نشرت صحيفة “جورزلم بوست” الإسرائيلية مقالاً سلطت فيه الأضواء على ردات الفعل الإسرائيلية تجاه أي تعاون خليجي/إسرائيلي، أو أي مساهمة خليجية داخل إسرائيل، والتي وصفتها بالمبالغة رغم كون هذه المساهمات أو التعاملات طبيعية -على حد وصف الصحيفة-
وقالت الصحيفة إن أي “فتات” يُلقى إلى إسرائيل من إحدى دول الخليج العربي يُنظر إليه وكأنه وجبة كاملة، ليس فقط في نظر الحكومة الإسرائيلية، بل حتى عند اليهود في الخارج أيضاً.
وضربت الصحيفة مثالاً على هذا، ببيان صحفي نشرته جامعة تل أبيب -الاثنين- حول مقال لباحث سعودي في مجلة تابعة لمعهد شالوم روزنفيلد لأبحاث الإعلام والاتصال اليهودي في جامعة تل أبيب، حيث علق البيان قائلاً “تابعوا مقال بحثي فريد من نوعه لم يسبق له مثيل في مجلة أكاديمية لباحث سعودي بارز”.
وجاء في البيان الذي اتصف بالترحيب الهائل لمثل هذه المساهمة: “في مقالته الأولى بالعبرية، يدعي الأستاذ محمد إبراهيم الغبان، رئيس NELC والدراسات العبرية في قسم اللغات الحديثة والترجمة، في جامعة الملك سعود في الرياض، أن النبي محمد كان له علاقات جيدة مع اليهود، واشتبك فقط مع لهم لأسباب سياسية، وليس على أسس دينية.
المقال بعنوان “المساهمة في تحسين صورة النبي محمد في عيون الجمهور الإسرائيلي: تحالفات محمد وتبادل الرسائل مع اليهود من شبه الجزيرة العربية”، ويأتي هذا المقال في ظل محاولات متزايدة من قبل المملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية لاستخدام التفاهم الديني للتعاون مع اليهود وإسرائيل لتحقيق السلام “.
ولفتت الصحيفة إلى أن أولئك الذين كتبوا العنوان الرئيسي لهذا البيان يعرفون جمهورهم الإسرائيلي جيدًا، الذي يتوقعون منه رد فعل إيجابي و “نجاح باهر!” لهذا المقال بعد هذه المقدمة، لأنها الطريقة المعتادة في التعامل مع أي “تبادل ثقافي” طبيعي بين إسرائيل ودول الخليج العربي.
واستشهدت الصحيفة بعدد من العناوين السابقة المشابهة لهذا العنوان، كـ “جنرال سعودي سابق يلتقي علنا في واشنطن مع دور جولد في 2015 قبل أيام فقط من أن يصبح جولد المدير العام لوزارة الخارجية”… مستخدمة تعبير” واو”، وهو تعبير انجليزي يعبر عن الاندهاش بشيء إيجابي.
عنوان آخر: “السعودية تسمح لرحلات طيران الهند المتجهة إلى إسرائيل بالتحليق فوق أجوائه: واو!”
“مدون سعودي يزور إسرائيل في 2019 ويغرد عن الرحلة: واو!”
يتم وصف كل خطوة من هذه الخطوات بأنها غير مسبوقة ويتعامل معها الإسرائيليون كعلامة على أننا في طريقنا نحو علاقات طبيعية مع السعوديين، وربما نستطيع تناول “الشاورما” في الرياض قريباً.
وأكدت الصحيفة أن هذا الترحيب المبالغ فيه لا يتم مع السعودية فقط، بل من أي مساهمة خليجية، حيث قالت إن أي “فتات” يُلقى إلى إسرائيل من إحدى دول الخليج العربي يُنظر إليه وكأنه وجبة كاملة، ليس فقط في نظر الحكومة الإسرائيلية، بل حتى عند اليهود في الخارج أيضاً.
وأوضحت الصحيفة أنه ربما خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية تم إلقاء عدد متزايد من “الفتات” إلى إسرائيل، ومع ذلك فإن الدولة اليهودية بعيدة عن الجلوس مع دول الخليج العربي وتناول الطعام معًا في وليمة فخمة في حفل مفتوح بطريقة عادية، تقصد هنا “علناً”.
“نحن لسنا هناك، وكما ذكرتنا الدول العربية مرارا وتكرارا، لن نصل إلى هناك حتى يتم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين”، من وجهة نظر كاتب المقال، الذي أضاف “وحيث أننا لسنا قريبين من التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن إسرائيل ليست مستعدة للاستسلام لجميع المطالب الفلسطينية، فإن التطبيع مع الدول العربية لن يحدث في أي وقت قريب.
