العدسة – معتز أشرف

في انتهاك جديد للحق في الحياة، كشف فيديو مسرب جديد أذاعته قناة “الشرق”، يظهر فيه من وصفته القناة بأنه “جندي مصري”، يصفّي طفلًا وسط سيناء، وهو ما أثار غضبًا واسعًا فتح ملف جرائم القتل خارج إطار القانون التي تورطت فيها عمليات الجيش المصري في سيناء في الفترات الماضية.

وحشية مروعة!

انتقادات كثيرة نالت من عملية سيناء 2018 التي يقودها الجيش المصري، وسيطر غضب واسع على نشطاء المعارضة والمستقلين في مواقع التواصل الاجتماعي ضد فيديو قتل الطفل الصغير، وقال الناشط البارز هيثم غنيم أحد الداعين لثورة 25 يناير: “فيديو تصفية شاب صغير في وسط #سيناء، دون أي مونتاج، ملخصه: قوة من الجيش تصطحب شابًّا صغيرًا تم اعتقاله، وتجعله ينام على الأرض، وهو مغمى العينين، ويقول له الضابط متخفش مش هنقتلك، والطفل يستغيث بأمه، والضابط يقول له متخافش أبوك هييجي يأخذك، ثم بمنتهى الخسة يطلق رصاصات على رأسه وظهره”.

وأضاف غنيم في تغريدة ثانية: “الجزء الثاني من فيديو جريمة تصفية شاب صغير في السن في وسط #سيناء، الفيديو يظهر قيام أحد أفراد قوات #الصاعقة المصرية واسمه “مجدي” بإعادة إطلاق الرصاص على الشاب الصغير أثناء النزع الأخير لروحه، حيث كان يحرك رجليه أثناء خروج الروح، فتم إعادة إطلاق عدة رصاصات على رأسه مرة أخرى.

المغرد أحمد بن راشد بن سعيّد انتقد الفيديو قائلًا: “جنود #السيسي في #سيناء يقتلون طفلًا أعزل بدم بارد، فيما استدل بالآية القرانية: “إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين”، مضيفًا تحت وسم #ما_لا_تريدك_العربية_أن_تراه، ولا الغذامي، ولا السعيدي، ولا التيار الذي ينتمي إليه كلٌّ منهما، في إشارة إلى داعمي السيسي، فيما وصف المغرد تركي الشلهوب ما حدث بأنه ” جريمة بشعة”، قائلًا في تغريدة: جنود جيش السيسي يقتلون طفلًا في #سيناء، قاموا باعتقاله وأجبروه على أن ينام على الأرض، وبدأ الطفل يستغيث بأمه، فقالوا له: “لا تخف، لن نقتلك، ثم بمنتهى الوحشية أطلقوا عليه الرصاص وقتلوه!.

وأعاد الممثل المصري خالد أبو النجا تغريدة للمغرد خالد سويدة قال فيها: ” فيديو الضابط القاتل الذي صفى صبيًّا بحجه أنه إرهابي، دي جريمة حرب، إزاي تمر مرور الكرام كده دون أن يتبناها حقوقيون؟! طول ما إحنا ساكتين كده هيتعمل فينا أكتر من كده #سيناء”.

وقالت الناشطة المعارضة إيمان إبراهيم: “قتل طفل مصري وسط سيناء على يد الجيش المصري، بجد ده عار وقمة العار، ده إجرام عسكر مرتزقة وخونة وقتلة ومجرمين، اللي بيقتل أهله وناسه يبقى عميل من ساسه لرأسه، #سيناء”، فيما قال الصحفي جبر المصري: “عصابة مجرمة ملعونة، من أحقر وأخس أجناد الأرض، يقومون بتصفية صبي أعزل ثم يخرج متحدثهم ويقول: تم القضاء على عنصر شديد الخطورة، لعنة الله على كل جندي تبدلت عقيدته.. لعنة الله عليكم يا من فوضتم في خراب وطني، قصاص عادل يا رب لكل مظلوم #سيناء”.

تيموثي كالداس، المحلل في معهد “التحرير” لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن نشر الفيديو الذي يُظهر قتل الجيش لطفل في سيناء معلقًا: “الفيديو الثالث المسرب، والذي يظهر جنودًا مصريين ينفذون عمليات في سيناء بحق مدنيين، تتطابق التضاريس مع وسط سيناء، والتي كانت في معظمها ضمن مسؤولية الجيش المصري الثالث، الزي الرسمي ومعدات الجندي تشير إلى سلاح المشاة الميكانيكية”.

حركة شباب 6 أبريل غردت على حسابها الرسمي منددة بالفيديو الصادم بقولها: “مشهدين في يوم واحد في #مصر وتحت #الحكم_العسكري ورئاسة وزير الدفاع السابق؛ الأول فيديو مسرب لعملية تصفية وقحة لشاب أعزل عن طريق ضابط في #سيناء، والثاني احتفال وقح لدولة الاحتلال الصهيونية في وسط العاصمة بقيام دولتهم على الأراضي العربية المحتلة #يسقط_حكم_العسكر”.

جرائم متكررة!

