قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن آلاف الإثيوبيين الذين أعيدوا إلى وطنهم من سجون السعودية بموجب مبادرة إثيوبية سعودية مشتركة، ويتعرضون للاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة من قبل السلطات الإثيوبية.

وبحسب التقرير، فإن المحتجزين هم في الأصل من أبناء منطقة تيغراي الشمالية بإثيوبيا، والذين يتعرضون لاضطهاد ممنهج من قبل السلطات هناك، ووفقاً لمصادر مطلعة على الأمر فإن المحتجزين يتعرضون لسوء معاملة وتعذيب يفضي إلى الموت في بعض الأحيان، فضلاً عن إجبارهم على العمل رغماً عنهم في ظروف قاسية.

هؤلاء المحتجزون كانوا من العمال المهاجرين الذين قضوا ما يصل إلى عام في ظروف مروعة وقاسية داخل السجون في المملكة العربية السعودية قبل إعادتهم إلى أوطانهم.

في تصريحات لموقع Middle East Eye، قالت نادية هاردمان من هيومن رايتس ووتش “إن ما يتعرض له هؤلاء العمال مرعب بكل ما تحمله الكلمة من معنى…. يتم اعتقال وإخفاء المرحلين من السعودية فقط لأنهم من أبناء منطقة تيغراي”، مضيفة “بعد معاناتهم لسنوات من الانتهاكات المروعة في السعودية، سواء السجن أو ظروف العمل التي سبقت ذلك، يتعرضون الآن للاضطهاد من قبل حكومتهم، وحرمانهم من حرية التنقل وأي اتصال مع عائلاتهم “.

حدد تقرير هيومن رايتس ووتش، الذي نُشر يوم الأربعاء، مواقع الاحتجاز في أديس أبابا، وكذلك في مناطق أوروميا في الجنوب، ومنطقة عفار.

قال مهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش إنه تم القبض على بعضهم أثناء محاولتهم السفر إلى مسقط رأسهم في تيغراي.

أحد هؤلاء المهاجرين، الذين تمكنوا من السفر إلى مدينة  Semera، عاصمة منطقة عفار الإثيوبية المتاخمة لتيغراي، قال إنه تم نقلهم إلى سجن بالقرب من مطار Semera حيث يحتجز المئات من العائدين التيغرايين من المملكة العربية السعودية.

وقال المحتجز، الذي عُرف باسم دانيال فقط، لـ هيومن رايتس ووتش: “هناك عمليات ضرب وتعذيب أسوأ مما كنا نتعرض إليه في السعودية”.

وأضاف “قامت الشرطة بضربنا وإساءة معاملتنا وإهانتنا… ضربونا بالعصي المطاطية، وفي بعض الأحيان كانوا يضربوننا بعصي خشبية… كان الضرب أشبه بروتين يومي، الطبيعي أن نتعرض للضرب والإهانة والتعذيب “.

فيما أوضح آخرون أن الشرطة تلتقط العائدين مباشرة من مراكز استقبال المهاجرين في أديس أبابا.

قال شخصان تم ترحيلهما من المملكة العربية السعودية إنهما كانا من بين 150 شابًا نُقلوا قسراً إلى مدينة جيما بغرب إثيوبيا في 21 نوفمبر / تشرين الثاني، وأُجبروا على العمل مقابل قليل من الطعام وبدون أجر في مزارع البن تحت المراقبة الدقيقة لميليشيا محلية.

حدد المهاجرون مجمع كلية زراعية في بلدة Shone في جنوب غرب إثيوبيا، على بعد حوالي 264 كيلومترًا من أديس أبابا، كمكان تم تحويله إلى معسكر اعتقال للمرحلين من السعودية.

يُذكر أن إثيوبيا تخوض حرباً أهلية بين حكومتها الفيدرالية ومقاتلين متمردين من جبهة تحرير شعب تيغراي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وقد أدت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين.

خلال العام الماضي، أدى تفشي المعاملة العنصرية على أساس عرقي ضد المدنيين من تيغراي في أديس أبابا وأماكن أخرى في جميع أنحاء البلاد إلى زيادة المضايقات واحتجاز آلاف المدنيين في مراكز احتجاز مؤقتة، ومع ذلك تم ترحيل العمال التيغرانيين إلى إثيوبيا.

وكانت القوات الأمنية في المملكة العربية السعودية -التي تضم نحو 200000 عاملاً إثيوبياً- حملة قمع واسعة النطاق في أوائل عام 2020 على عدد كبير من العمال المهاجرين الذين انتهت إقاماتهم، واعتقلوا عشرات الآلاف من الإثيوبيين، بدعوى محاربة تفشي فيروس كورونا الذي كان في بداية انتشاره آنذاك.

وكان تحقيق نشرته صحيفة التلغراف في أغسطس/آب 2020، قد كشف عن ظروف مروعة في مراكز احتجاز المهاجرين السعوديين المكتظة، حيث اتضح أن الضرب والجوع شائعان في مركزي جازان والشميسي، اللذين كانت مياه الصرف الصحي تغمرهما باستمرار، فضلاً عن الانتهاكات الأخرى التي تعرض لها المحتجزون.

بعد ضجة شملت قراراً من البرلمان الأوروبي يدين إساءة معاملة السعودية للمهاجرين، توصلت السلطات الإثيوبية والسعودية إلى اتفاق لبدء ترحيلهم.

بعد أشهر من الاتفاقية، كشف موقع ميدل إيست آي أن حملة قمع أخرى للمهاجرين في يونيو/حزيران 2021 أدت إلى آلاف الاعتقالات الإضافية، بما في ذلك الإثيوبيين الذين لديهم تصاريح إقامة سارية، وأعقب حملة القمع عمليات ترحيل مكثفة لأكثر من 30 ألف إثيوبي في الفترة ما بين 26 يونيو/حزيران و 9 يوليو/تموز فقط.

في حين يمكن للمرحلين من الجماعات الإثنية الإثيوبية الأخرى أن يتوقعوا العودة إلى ديارهم ولم شملهم مع عائلاتهم، فإن المعاناة لم تنته بالنسبة لآلاف من عرق التيغراي، الذين حوصروا في الحرب الأهلية، وأصبحوا ضحايا التوترات العرقية المتفاقمة في البلاد.

قال جبريميسكل، وهو من أبناء تيغراي الذي لا يزال يقيم في الرياض، لموقع Middle East Eye عبر الهاتف: “هناك من أبناء التيغراي في السعودية الذين يخشون الآن الترحيل أكثر من خوفهم من السجن داخل المملكة”.

وأضاف “توقف العديد من أصدقائنا الذين أعيدوا عن الرد على هواتفهم بعد بضعة أسابيع في إثيوبيا. ليس لدينا أي فكرة عن مكانهم، ونخشى الأسوأ “.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا