العدسة – معتز أشرف:

كانت “تمرد” الغطاء الإعلامي البارز في مظاهرات 30 يونيو، والتي استغلتها- بحسب وثائق واعترافات متأخرة- الإمارات للإطاحة بخصمها اللدود د.محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب بعد عام واحد من حكمه، بمساعدة وزير الدفاع آنذاك الجنرال عبد الفتاح السيسي.

نسلط الضوء على مكان تمرد بعد 5 سنوات وُصِفت على نطاق واسع بالعجاف، خاصة الثلاثي المؤسِّس؛ محمود بدر الشهير بـ”بانجو”، ومحمد عبد العزيز المعروف بـ”برايز”، وحسن شاهين.

التأسيس الفاسد

ما بُنِي على فساد فمصيره الزوال.. هكذا قال البعض، وهذا ما حدث بالفعل؛ حيث انطلقت حركة تمرد بناء على ثلاثي مغمور في الحركة الشبابية بعد ثورة 25 يناير، ولكنه متطلع ففشل وتفرّق، وهم محمود بدر ومحمد عبد العزيز وحسن شاهين، بدعم مباشر وتمويل  من الإمارات، وفق تسريب صوتي نشرته في وقت سابق قناة “مكملين”.

التسريب تضمن مكالمة هاتفية بين مدير مكتب السيسي وقتها اللواء عباس كامل ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي توضّح حقيقة دور دولة الإمارات في تمويل حركة تمرد وجهاز المخابرات الحربية، وقال كامل موجّهًا حديثه لصبحي: “والنبي يا فندم هنحتاج بكرة 200 من حساب تمرد”، مضيفًا: “انت عارف الجزء بتاع الإمارات”.

وتابع كامل في حديثه الهاتفي لصبحي: “انت عارف الإمارات بتحوّل للمخابرات ولتمرد، لا يافندم بتوع المخابرات اللي كانوا 5؟”، وهو الحديث الذي زاده قوة صورة لوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بين مؤسّسَي حركة تمرد محمود بدر ومحمد عبد العزيز، تداولها النشطاء كدليل على الدعم.

توظيف المخابرات الحربية لثلاثي تمرد وُثّق كذلك بشهادة غادة نجيب، عضو حركة “تمرد” السابقة، التي استقالت منها في قناة الجزيرة؛ حيث أكدت أن ضياء رشوان نقيب الصحفيين كان الوسيط بين تمرد والمخابرات، في توصيل التعليمات والأموال بين الطرفين لتنفيذ مخطط الإطاحة بالدكتور محمد مرسي.

وكشفت “غادة نجيب في تصريحات متلفزة عن أنها أحسّت بأوامر تأتي للحركة “من فوق”، وعندما حاولت معرفة من هم، وجدت ضياء رشوان أحد متصدري المشهد بإعطاء أوامره للحركة؛ فقد كان همزة الوصل مع المخابرات، حيث اكتشفت أن الحركة كانت تابعة للمخابرات الحربية، وقالت: “تأكدت يقينًا أن تمرد مرتبطة بالمخابرات، والإمارات نقلت أموالًا لها عبر المخابرات من أعضاء تمرد مثل حسن شاهين، وأن شاهين أبلغها أن ضياء رشوان (نقيب الصحفيين وقتها) كان الواسطة بين تمرد والمخابرات.

مصير متناقض

وبعد أن استغل الجنرال عبد الفتاح السيسي وحلفاؤه في الإمارات والسعودية حركة تمرد في الإطاحة بالدكتور محمد مرسي، تفرّغ لعقاب “تمرد” خشية “التمرد”، وبات مصير أعضائها متناقضًا بشكل كبير، ما بين “هايص ” ينعم بمزايا كبيرة من النظام، وبين” لايص” لم يحصّل شيئًا سوى الندم، وبين “محبوس” على رفضه الاستمرار في دعم الانتهاكات، وبين “منتظر” للحبس.

محمود بدر” – المعروف بين النشطاء باسم بانجو–، ناصري من أسرة رقيقة الحال، تحوّل من شاب باحث عن عمل في بلاط صاحبة الجلالة إلى رجل أعمال وعضو بالبرلمان وتزوّج من ابنة أحد أبرز رجال الأمن في محافظته القليوبية، في حفل زفاف بأحد أكبر الفنادق المصرية، إضافة إلى السيارات الثلاثة التي يملكها الآن، وتشييده مصنعًا للبسكويت، وحصوله على قطعة أرض كبيرة لهذا الغرض، فضلًا عن محاولته تأسيس حزب سياسي في عملية غسيل أموال بحسب اتهامات خصومه الذين طالبوا بعدها بمحاكمته بناءً على حصوله تمويلًا من دولة أجنبية (الإمارات) وهو ما يندرج في القانون تحت بند (التخابر).

محمد عبد العزيز، المعروف بين الأوساط الثورية بلقب “برايز” في إشارة إلى فضيحة أخلاقية، ناصري هو الآخر، متطلع دائمًا لدور قيادي في أي حراك ينضم له، لكن بعد 30 يونيو اختلف مع صديقه محمود بدر، وانطلق ومعه حسن شاهين نحو حملة المرشح الرئاسي وقتها حمدين صباحي في مواجهة الجنرال السيسي ليصدر قرارًا بفصلهما.

لكن “عبد العزيز ” على عكس “شاهين”، عرف طريق النظام، فالتحق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان ثم صدر قرار رئاسي في عام 2016 بتشكيل لجنة عفو رئاسي عن الشباب المعتقلين، كان ضمن أعضائها ” عبد العزيز” ليسلط الضوء على دوره في حملة “صباحي”، فيما ظلّ “شاهين” بعيدًا عن الأضواء إلى حد ما .

المثير أنَّ العديد من أعضاء تمرد ومؤسسيها انضموا إلى جوار من تحركوا للإطاحة بهم من سدة القرار، وشهدت السجون في مصر منذ العام 2014 دخول عدد ليس بقليل من أعضاء تمرد ومنهم: محب دوس، الناصري القبطي، الذي اتُّهِم في القضية المعروفة باسم «تنظيم 25 يناير» لعام 2015 والتي اتهم فيها بالدعوة للتظاهر والتحريض ضد مؤسسات الدولة، بعد  أن أكد أن السيسى فقد شرعيته وإسقاطه يحتاج لوعي شعبي، ولكن لم يطل حبسه؛ حيث أُفْرِج عنه في تفاهمات بعد 70 يومًا.

تمرد 2 )، كان مصير عدد من شباب تمرد، وهي المرحلة التالية لمواجهة أخطاء تمرد الأولى بحسب ما قالوا، وفي ديسمبر 2013، انطلقت الحملة التي قالت إنها “تسعى إلى تكرار تجربة حركة “تمرد” مع الذكري السنوية الثالثة لثورة 25 يناير بحسب تصريحات مؤسسها محمد فوزي، أحد القيادات المنشقة عن حركة تمرد قرب مطلع عام 2014، وذلك لسحب الثقة من السيسي وحكومته، والتي أعلنت المواجهة في انتخابات الرئاسة بعد الإطاحة بالدكتور محمد مرسي بترشيح الدكتور محمد  البرادعي رئيسًا في مواجهة السيسي، وهو ما فشل في وقت لاحقٍ.

مستقبل مقلق!

رغم عدم الملاحقة القانونية في الوقت الحالي لرموز تمرد، بسبب ما ارتكبوه من جرائم يعاقب عليها القانون، إلا أنَّ أبرز 3 اتهامات تظل تلاحقهم بحسب الحقوقي جمال عيد رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان في تعليقه علي تسريبات قناة مكملين الخاصة بتمويل الإمارات لتمرد، حيث قال: “لو صدقت التسريبات، فقد تضمنت 3 جرائم: علم الإمارات بقرار المجلس العسكري قبل إعلانه- تمويل نفس الدولة لحركة تمرد- علم اللواء عباس بالتمويل”.

العضو المؤسس محب دوس، والذي انشقَّ فيما بعد وتعرض للحبس، حرك عن طريق محاميه بلاغات ضد محمود بدر ومحمد نبوي وحسن شاهين، مؤكدًا أن الحركة تلقت تمويلات من جهات أجنبية، وتحديدًا من الإمارات، وأكّد في مارس 2016 قبل اعتقاله، أنَّ مسئولًا بالسفارة الإماراتية اتصل به، وقال له: لديّ شيك بـ 30 ألف دولار لحملة تمرد، والحركة ليس لها مقر رسمي، وأرغب في إرسالهم عن طريقك.

فيما قال محامي “دوس” الاستاذ محمد فاضل بعد اعتقال موكله، إن محب قد سُئل في التحقيقات عن التمويلات التي تلقتها قيادات حركة “تمرد” وذكر بالاسم محمود بدر ومحمد نبوي وحسن شاهين، وقدم المحامي للنائب العام صورًا من الشيكات، وشهادات تثبت الوقائع، ليظلّ مستقبل ثلاثي تمرد رهن المستقبل المقلق في كل الأحوال، بحسب البعض.