العدسة – إبراهيم سمعان
اعتبر الكاتب الإسرائيلي جوزيف بودر في مقال بمجلة “فرونت بيج” الأمريكية، إن الموقف من الدولة اليهودية يعد جزءا من عملية الإصلاح المتعدد التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منذ وصوله للعرش مشيرا إلى أن المسؤولين السعوديين يرون أن إسرائيل الحليف الأكثر موثوقية في مواجهة إيران والجماعات المتطرفة.
نقل الكاتب عن “كوبي مايكل” كبير الباحثين في دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أن إدارة “ترامب” تشير إلى أن توثيق العلاقات بين السعودية وإسرائيل يهدف إلى كسر الجمود في مساعي السلام .
وأضاف أن نجاح محمد بن سلمان من الممكن أن يجعل المملكة تساهم في عملية السلام بين إسرائيل ودول عربية أخرى وصفها الكاتب بالمعتدلة .
وبدأ الكاتب الإسرائيلي تقريره بالهجوم على تركيا وإيران وكيل المزيد من المديح لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأمر الذي يعكس التقارب بين إسرائيل والسعودية وحجم التباعد بين تل أبيب وتركيا.
نص التقرير
الأخبار الواردة من الشرق الأوسط بشكل عام محبطة، ففى تركيا تقمع ديكتاتورية أردوغان الصحافة الحرة، بعد أن خربت المؤسسات العلمانية القديمة بما في ذلك المؤسستين القضائية والعسكرية .
وفي إيران تقمع ديكتاتورية آية الله الإسلامية الشعب والأقليات (الأكراد والبلوش والعرب الأحواز) على وجه الخصوص، وأهدر النظام هدية بقيمة 150 مليار دولار من إدارة أوباما في مغامرات خارجية (فى سوريا واليمن ولبنان والعراق ) وعلى رعاية وتمويل الإرهاب .
وإذا أخرجنا إسرائيل من الصورة، فإن النقطة المضيئة الوحيدة في منطقة الشرق هي الاصلاحات الإيجابية التي أصدرها ولي العهد السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان (32 عاما)، والذي أسندت له صلاحيات تنفيذيه كاملة، وهو يعمل بشكل فعال في المملكة .
وكتبت صحيفة “وول ستريت جورنال” في 10 يناير 2018، قصة صحفية عنوانها الرئيسي “السعوديون يستهدفون التطرف الديني” وفي العنوان الفرعي “ولي العهد يقود الجهود لتبني منهج إسلامي أكثر تسامحا” .
وبالأخذ في الاعتبار جمود وتصلب للسعودية في الماضي، ومنهجها الديني الوهابي المتشدد، فإن الإجراءات التحررية الأخيرة التي ينفذها ولي العهد تعد بلا شك إجراءات مذهلة .
ووفقا لصحيفة لـ”ستريت جورنال”، فإن عمليات التحرير والإصلاح الاجتماعي، التي يقودها ولي العهد السعودي، تعد جزءا حيويا من خطة التحدث الاقتصاد، وتعهده بإعادة المملكة إلى الإسلام المعتدل، كما تعد أيضا جزءا من الموقف السعودي الجديد تجاه الدولة اليهودية (إسرائيل).
ونقلت قناة الجزيرة القطرية (21 نوفمبر 2017)، عن كوبي مايكل، كبير الباحثين في دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، قوله إن إدارة “ترامب” تشير إلى توثيق العلاقات بين السعودية وإسرائيل؛ بغية كسر الجمود في عملية السلام التي وصفها “ترامب” بـ”الوضع النهائي” .
وقال “كوبي” إن التحالف غير المكتوب بين السعودية وإسرائيل يقوم على مصالح إستراتيجية مشتركة مع دول أخرى في المنطقة وصفها “بالمعسكر العربي البراجماتي” .
وحدد “كوبي” هذه الدول بـمصر، والأدرن، ودول الخليج، واستثنى قطر (التي تقوم مع تركيا بدعم جماعة الإخوان المسلمين)، لكن هذا المعسكر العربي البراجماتي، يواجه تهديدين إستراتيجيين، وهما إيران والإرهاب الإسلامي السلفي أو الراديكالي .
وأضاف “مايكل”: “لسوء الحظ، تركت الولايات المتحدة فراغا في المنطقة شغله الروس والإيرانيون في سوريا، ووكلاء إيران في أجزاء من الشرق الأوسط، ومن ثم، تعتبر إسرائيل هي الحليف الأكثر موثوقية، والسعوديون يدركون جيدا أن الوقت قد حان ليكونوا أصدقاء صالحين مع إسرائيل” .
وقال دوري جولد، رئيس مركز القدس للشؤون العامة (مركز دراسات سياسية وتحليلية) إن ” في مايو 2003، استهدف هجوم انتحاري ثلاثي مجمعات للأجانب بالرياض، خلف 18 قتيلا، وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها، ليتحول موقف المملكة من دعم المهاجمين إلى الوقوف بجانب الضحايا، وبشكل رئيسي، منذ تلك النقطة فصاعدا، كانت السعودية في جانب الولايات المتحدة وإسرائيل” .
وحدد دوري جولد، 3 أمور تضع إسرائيل والمملكة في نفس الجانب: أولا، التنظيمات السنية المتطرفة، (تنظيم القاعدة في الماضي، ومؤخرا تنظيم داعش)، وكلاهما شكل تهديدا لكلا البلدين، ثانيا، إيران التي تلوح في الأفق في غالبية المشاكل الإقليمية التي تواجه كلا من إسرائيل والسعودية، فهناك البرنامج النووي الإيراني، الذي من المرجح أن يؤدي إلى شن عمليات بأسلحة نووية في المستقبل، والتهديد الثالث هو أن كلا البلدين، يواجهان جهود إيران لزعزعة استقرار بيئتنا الإستراتيجية، حيث يسعى الإيرانيون إلى تطويق إسرائيل من خلال دعم قطاع عزة إلى جنوب إسرائيل، ولبنان في الشمال، والآن في سوريا، وربما حتى في الضفة الغربية في الفترة الأخيرة، واليوم، فإن جمهورية إيران هي التي تقدم الجزء الأكبر من التمويل لميزانية حماس، وبالنسبة للمملكة، من الواضح أن إيران دخلت اليمن عن طريق الحوثيين (الجنوب)، وتحاول الاستيلاء على البحرين، التي تعتبرها طهران مقاطعة إيرانية، كما أن لديها مليشيات شيعية ضخمة وفعالة في العراق .
وتصنف كل من السعودية وإسرائيل حزب الله المدعوم من إيران كمنظمة إرهابية، وبسبب الأزمة مع قطر، التي يتهمها السعوديون بدعم الإرهاب، توترت العلاقات بين الرياض وغزة .
وتعتبر قطر من أهم داعمي حماس من الناحية المالية وغيرها، كما رفضت حماس خطة السلام السعودية عام 2002، وتسعى إلى تحرير فلسطين كاملة، ما يعني تدمير إسرائيل، وعلاوة على ذلك طالبة السعودية بأن توقف الدوحة دعمها لحركة حماس.
وبطبيعة الحال، فإن إسرائيل لن تدخر تكنولوجيتها وبراعتها الاقتصادية عن المملكة، لاسيما في ظل سعي ولي العهد إلى تحديث وتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط.
ذكرت صحيفة التايمز البريطانية (فى 17 يونيو 2017)، أن المملكة وإسرائيل أجرتا محادثات لإقامة علاقات اقتصادية، وكان ذلك بمثابة خطوة دراماتيكية من شأنها أن تضع الدولة اليهودية على طريق العلاقات الطبيعية مع معقل الاسلام السني وبلد الحرمين الشريفين.
وقالت صحيفة “باسلر زيتونج” السويسرية، في واحدة من التقارير العديدة المتداولة عن التعاون السعودي الإسرائيلي خلال العاملين الماضيين: “إن السعودية لا تتعاون فقط مع إسرائيل بشأن التطورات الاقليمية التي تشمل إيران بشكل أساسي، بل تدرس شراء أنظمة دفاعية مثل القبة الحديدية، والتي تدعي إسرائيل أنها أثبتت فاعلية في مواجهة الهجمات الصاروخية لحماس” .
بالنظر للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي نفذها ولي العهد من صعوده للمنصب فإن نجاحه في تنفيذ سياساته المتعلقة بتحديث المملكة يمكن أن يساهم في فتح السلام بين إسرائيل والدول الإسلامية والعربية المعتدلة .
اضف تعليقا