هذا لا يعني أنه لن تكون هناك اتصالات، ولن تكون هناك روابط تجارية وأمنية واستخباراتية، سيكون هناك بالطبع، ولكن في إطار ضيق حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وإذا كانت صفقة السلام هذه تبدو غير قابلة للتحقيق في المستقبل القريب، فسيتعين على إسرائيل أن تعيش فقط مع علاقات غير رسمية، تحت الطاولة، بعيد عن أعين الرادار، مع تلك الدول العربية التي لا تربطها بها علاقات كاملة”.
لسنوات، جادل دعاة حل الدولتين في أنه حتى ظهور دولة فلسطينية على طول خطوط 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ستظل إسرائيل معزولة في المنطقة.
لقد أثبت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن هذا الافتراض خاطئ. لم يتم تحريك الكرة بوصة إلى الأمام مع الفلسطينيين في السنوات الـ 11 التي كان فيها نتنياهو في منصبه، لكن ذلك لم يمنع جميع الأنشطة التي تتم تحت الرادار مع الدول العربية من الحدوث.
كان نتنياهو يأمل أنه حتى بدون اتفاق سلام مع الفلسطينيين، يمكنه تطبيع العلاقات مع العالم العربي، لطالما كان مدافعا عن النهج الخارجي لصنع السلام: تلك الفكرة القائلة بأن السلام مع دول الخليج العربي سيجعل من السهل بعد ذلك التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنهم يمكن أن يدفعوا الفلسطينيين ليكونوا أكثر مساومة وواقعية في مطالبهم، ولكن هذا أيضًا أثبت أنه وهم.
ورأى الكاتب أن “ما تبقى لدينا هو مكان في المنتصف، لا سلام مع الفلسطينيين، ولا علاقات رسمية مع العالم العربي – باستثناء الأردن ومصر – بعد وفرة من النشاط تحت الطاولة. في الشرق الأوسط، تحت الطاولة غالبًا ما يكون مكان مزدحم للغاية”.
وعاد الكاتب مرة أخرى لانتقاده ردات الفعل المبالغة للإسرائيليين على أي مساهمة عربية، حيث قال “إنه في حين أنه من الجيد أن يكتب أكاديمي سعودي يدرس العبرية في جامعة سعودية بالعبرية في مجلة جامعية إسرائيلية، هذا ليس حدثًا كبيرًا… ولا ينبغي التعامل معه باعتباره كذلك”.
وتابع “يقول عنوان المقال نفسه إن هدفه هو المساهمة في تحسين صورة محمد في أعين الجمهور الإسرائيلي، إذن، أين يجب على الأستاذ تقديم مثل هذه الورقة؟ مجلة في جامعة ولاية كانساس مثلاً؟ بالطبع لا… جامعة تل أبيب منصة طبيعية لنشر هذه الورقة البحثية!”
واستشهد كذلك بما حدث مع مقال ليوسف العتيبة سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، كتبه الشهر الماضي في افتتاحية “يديعوت أحرونوت” تستهدف الجمهور الإسرائيلي، محذرا من خطط الضم.
“قد تم الترحيب بهذا أيضًا باعتباره حدثًا كبيرًا، ولكن بقراءة المقال سيتضح أن “يديعوت أحرونوت” كانت المنصة الطبيعية لهذا المقال، فإذا أراد شخص ما الوصول إلى الجمهور الإسرائيلي، من الطبيعي أن يتم مخاطباتهم على منصة سيقرأها الجمهور الإسرائيلي!”.
واختتم مقاله قائلاً “يجب أن يعطي الإسرائيليون هذه المسامات حجمها الطبيعي: هي تفاعلات طبيعية تظهر أن مصائر إسرائيل والدول الأخرى في المنطقة متشابكة، وأن مصالحها تتداخل في بعض الأحيان، وأنه من وقت لآخر سيكون هناك تفاعل.
هذه المساهمات لا تعني اقتناع العرب بالتطبيع، وليست علامة على أن هناك شيء أكبر يكمن في الزاوية، أو بين السطور، الأمر ببساطة: مدرس سعودي في تخصص دراسات يهودية يتحدث العبرية يريد إقناع الإسرائيليين بأن تصورهم لمواقف محمد تجاه اليهود غير صحيح. لا أكثر ولا أقل!”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا