للتصميم: فيس بوك يطرد المتسولين

 

العدسة – ربى الطاهر

هل أنت من رواد موقع “فيس بوك”؟

إذا كنت من مستخدمي هذا الموقع فلابدَّ وأنك قد شاهدت تلك المنشوارت التي تتسول الإعجابات والتعليقات، فهذه الظاهرة التي أزعجت الكثيرين دفعت شركة مثل فيس بوك للبحث عن تقنية جديدة لمواجهة هذا التسول الافتراضي من “اللايك” والإعجاب، في محاولة للحد من هذا الأسلوب المثير للاشمئزاز.

ولذا فقد أطلقت فيسبوك  حملة من فرض العقوبات على هذه المنشورات التى تتسول الإعجابات على صفحاتها.

وذكرت الشركة التى يستخدمها أكبر عدد من رواد  شبكات التواصل الاجتماعي في العالم، أنها ستقر عقوبات على أصحاب الصفحات الذين يلجأون إلى تسول النقر على علامة الإعجاب أو كتابة التعليقات بهدف الوصول إلى مساحة أوسع من رؤية محتواهم.

كما تسعى الشركة كذلك لوضع حد لتلك المغريات التي تهدف إلى نفس الظاهرة على سيبل المثال “شارك أصدقاءك حتى تحصل على منتج تجارى كذا… أو على رحلة مجانية إلى كذا… ” وكل هذه المغريات إنما هدفها هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين.

كيف سوف تحارب فيسبوك ذلك؟

أوضح المسئولون عن الشركة أنها ستتبع نظامًا جديدًا يخفض من رتبة تلك الصفحات والأشخاص الذين يتعمدون هذه الوسيلة في منشوراتهم.

وأشاروا كذلك إلى أن هناك بعض المنشورات التى تحمل جانبًا إنسانيا قد يتطلب فيه الأمر طلب مشاركة المنشورات مثل صور الأطفال المفقودين أو المساهمة لجمعية خيرية أو تبرعات لأمر هام.. الخ كل هذا سوف يتم استثناؤه.

 

أرقام وحقائق         

وقد كشفت أحدث الدراسات الصادرة عن الشركة الإعلاميةwe are social  ومنصة إدارة حسابات التواصل الاجتماعي أن عدد مستخدمي هذه المواقع على مستوى العالم تجاوز 3 مليارات مستخدم.

وتشير الدراسات إلى أن 64 % من مستخدمي فيسبوك هم في الفئة العمرية الأقل من 30 سنة، كما أنَّ مستخدمي الفيس بوك تحديدًا من أكثر رواد مواقع التواصل الاجتماعي إدمانًا، ووفقًا للتقرير الذي أصدره مركز بيو الأمريكي للأبحاث واستطلاعات الرأي الذى أكد أن 74 % من  رواد فيسبوك يتصفحونه مرة واحدة على الأقل يوميًا بينما 63 % من مستخدمي سناب شات و60 % من مستخدمي انستجرام يتصفحونه مرة واحدة يوميًا.

وكذلك  أشار ت دراسات  نشرها موقع   the verg الشهير المعني بدراسة تأثير التكنولوجيا على الإنسان أن تعبيرًا مثل تروق لك أو إعجاب على فيسبوك أو تغريدة على تويتر باتت من أكثر الأمور أهمية وإشباعًا على المدى القصير لدى المستخدمين من العلاقات الجدية الحقيقية.

كما كشف موقع “مجلة محرك البحث” حجم النمو في قطاع وسائل التواصل الاجتماعي، والتى قد نشرت 3 بيانات رسومية (إنفوجرافيكس) – الأول عام 2011، وتم تحديثه في العام 2013، ثم نشرت نسخة محدثة ثالثة في العام 2015-  أن يوتيوب من أكثر المواقع استخدامًا حيث يصل عدد مستخدميه إلى مليار مستخدم بينما يعتبر فيس بوك من أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخدامًا على مستوى العالم، حيث يصل عدد مستخدميه إلى ملياري شخص.

