في ظروف مروعة وسط المرض والقتل البطيء”، وتابع “تتحمل حكومة المملكة المتحدة مسؤولية تجاه جميع مواطنيها، بما في ذلك شاميما بيجوم، ولا يمكنها التخلي عن تلك المسؤولية مهما كانت الظروف”.

 

وشدد ديشموخ على أنه يتعين على المملكة المتحدة التوقف عن “منع عودة مواطنيها للبلاد”، والمساعدة في إنشاء عملية عادلة لتحديد من يجب إطلاق سراحهم ومن يجب أن يقدم إلى العدالة.

 

يتضمن تقرير العفو الدولية مقابلات مع 126 معتقلاً حالياً وسابقاً، احتوت شهاداتهم على تفاصيل مروعة عن التعذيب وسوء المعاملة الذين يلاقونه داخل مقار الاحتجاز التي تديرها جماعات مدعومة من أمريكا وبريطانيا.

 

في إفادته، قال يوسف (اسم مستعار)، وهو واحد من ثمانية رجال محتجزين في مركز احتجاز تابع لقوات سوريا الديمقراطية على مشارف مدينة الشدادي: “الأسوأ كان عندما دخلوا الغرفة… حاملين أنابيب بلاستيكية وكابلات وأنابيب فولاذية… كانوا يضربوننا في كل مكان… كل 15 يومًا، كانوا يخرجوننا، إلى الفناء، كلنا عراة… كان [الحراس] يغتصبون المعتقلين بالعصا… وذات مرة أخذوني [خارج الزنزانة] مع شاب آخر… أحضروا كابل كهرباء من المولد، وواصلوا تعذيبنا بالكهرباء… أعتقد أن الرجل الذي كان بجواري مات… توقف عن الحركة والصراخ”.

 

 

وقال معتقل آخر إن الدماء كانت منتشرة على الحائط في جميع أرجاء المعسكر، وقد تأكد الجنود الأمريكان من ذلك بأنفسهم خلال زيارتهم للمنشأة في ديسمبر/كانون الأول 2021، مع ذلك لم يتغير الوضع، ما يعني موافقة ضمنية على ما يحدث.

 

 

وسلط التقرير الضوء على الانتهاكات التي تتعرض إليها النساء على يد هذه الجماعات وبمباركة أمريكية وبريطانية، لافتًا أن انتماء هذه النساء لمجتمع الهول أو لداعش في وقت من الأوقات كان مبررًا كافيًا لهذه الجماعات أن تستغلهم جنسيًا وتهددهم بالاغتصاب وتفصلهم عن أبنائهم، في ممارسات لا تختلف عن ممارسات تنظيم داعش الذي من المفترض أنهم حاربوه وسعوا للقضاء عليه اعتراضًا على هذه الجرائم.

 

من بين المحتجزين أيضًا داخل هذه المقار ضحايا داعش، بما في ذلك ضحايا الإبادة الجماعية للإيزيديين، وضحايا الزواج القسري من أعضاء الجماعة المسلحة، والأطفال الذين أُجبروا على التجنيد.

وتقول العفو الدولية إن معظم الأشخاص لم توجه إليهم اتهامات، في حين اعتمدت المحاكمات التي جرت على “اعترافات” منتزعة تحت التعذيب، دون تمثيل قانوني.

 

من ناحيتها، قالت أنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “لقد لعبت حكومة الولايات المتحدة دورًا مركزيًا في إنشاء وترسيخ قواعد هذا النظام الذي مات فيه مئات الأشخاص نتيجة التعذيب والاحتجاز في ظروف مهينة… يجب أن تلعب دورًا في تغييره”.