كشفت صور ومقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي استغلال الحكومة المصرية لموظفين ومجندين وحشدهم للخروج في مظاهرات مؤيدة لرئيس النظام الحاكم، عبد الفتاح السيسي، الذي يواجه موجة غضب شعبية عارمة.

جاء هذا التحشيد في محاولة لإظهار حجم التأييد الجماهيري للرئيس السيسي، بعد أن بدأ المصريون يخرجون في مظاهرات متفرقة بعدد من المدن والمحافظات مطالبين برحيله، على الرغم من قمع السلطة.

وفي تأكيد لإخراجهم وليس خروجهم الطوعي، وزعت السلطات الحكومية الطعام والوجبات الغذائية على المتظاهرين المحتشدين دعماً للسيسي وأركان حكمه.

وفي هذا الشأن قال المتحدث باسم رئيس أركان الجيش المصري الأسبق المعتقل، سامي عنان، في تغريدة على منصة “تويتر”: “استخدم السيسي اليوم مكونات الدولة المصرية بهدم الدولة المصرية”.

واعتبر “إجبار موظفي الدولة ومجندي الأمن المركزي قسراً للتظاهر، وإنفاق ملايين لا حصر لها على طبالين وراقصين ومنصات من خزينة الدولة، سلسلة جرائم طويلة تحتم مقاومة مجرم وعصابة يختطفون مصر بكل السبل”.

وقال في تغريدة أخرى: “إذلال الشعب المصري لهذا الحد بإفقاره، ثم توزيع الطعام عليه مقابل تأييد السيسي، وصمة عار بجبين كل من شارك ويشارك بهذه الجريمة الشنعاء بحق شعب مصر، سواء من الجيش المصري أو من المدنيين المتربحين من النظام، فهذه جريمة تدمير بلد كان يوماً عظيماً”.

جوجل” تفضح سلطات النظام

مع الموعد المعلن لانطلاق مظاهرات شعبية حاشدة تنادي برحيل السيسي اتخذت السلطات الأمنية تدابير عديدة، كان من بينها قطع الطرق المؤدية إلى أهم ساحات العاصمة المصرية، حيث ميدان التحرير الذي اشتهر باحتضان مظاهرات سابقة أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك.

هذا ما كشفت عنه خرائط جوجل؛ حيث توضح قطع الطرق المؤدية إلى هذا الميدان في خطوة مؤكدة لمنع حق التظاهر.

تلك القطوعات وثقت في مقاطع فيديو وصور من قبل مواطنين، حيث تظهر قوات ضخمة تنتشر في مناطق حيوية من العاصمة، منها ميدان رمسيس.

فشل قمع المظاهرات

على الرغم من هذا التحشيد لقمع المظاهرات، الذي سبقته تشديدات أمنية غير مسبوقة، وحملة اعتقالات طالت نشطاء وسياسيين وأساتذة جامعات، فإن عدداً من المحافظات المصرية شهدت خروج مظاهرات بعد صلاة الجمعة استمرت حتى المساء، تُنادي بالإطاحة بحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ونقلتها وسائل إعلامية الآلاف من المصريين المنادين بإسقاط النظام.

وأطلق المحتجون هتافات ضد الرئيس؛ من قبيل “ارحل يا بلحة”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”.

عدد من مقاطع الفيديو أظهرت تمزيق لافتات مؤيدة للسيسي في مركز قوص بمحافظة قنا في الصعيد.

وشهدت مصر، الجمعة الماضي، تظاهرات “غير مسبوقة” في عهد السيسي، الذي يحكم بيد من حديد منذ توليه مقاليد الحكم، في يونيو 2014، حيث دعس المتظاهرون بأقدامهم صور السيسي وطالبوه بالرحيل، على غرار شعارات “ارحل يا سيسي”، و”الخاين لازم يمشي”.

تأتي تلك المظاهرات في الوقت الذي دعت فيه السفارة الأمريكية بالقاهرة رعاياها بمصر لـ”توخي الحذر وتجنب مناطق التظاهرات وتمركزات الشرطة”.

بدورها دعت مجموعة العمل الخاصة بمصر، التي تضم عدداً من خبراء الشأن المصري في مراكز الأبحاث الأمريكية، المسؤولين الحكوميين الأمريكيين إلى التأكيد بوضوح على دعم الولايات المتحدة للاحتجاجات السلمية في مصر. 

ورأوا أن التصريحات التي قالها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال لقائه مع السيسي، قبل يومين، تعطي الأخير “ضوءاً أخضر لاستخدام القوة ضد المتظاهرين، وتسمح له بالانخراط في حملة أوسع من القمع”.

وكان ترامب قد أكد، خلال لقاء مشترك مع السيسي، قبل أيام، أنه لا يشعر بالقلق من المظاهرات التي خرجت في مصر، الجمعة الماضي، واصفاً نظيره المصري بأنه “قائد عظيم قضى على الفوضى”، بحسب قوله.‎

وشدّدوا على أن “للمصريين الحق في الاحتجاج بسلام، وممارسة هذا الحق دون خوف من عنف الدولة أو الانتقام”، داعين الجيش والشرطة في مصر للتحلي بضبط النفس، وأن يتجنبوا الصراع، وأن يظلوا ملتزمين بحماية الشعب.

وطالبت مجموعة العمل الخاصة بمصر، التي شكلت في عام 2010، بإطلاق سراح “جميع المحتجين المسالمين، والصحفيين، والمحامين، والمدافعين عن حقوق الإنسان فوراً، وإسقاط أي تهم موجهة إليهم”.