العدسة – معتز اشرف
على أرضية واحدة وقف الاحتلال الصهيوني مع 4 دول عربية هي مصر والإمارات والسعودية والبحرين، في مواجهة جيل يصعد غير مبالٍ بالاحتلال والاستبداد، وغير عابئ بالقمع والرصاص وإرهاب المحتل وحلفائه في المنطقة، ليسطر بحروف من نور سطورا جديدة لأجيال جديدة تأبي الخضوع أو الخنوع يرددون مع الشاعر توفيق زيادة “هنا على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم كقطعة الزجاج كالصبار وفي عيونكم زوبعة من نار، نملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات ونملأ السجون كبرياء ونصنع جيلا ثائرا وراء جيل كأننا عشرون مستحيل”، لتكون منهم الطفلة الفلسطينية عهد التميمي التي فتحت ملف جرائم الصهاينة وحلفائهم المتصهنيين من العرب بحق الأطفال.
حقد صهيوني
تظهر أرقام أممية من فلسطين أن دولة الاحتلال الصهيوني تحتجز وتتقاضى ما بين 500 إلى 700 طفل فلسطيني في المحاكم العسكرية سنويا، ظهر منها في الفترة الأخيرة الطفلة الشجاعة عهد التميمي، التي تبلغ من العمر 17 عاما، منذ اعتقالها في منزلها على يد جنود إسرائيليين في 19 ديسمبر 2017 حيث كانت في ذلك الوقت، تحمل علي كفها الرقيق 16 ربيعا، حيث تم تصويرها في مواجهة الجنود الإسرائيليين، في الضفة الغربية المحتلة، ثم في مطلع العام الجاري اتهمت التميمي بعدد من الجرائم بموجب القانون العسكري الإسرائيلي، قضت المحكمة بأنه ينبغي أن تظل رهن الاحتجاز حتى انتهاء محاكمتها وقد تم تأجيل جلسة الاستماع من أمس الثلاثاء حتى بداية مارس.
مأساة عهد التميمي، سلطت الضوء علي مأساة أطفال فلسطين كثيرا، ودفعت خبيرين بارزين في الأمم المتحدة وهما مايكل لينك مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وخوسيه غويفيرا رئيس مجموعة العمل المعنية بقضية الاحتجاز التعسفي، الي مواجهة الكيان الصهيوني، والإعراب عن قلق أممي بشأن ما يحدث معها، مع المطالبة بالإفراج عنها أثناء سير الإجراءات القضائية وأن تعقد جلسات المحاكمات المقبلة بما يتوافق مع المعايير القانونية الدولية.
وفي تقرير مطول للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين أكدت قبل أيام أن “قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل استهدافها للأطفال الفلسطينيين سواء بالقتل أو الإصابة أو الاعتقال والتعذيب، فخلال يناير الماضي قتل جنود الاحتلال أربعة أطفال في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وهم الطفل ليث أبو نعيم (16 عاما) والطفل علي عمر قينو (17 عاما) والطفل أمير أبو مساعد (15 عاما) والطفل مصعب التميمي (16 عاما) فيما أصابوا واعتقلوا العشرات منهم.
وأكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال –فرع فلسطين أنها وثقت العام الماضي (2017) 15 طفلا فلسطينيا، بينهم طفلتان، قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، 12 منهم بالرصاص الحي.
وكشف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين عيسى قراقع الذي شارك مؤخرا في تدشين حملة دولية للدفاع عن الأطفال الأسري في سجون الاحتلال، عن أن عام 2017 شهد اعتقال 6742 مواطنا، من بينهم 1467 طفلا وطفلة، موضحا أنه في عام 2017 تم اعتقال 800 طفل مقدسي بعد إغلاق أبواب القدس والقرار المشؤوم للرئيس الأمريكي ترمب، إضافة الى أنه تم فرض الإقامة الجبرية على 95 طفلا، وهناك من أُبعد عن الأقصى والبلدة القديمة.
قائمة العار
ومن الأراضي المحتلة إلى الإمارات حيث الديكتاتور محمد بن زايد، يظل الطفل تحت الاستهداف والانتهاك، وقالت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها العالمي 2018 إن الإمارات شاركت ضمن قوات التحالف في اليمن في ارتكاب انتهاكات ضد الأطفال، دفعت الأمين العام للأمم المتحدة لإدراجهم في “قائمة العار” السنوية لارتكابهم انتهاكات جسيمة ضد الأطفال خلال النزاع المسلح، كما انتقدت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير 2016 انتهاك حقوق الأطفال في الإمارات عبر القوانين خاصة قانون الأحداث الجانحين والمشردين والذي يقوم على إمكانية إنزال عقوبة الجلد بالأطفال الذين تزيد أعمارهم على 16 سنة.
المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان انتقد كذلك في تقريره السنوي لعام 2015، فرض السلطات الإماراتية لقيود على أقارب وأطفال السجناء السياسيين مما يحرم العديد من الأطفال من رؤية آبائهم المسجونين ووثّق عددا من الانتهاكات التي طالت حقوق أطفال معتقلي الرأي في دولة الإمارات في التعليم ووثائق الهوية والجنسية وحرية التنقل وزيارة آبائهم المعتقلين فيما تعددت شكاوى ضد الإمارات بتهمة الاتجار بالبشر، حيث أعربت لجنة حقوق الطفل التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان عن قلقها من استمرار الاتجار بالأطفال والقاصرات في الإمارات لأغراض الاستغلال الجنسي عن طريق توظيفهن واستغلالهن في أعمال منافية للأخلاق وهو أمر قامت عليه أنشطة عديدة في دبي.
