يمثل تاريخ 27 يونيو/ حزيران من كل عام ذكرى أليمة للعرب والمسلمين في كل مكان، حيث تحل اليوم الذكرى الـ 53 لقيام إسرائيل بضم مدينة القدس الشرقية، والذي مهّد الطريق أمام تل أبيب لاعترافها، بعد مرور 3 سنوات على القرار، بالقدس كاملة عاصمة لها.
وعلى عكس السائد الآن، فقد صدر قرار عن الأمم المتحدة عدد من القرارات، تطالب إسرائيل بالتراجع عن إجراءاتها في القدس الشرقية، بعد أن أصدر الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قراره عام 1967 بعملية الضم، وهو الأمر الذي لم يحظ بشرعية دولية في ذلك الوقت.
وقد حصلت إسرائيل على تشجيع شديد على مشاريعها من الإدارة الأمريكية الحالية، برئاسة دونالد ترامب، التي يصفها مراقبون بـ”الاستعمارية”، في الوقت الذي اعترف ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2017، بمدينة القدس (غير مقسمة) عاصمة لإسرائيل.
في الوقت الذي ما تزال إسرائيل تخالف القرارات الدولية بسيطرتها الإدارية والسياسية على المدينة، كما تسعى لفرض أمر واقع على الفلسطينيين والمجتمع الدولي، باعتبار “القدس كاملة” عاصمة لها.
وتحل “ذكرى الضم” هذا العام، في ظل مواصلة الحكومة الإسرائيلية مساعيها لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية إلى سيادتها، حيث تعتزم ضم أكثر من 30% من مساحة الضفة الغربية المحتلة مطلع يوليو/تموز المقبل.
قرار ضم القدس
في 27 يونيو 1967، تقدّم الكنيست الإسرائيلي بمشروع قرار ضم القدس الشرقية إلى (إسرائيل)، ووافق على هذا القرار في اليوم نفسه.
وبموجب الأمر رقم 2064، تم إلحاق القدس الشرقية لـ(إسرائيل) سياسيا وإداريا.
وجاء هذا القرار بعد عدة اجتماعات عقدتها الحكومة الإسرائيلية، بدءا من 11 يونيو 1967، لبحث ضم القدس إليها.
وبعد القرار بيوميْن أي في 29 يونيو، أصدرت (إسرائيل) قرارا بحل مجلس أمانة القدس العربي (المجلس البلدي للمدينة في فلسطين)، واستولت على جميع ممتلكاته وسجلاته، وألغت القوانين والأنظمة العربية واعتبرت الأنظمة الإسرائيلية هي السارية.
ووفق مراجع تاريخية، فقد تمت آنذاك عملية نقل مكاتب الوزارات والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية إلى القدس الشرقية.
نص القرار
نص القرار الذي وافق عليه الكنيست على أن “القدس الموحّدة (الغربية والشرقية) عاصمة لـ(إسرائيل)”؛ قبل أن يقرّ الكنيست في أغسطس/آب 1980 “قانون الأساس” والذي يعلن أن “القدس هي العاصمة الموحّدة لإسرائيل”.
كما نص القرار على أن “القدس هي مقر رئيس البلاد والكنيست والحكومة والمحكمة العليا الإسرائيلية”.
ووفق القرار، فإن “المناطق المقدّسة ستُحمى من التدنيس، أو من أي أضرار، أو من أي شيء يمكن أن يؤثر على الوصول الحر لكل الديانات إلى أماكنها المقدّسة، أو على مشاعرها نحو هذه الأماكن”.
وستحظى القدس، حسب القرار، بـ”أولويات خاصة في نشاطات دوائر الحكومة لتطويرها في الحقول الاقتصادية وغيرها”.
ويقول مؤرّخون إن التطبيق الفعلي لهذا القرار “بدأ مع وضع اللجنة الداخلية التابعة للكنيست الإسرائيلي حجر الأساس الأول، في إقامة أول تواجد يهودي في الحرم القدسي”.
هذا القرار فتح الباب أمام قادة الأحزاب الإسرائيلية لطرح خططهم ومشاريعهم الاستيطانية في القدس، بهدف التوسّع الجغرافي والديموغرافي في المدينة.
تشريد سكان المدينة
عمدت (إسرائيل) خلال احتلالها لمدينة القدس، وشطرها الشرقي، لإخلاء أحيائها من السكان الفلسطينيين.
وبعد انتهاء حرب 5 يونيو/حزيران 1967، وحتّى نهاية الشهر ذاته، تم تشريد نحو 4 آلاف عربي، من القدس الشرقية، وفق مراجع تاريخية.
كما بدأت (إسرائيل) آنذاك بإنشاء سلسلة من المستوطنات والأحياء السكنية لليهود داخل مدينة القدس، لأسباب ديموغرافية وأمنية.
وحسب المراجع التاريخية، فإن تلك الأسباب تتلخص بـ”الإخلال بالتوازن النسبي بين عدد اليهود والعرب في المدينة، ومنع التواصل الجغرافي بين عرب القدس، والعرب في المناطق المجاورة”.
وحتى سبتمبر/أيلول 1967، بلغ عدد الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح من مدينة القدس نحو 23 ألف.
وبلغ آنذاك عدد اليهود في القدس حوالي ربع مليون مستوطن، فيما وصل عددهم اليوم إلى 569 ألفا و400 مستوطن، حسب دراسة صادرة عن معهد القدس لبحث السياسات (غير حكومي)، في مايو/أيار 2020.
وحتى عام 1981، بلغ مجموع ما صادرته (إسرائيل) من أراضي الفلسطينيين في مدينة القدس حوالي 33 ألفا و556 دونما (الدونم يعادل ألف متر)، أقيمت فيها نحو 22 ألف وحدة سكنية.
وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي نحو 349 ألفا و600، حيث يشكّلون ما نسبته 38% من سكان المدينة.
وبموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994)، تحتفظ الأردن بحقها في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
أبرز القرارات حول القدس
– قرار رقم (2253)
صدر عن الجمعة العامة للأمم المتحدة، في 4 يوليو/تموز 1967، واعتبرت فيه أن التدابير الإسرائيلية “غير صحيحة”، وطالبت (إسرائيل) بإلغائها، والتوقف عن أي عمل من شأنه أن يغيّر وضع القدس.
– قرار (2254)
صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد نقاش مع مجلس الأمن الدولي، في 14 يوليو لذات العام، أعربت فيه عن أسفها لتخلّف (إسرائيل) عن تنفيذ قرارها السابق، وجددت مطلبها بإلغاء جميع التدابير في القدس وعدم إثبات أي عمل من شأنه تغيير مركز القدس.
– قرار (242)
صدر عن مجلس الأمن الدولي، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، ونص على انسحاب (إسرائيل) من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير خلال 1967 (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء المصرية)، والاعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، ومعترف بها، وحرة من التهديد وأعمال القوة.
– قرار (252)
صدر عن مجلس الأمن، في 21 مايو 1968، والذي يرفض الاستيلاء على الأراضي بالاعتداء العسكري، ويعتبر جميع الإجراءات التي اتخذتها (إسرائيل) باطلة، مطالبا إياها بالامتناع عن أي عمل آخر يغيّر من وضع القدس.
وأكد مجلس الأمن قراره، في قرار 267، الصادر في 3 يوليو 1969.
– قرار (289)
أصدره مجلس الأمن، في 25 يناير/كانون الثاني 1971، وأكد فيه على عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة، واعتبر جميع الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس “غير قانونية”، داعيا إلى إلغاء الإجراءات والامتناع عن أي إجراءات مستقبلية في الجزء المحتل من القدس (الشطر الشرقي).
– قرار (2334)
صدر عن مجلس الأمن، في 23 ديسمبر 2016، وحثّ على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، كما طالب (إسرائيل) بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأكد على عدم شرعية إنشاء (إسرائيل) للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.
وفي ذات السياق، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عدة قرارات تؤكد على أن القدس مدينة عربية وإسلامية، ومنها:
– أكتوبر/ تشرين الأول 2016
اتخذت اليونسكو قرارا يؤكد أنه “لا توجد علاقة بين اليهود والقدس والحرم الشريف، بل العلاقة تربط هذه الأماكن بالمسلمين فقط”، وأيد هذا القرار 26 من الدول الأعضاء واعترض 6 فقط.
– يونيو 2018
اعتمدت لجنة التراث العالمي بـ”اليونسكو” قرارين بالإجماع حول مدينتي القدس المحتلة، والخليل جنوبي الضفة الغربية.
ويطالب القرار المتعلق بالقدس سلطات الاحتلال بالكف عن الانتهاكات التي من شأنها تغيير الطابع المميز للمدينة، وعليه يبقي القرار القديم للقدس وأسوارها مدرجة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وكذلك الأمر بما يخص بلدة الخليل القديمة التي تبقى بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر أيضاً.
– أكتوبر 2019
اتخذ قرار بالإجماع “يؤكد إسلامية وعربية مدينة القدس ويرفض الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب في هذه الأماكن التاريخية، ويطالب إسرائيل بوقف انتهاكاتها وإجراءاتها أحادية الجانب وغير القانونية ضد المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وفي البلدة القديمة للقدس وأسوارها”.
ويؤكد القرار “على بطلان جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية لتغيير طابع المدينة المقدسة وهويتها، ويعيد التذكير بقرارات اليونسكو الخاصة بالقدس والتي عبرت جميعها عن الأسف نتيجة فشل إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، في وقف أعمال الحفر وإقامة الأنفاق وكل الأعمال غير القانونية والمدانة الأخرى في القدس الشرقية وفق قواعد القانون الدولي”.
اقرأ أيضاً: لوموند الفرنسية: خطط الضم تهدد بإزالة غور الأردن
اضف تعليقا