العدسة – معتز أشرف
العديد من العادات العربية والتقاليد المصانة رغم مرور الزمن، وتطل في الأفق المبهج مع كل طلة لعيد الفطر المبارك.. نرصدها في سياق هذا التقرير:
العيدية
في العديد من الدول العربية والإسلامية تبرز “العيدية”، وهي ماليات يدفعها رب الأسرة أو الأقارب الأكبر لأطفال الأسر، وفي مصر والسودان والأردن تشهد العيدية تفاصيل ممتعة وحرصًا عليها من قبل الأسر وذويهم، حيث يتم توزيع القطع المعدنية على الأطفال ليشتروا ما يحبون من ألعاب وحلوى، ولكن في الأردن تحديدًا هناك عيدية أخرى توزع على الزوجات كنوع من صلة الرحم.
وفى عمان، توزع العيدية على الأطفال أثناء الاحتفال بالعيد في مكان مخصص للاحتفال بالعيد بين الأهل والأقارب يسمى “القلة”، ويتم التجمع فيه وتبادل الهدايا والحلوى بين الأطفال.
وفى السعودية، هناك يومان لأخذ العيدية، يوم للبنين ويوم آخر للبنات، ويخرج الأطفال في اليومين للطرق على الأبواب لأخذ العيدية، وتسمى أيام الطلبة.
أما في الكويت، ففي أول أيام العيد يذهب الأطفال للطرق على الأبواب لأخذ الحلوى، وتسمى هذه الحلوى باسم «القرقيعان»، وهو عبارة عن حلوى مختلطة بالزبيب.
أما المغرب، فهى أغرب الدول العربية في توزيع العيدية؛ حيث يتم توزيع قيمة ثابتة للعيدية وهي ٥ دراهم، فيما تصاحب الزيارات العائلية في قطر دوما “العيدية”، وفي الكويت يتجمع الصغار في الفريج «الحي» يأخذون العيدية ويمرون على بيوت الأهل، وهم مبتهجون بملابسهم الجديدة.
حلويات تاريخية
ومع حلول عيد الفطر تعود معه حلويات تاريخية بحسب كل دولة، ففي السودان يتم إعداد أصناف الحلوى من الكعك والخبز، مثل الغريبة والبيتي فور والسابليه والسويسرول بكميات وافرة، وفي اليمن تحرص السيدات اليمنيات على تقديم “بنت الصّحن أو السّباية” وهي عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها البعض، ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي، أما فلسطين تستعد النسوة لعيد الفطربعمل الحلويات الشعبية، مثل: “المعمول”، و”حلي سنونك” و”اليحمي”.
وتشتهر مصر بحرص أهلها مع عيد الفطر على صنع حلويات الكعك والبسكويت بالبرتقال والبتيفور والغريّبة، حتى شهد أكبر اعتصام سياسي في مصر في عام 2013، والذي أقيم بمنطقة رابعة العدوية، وعرف باسمها تجمعات نسائية حرصت على صنع الكعك والبسكويت للمعتصمين والزوار بمناسبة العيد، في طريقة كانت لافتة في هذا الوقت، قبل أن يتم ارتكاب النظام المصري لمجزرة عقب عيد الفطر في 14 أغسطس 2013.
وتحضر الإماراتيات حلوى “اللقيمات” و”البلاليط” لتقديمها للضيوف في العيد، أما بالنسبة للحلويات، فتتفن التونسيات في صنع مختلف أشكال الحلوى مثل “محكوكة” و”رخايمية” و”رفيسة” و”جاوية” و”قطايف” وغيرها، وفي ليبيا بعد العودة من صلاة العيد، تحضر النساء “الفطيرة” كوجبة خفيفة يبدأون بها النهار بعد تعود المعدة على الصيام، كما يتم تحضير أصناف مختلفة من الحلويات مثل الدبلة والمقرود والغريبة والصويبعات.
وفي المغرب نجد أبرز الحلويات التي تطل مع عيد الفطر هي: كعب غزال والفقاص وغريبة الكاوكاو أو الزنجلان والبريوات والكعك المنقوش وبليغات باللوز، أما العيد في بلاد الشام عامة، ففيها المعمول وكعك العيد بمختلف أشكاله، من التمر والجوز والفستق الحلبي.
وتشتهر الجزائر بحلوى العيد الجزائرية الشعبية، مثل: “المقروط ” و”الصامصة” و”التشاراك” و”الغريبية” و”الشباكية”، أما في العراق فيصنع العراقيون حلوى “الكليجا” المعروفة، التي يشتهر بها العراقيون، وهي حلوى محشوة بالتمر ومعطرة بماء الورد.
وتختلف أصناف الحلويات في المملكة العربية السعودية بحسب المناطق، ففي مكة والمدينة وجدة، تقدم حلوى “الدبيازة” إضافة إلى حلوى المعمول والغريبة وغيرها، أما الرياض فتشتهر بعصيدة التمر و”حلاوة بالسكر” التي تصنع من السكر والدقيق المعصد، أما الحلوى الكويتية الخاصة بالعيد فهى شعر البنات، وهي حلوى خاصة تصنع على شكل الشعر الطويل، وما تزال هذه الحلوى تقدم في العيد، كما كان يقدم معها في العيد الهريس؛ وهو نوع آخر من أنواع حلوى العيد.
وفي قطر يعود القطريون إلى مساكنهم لاستقبال الأقارب والمهنئين بعيد الفطر، وهو ما يعرف باسم “الفالة”، وهي عادة اجتماعية تعتبر عنوانًا للكرم والضيافة، وتتكون “الفالة” من القهوة الخليجية والحلوى العُمانية والتمر والأكلات التراثية مثل: “البلاليط” و”اللقيمات” وغيرها من المأكولات الشعبية، وتختلف أصناف “الفالة” من منزل لآخر، فهناك من يقدم المأكولات الشعبية فقط، وهناك من يعمل على التنويع ما بين المأكولات الشعبية والحديثة مثل الشوكولا والكعك والحلويات الشامية، إضافة إلى سلال الفاكهة.
الزيارات بعد الصلاة
ومن أبزر التقاليد، الزيارات بعد أداء صلاة عيد الفطر في الساحات، ويحرص القطريون في العيد على صلة الرحم وزيارة الأقاب والجيران، ويمثل الاجتماع في بيت “العود” (بيت الأجداد) واحدًا من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد.
وفي اليمن، يقوم أهل القرى في اليمن بنحر الذبائح، وتوزيع اللحوم على الجيران والأقارب، والجلوس في المجالس طوال العيد، وتبادل الزيارات، أما في السودان فيتوافد الزائرون بعد صلاة العيد، التي تؤدى في الساحات قرب المساجد، إذ يشهدها الجميع، ويتبادلون التهاني، ثم يتوافد رجال الحي في كثير من القرى إلى منزل أحد الكبار، حاملين إفطارهم، ثم يخرجون جماعات لزيارة المرضى وكبار السن ومعهم النساء والأطفال، ويقضون نهار اليوم الأول في الزيارات وتهنئة الجيران.
وتتميز الأسر السعودية بعادة خاصة عن الأسر الأخرى عادة، وذلك باستئجار الاستراحات التي تقع في المدينة أو في أطرافها، إذ يتم استئجار «استراحة» يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، التي تضم الجد والأولاد والأحفاد، وتقام الذبائح والولائم، يخلفها اللعب من الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.
وفي مصر تعتبر الزيارات أحد المعالم الرئيسية لعيد الفطر، حيث تؤدى صلاة العيد في الساحات الكبيرة والمساجد العريقة بالقاهرة والمحافظات، وعقب الصلاة يتبادلون التهاني بقدوم العيد المبارك والزيارات الأسرية.
وفي الإمارات تشهد البلاد – بعد الخروج إلى مصليات العيد في الصباح، ثم تبادل التهاني والتبريكات بين أفراد المجتمع- اجتماع أفراد كل منطقة في مجلس عام أو منزل إحدى الشخصيات الاجتماعية البارزة، يتبادلون خلاله التهاني، ويتناولون وجبات العيد الشعبية المتعارف عليها، كوجبة “الهريس” المعروفة.
زيارة المقابر
في العراق اتخذ سكان أغلب المدن العراقية من زيارة أمواتهم في الأعياد تقليدًا وطقسًا دينيًّا يؤدى جيلاً عن جيل، ومنذ اليوم الأول للعيد تتحول مقبرتا مدينة كربلاء إلى كرنفال حزين يقرأ فيه القرآن وسورتا (الفاتحة وياسين)، كما يُرش سطح القبر بماء الورد، ومن ثم تقدم العائلة للزوار الآخرين ما جلبوه معهم من أطعمة وفواكه ثوابًا لروح من مات.
ويحرص كثير من المصريين على زيارة القبور بعد صلاة عيد الفطر، وتختلف طقوس العادة من مُحافظة لأخرى؛ فريف مصر وصعيده اتفق على توزيع ما يُسمى بـ”الرحمة” على روح الميت، وهي مجموعة من الفواكه المتنوعة والمعجنات، وتقوم “السيدة” الصعيدية بتحضير القُرص وما يُسمى بـ”كحك الطلعة” والفواكه، بجانب إحضار المقرئين لقراءة القرآن بمقابل مادي، سواء كان المقابل نقودًا أو مما يوزعونه على أرواح الموتى.
كما يحرص أهل فلسطين على تأدية صلاة العيد في المسجد الأقصى الشريف، مع محاولات منع المحتلين من أداء شعائرهم الدينية داخل المسجد، وبعد الخروج من المساجد؛ يذهب العديد منهم إلى المقابر لقراءة القرآن على شهدائهم.
الفسيخ والمأكولات
وتشتهر مصر بأكل الفسيخ والرنجة (سمك مملح بطريقة مصرية خاصة) ومع قدوم عيد الفطر، حيث يهتم قطاع عريض من المصريين بشراء “الفسيخ والرنجة” والتي تعد الأكلة الأكثر إقبالًا عليها في العيد.
وفى سلطنة عُمان، يتناول الناس وجبة إفطارهم الصباحية، وهي الوجبة الأولى للعيد “العرسية”، التي طبخت منذ الليل، وهي الوجبة المفضلة والشهيرة لدى عامة العمانيين، ثم يذهبون لتأدية صلاة العيد، أما في اليمن، فتعتبر “السَّلتة” أشهر أكلة يمنية في العيد، وهي تتكون من الحلبة المدقوقة، وقطع البطاطا المطبوخة، مع قليل من اللحم والأرز والبيض.
أما في تونس، فلكل ولاية طبقها المميز احتفالًا بالعيد، لكن نجد أن طبق “الشرمولة” التونسي الشهير هو العامل المشترك، وفي البحرين تتميز البلاد بأكلات كطبق “البلاليط” وهو الشعيرة المحلاة مع البيض المقلي والعصيد والخبيص والبثيث والعقيلي، في حين أن وجبة الغداء لا يراد أن يتصدرها سوى طبخة العيد الشعبية “الغوزي” وهي تحوي الأرز مع اللحم أو الدجاج المزين بالمكسرات، بجانب سلال الفواكه وأصناف مشكلة من السلطات والعصائر.
اضف تعليقا