الجرائم متكررة، وفق ما يؤكد مراقبون وحقوقيون، ومنها ما بثته قناةمكملينالمصرية المعارضة في أبريل 2017، حيث نشرت شريطًا مصورًا يُظهر تصفية معتقلين في سيناء -بينهم طفل- على أيدي مجموعة من قوات الجيش المصري، ووفقًا لما ظهر في الشريط، قام الجنود بعد تصفية المعتقلين بوضع السلاح بجانبهم وتصويرهم، قبل أن يسترجع السلاح الذي وضع بجانب الجثث بعد التصوير، وذكرت القناة أن العناصر التي ظهرت في المقطع المصور هي من المجموعة 103 صحوات، وهو ما اعتبره المحامي والباحث الحقوقي المصري أحمد مفرح وقتها “خرقًا للقانون الإنساني والدولي”، مؤكدًا في مقابلة مع الجزيرة، أن التصفية التي تمت لمدنيين عزل تعتبر جريمة حرب توجب التحقيق فيها.

منظمة العفو الدولية أكدت صحة الفيديو المسرب، وقالت إنها أجرت تحليلًا لمقطع الفيديو الذي نشرته قناة “مكملين” الفضائية وتأكدت من صحته، معتبرة أنه “يعطي لمحة عن الانتهاكات المستترة التي يرتكبها الجيش في شمال سيناء”، مضيفة أن خبراءها حللوا مقطع الفيديو وقارنوه بصور نشرها الجيش المصري ومقطع فيديو آخر نشره الجيش أيضًا على موقع يوتيوب، كما أجرت مقابلات مع خبراء ومصادر لها في سيناء، وتأكدت من صحة الفيديو الذي يثبت مسؤولية جنود بالجيش المصري عن سبع عمليات قتل على الأقل خارج إطار القانون، من بينها إطلاق نار من المسافة صفر على شخص غير مسلح وطفل في السابعة عشرة من عمره، فيما قالت ناجية بونعيم، مدير برنامج الحملات بقسم الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية: “السهولة التي شارك بها أفراد من القوات المسلحة المصرية في قتل أشخاص عزل بدم بارد تظهر أنهم لا يخشون مراقبة أو محاسبة على أفعالهم”، مضيفة أن هذه الجرائم “ترقى إلى إعدامات خارج إطار القانون، وهي جرائم تلتزم مصر، وفقا للقانون الدولي، بالتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم”، كما قال «جو ستورك»، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: «هذه مجزرة رهيبة تؤكد أن حملة مصر في محاربة الإرهاب في سيناء هي خارج نطاق السيطرة»، وأن حلفاء مصر لا يمكن أن يزعموا جهلهم بهذه التجاوزات القاتلة.

بلا ملاحقة!

وثقت منظمة “هيومان رايتس مونيتور” تزايدًا كبيرًا لأعداد القتلى خارج إطار القانون في مصر، وبحسب المديرة التنفيذية للمنظمة، سلمى أشرف فإن سيناء لها النصيب الأكبر من الانتهاكات وقتل الأبرياء بشكل يومي وبلا عقاب أو مساءلة، مشيرة إلى أن الاختفاء القسري انتشر بشكل مخيف، فأغلب من تعرضوا للقتل خطفتهم قوات الجيش المصري، ثم يعثر ذووهم على جثثهم ملقاة في الصحراء، وفي تقرير سابق للمرصد المصري للحقوق والحريات، عن الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الجيش المصري في سيناء، أشار قبل فرض التعتيم الإعلامي بقبضة عسكرية حديدة إلى أنه خلال الفترة من 25 أكتوبر 2014 حتى 25 يناير 2015، وثقت 681 حالة قتل خارج إطار القانون.

في السياق ذاته، قالت “هيومن رايتس ووتش في مارس 2017، إنه من المحتمل أن تكون قوات الأمن الداخلي المصرية، التي تقوم بحملة ضد عناصر من فصيل مقرب من تنظيم “الدولة الإسلامية” في شبه جزيرة سيناء، قد أعدمت بين 4 و10 رجال خارج إطار القضاء، قد تكون قوات الأمن احتجزت أيضًا هؤلاء الأشخاص تعسفًا وأخفتهم قسرًا ثم لفّقت المداهمة لتغطية الإعدامات، وذلك بناء على تحقيق ميداني لـ “هيومن رايتس ووتش” معتمدًا على عدة مصادر، منها وثائق ومقابلات مع أقارب القتلى بالإضافة إلى فيديو عن المداهمة المفترضة خضع للمونتاج ونشرته السلطات، أن الشرطة أوقفت بعض الرجال قبل أشهر من تبادل إطلاق النيران المزعوم في أحد المنازل شمال سيناء، وأن المداهمة نفسها ملفقة.

وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”: “تُظهر هذه الإعدامات بدون محاكمة أن القوى الأمنية تتمتع بحصانة تامة في شبه جزيرة سيناء في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، على النيابة العامة أن تقوم بتحقيقات شاملة وشفافة لإظهار حقيقة ما يمكن أن يكون انتهاكًا جسيمًا، نادرًا ما يتمكن الصحفيون والناشطون الحقوقيون من التحقيق في تقارير ذات مصداقية عن انتهاكات، لأن الحكومة تمنعهم من الدخول إلى سيناء.