 

تسول الاهتمام

 

وقد أثارت تلك الظاهرة الملفتة للنظر سؤالًا حول نوعية ونفسية مروجي تلك المنشورات والتي وصفها عدد من المختصين والمحللين النفسيين بمنشورات تسول الاهتمام والإشباع العاطفي، حيث أكدوا أن الكثيرين من مروجي تلك المنشورات يعانون من اضطرابات ومشاكل نفسية فالحاجة للاهتمام والتقدير والحب والتعبير عن النفس دون خوف حاجات نفسية مهمة جدًا يجب إشباعها لدى الإنسان منذ طفولته بالتربية السليمة التي تنشأ إنسانًا سليمًا نفسيًا وطوال سنوات حياته وهي حاجات لا تقل أهمية عن حاجتنا للطعام والشراب وباقي احتياجات الحياة إن لم تكن أهم كثيرًا.

وبحسب دراسة نشرتها مجلة الديلي ميل البريطانية تؤكد أن تأثر المستخدم لهذه المواقع يحدث طبقًا لفئته العمرية وحالته النفسية وظروفه الاجتماعية  وأشارت إلى أن مروِّجي الكثير من أمثال هذه المنشورات يسعون لإشباع حاجتهم الداخلية المفقودة للاهتمام والتقدير، ولو عن طريق التطفل على حياة الآخرين وتسول الكلمات والتعليقات منهم، وخصوصًا أن الكثيرين منهم يعانون الاكتئاب بدرجاته المختلفة البسيطة والمتوسطة والشديدة مما يجعلهم يدمنون مواقع التواصل الاجتماعي ويقضون من خلالها الساعات الطويلة في محاولة للهروب من واقعهم إلى ذلك العالم الافتراضي.

كما قد أثبتت الدراسات أنَّ أغلب مدمني تلك المواقع يعانون الوحدة والانعزال عن الواقع الفعلي وبالفعل قد تنجح هذه الوسائل في تخفيف حدة الضغوط النفسية لدى بعضهم وتشبع عندهم حاجات عاطفية ونفسية مفقودة إلا أنّ التعرض لتجارب وخبرات سيئة جديدة تنقلها لهم هذه الوسائل من خلال الصداقة مع أشخاص سيئين تزيد نسب الإحباط والاكتئاب لديهم ولدي أي شخص معافى نفسيًا.

وهو ما يمكننا ببساطة القول بأنّ مواقع التواصل الاجتماعي بيئة جاذبة للمرضي النفسيين الذين من الممكن وبسهوله أن ينقلوا للآخرين تجارب وخبرات سيئة.. لذا يطالب المختصون مستخدمي هذه الوسائل بوضع إطار من الحماية لأنفسهم ولا يطالبون بمقاطعتها، ولكن بوضعها في  إطار من الحماية الواجبة بتحديد أوقات محددة لتصفحها وانتقاء الأشخاص الذين نضمهم لقائمة أصدقائنا بعناية فائقة.

فمستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي شرائح مختلفة، بعضهم يستخدمه للنصب العاطفي والمالي  وآخرون يلجئون إليه فرارًا من مشكلات اجتماعية كالوحدة والفشل الأسري والعنوسة والبعض يراه وسيلة سهلة لترويج مشروعاتهم وأفكارهم، وما تموج به هذه المواقع من ظواهر مثل التباهي والتفاخر ونشر كل تفاصيل حياة الناس الخاصة، وما يترتب على ذلك من انتشار والحسد والنميمة وأي ظواهر سلبية أخرى مثل انتشار العلاقات العاطفية عبر فيسبوك وغيره هو مجرد انعكاس لما يموج به واقعنا الفعلي من مشكلات اجتماعية ضخمة، نتيجة لحالة التحلل العائلي والتفكك الأسري والانهيار الأخلاقي الذي نعيشه فهذه الأمراض لم تخلقها وسائل التواصل بل عكستها بقوة.