وأكدت تقارير منظمة حقوق الأطفال لسنة 2016 أن دولة الإمارات لم تحرز تقدما في مجال حماية حقوق الطفل حسب مؤشر منظمة حقوق الأطفال، بل سجّلت تأخرا في أكثر من مجال مقارنة بسنة 2002 واحتلت دولة الإمارات العربية المتحدة في الترتيب العام المرتبة الثمانية والسبعين (78)، بسبب استمرار التمييز الصارخ والحرمان من الحقوق لأطفال البدون وتواصل أشكال العنف على الطفل والاعتداءات الجنسية وبغاء الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية.
إعدامات لقُصّر!
ولم يكن الأمير الطائش محمد بن سلمان بعيدا عن مسار القمع الذي أبدع فيه حلفاؤه في تل الربيع، وهو ما دفع منظمات حقوقية محلية وإقليمية وأممية إلى إدانة نظام بن سلمان مرارا، خاصة مع وجود 55 معتقلا في السعودية يواجهون الإعدام بينهم أطفال وبلورت لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة مواقف الحقوقيين عبر شكاويهم وأسقطت ورقة التوت عن جرائم بن سلمان بحق الأطفال، حيث أدانت استمرار التمييز على الفتيات وعدم تعاون السعودية مع آليات الأمم المتحدة، حول حقوق الطفل، واستمرار أزمة الحق في الجنسية التي أضرت الأطفال المحرومين من الجنسية بسبب القوانين التي تحرم النساء من نقل جنسيتهن أو غيرها من الأسباب، بينما يتعرضون لتمييز في السعودية فيما يتعلق بالالتحاق بالمدارس والوصول إلى العدالة، وفي حال التعويض عن الوفاة أو الإصابة.
اللجنة أبدت كذلك قلقها من تورط السعودية في إطار عمليتها العسكرية في اليمن، في انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال، كما أبدت قلقا عميقا من أن الأطفال الذين لم يتجاوزا الخمسة عشر عاما لا زالوا يحاكمون بصفتهم كباراً، وأشارت إلى أنه حكم على عدد منهم بالإعدام بسبب جرائم يدعى أنهم ارتكبوها عندما كانوا دون سن الثامنة عشرة، في أعقاب محاكمات لا توفر ضمانات احترام الإجراءات الواجبة والمحاكمة العادلة، وتتضمن انتهاكات عدة خاصة فيما يتعلق بالحظر المطلق للتعذيب، كما طالبت أيضا بالإفراج الفوري عن الأطفال الذين لم يستفيدوا من محاكمة عادلة، وبتخفيف عقوبة الأطفال المحكوم عليهم بالإعدام، وذلك وفقاً للمعايير الدولية لقضاء الأحداث. كما شددت على ضرورة التعجيل بتعديل التشريعات بغية إقرار حظر قطعي على فرض عقوبة الإعدام على الأطفال، تماشيا مع التزامات الاتفاقية.
حتى الأجنة!
وفي البحرين يؤكد المراقبون أن انتهاكات حقوق الطفل أسوأ من أي وقت مضى حيث يوجد القتل بالقوة المفرطة، ومحاكمات عسكرية لمن في الخامسة عشرة من العمر، وكان أشدها فتكا أثناء فاعليات المعارضة في 2011، وقال مسؤول الرصد والتوثيق بمنتدى البحرين لحقوق الإنسان حسين نوح في تصريحات مؤخرا إن السلطات البحرينية تنتهك حقوق الطفل بإجراءات متنوعة، سواء عبر القتل خارج القانون أو الاعتقال التعسفي والمحاكمات غير العادلة وغيرها.
وكشف الحقوقي نوح في كلمة ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف في دورته الـ 34 عن ارتكاب السلطات البحريني جرائم قتل خارج القانون بحق 49 طفلا، واعتقال 218 طفلا خلال العام 2016 فقط، كما أشار لتوثيق المنتدى تعرض أطفال لسوء المعاملة والتعذيب أثناء اعتقالهم بشكل تعسفي، مؤكدا أن إجراءات السلطات البحرينية تنوعت في انتهاك حقوق الطفل؛ حيث وصل عدد الأطفال والأجنة الذين قتلوا خارج إطار القانون إلى تسعة وأربعين طفلا وجنينا منذ عام 2011 جراء استخدام القوة المفرطة أو الغازات المسيلة للدموع أو الرصاص الانشطاري أو عبر الدهس بسيارات الشرطة، وقد رصد منتدى البحرين قيام حكومة البحرين بحرمان 15 طفلاً بحرينياً من الجنسية لأسباب سياسية وطائفية، ومنهم الطفلة سارة ابنة زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان وعدد من أبناء الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
تعذيب وقتل
لم ينجُ الأطفال من انتهاكات الرئيس المصري المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي ضد المصريين، حتى وصل الأمر إلى توثيق منظمات دولية حقوقية كهيومن رايتس ووتش لحالات تعذيب أطفال في الإسكندرية بعد اعتقالهم لمشاركتهم في تظاهرات، ويقول الراصدون أنه ” منذ انقلاب 3 يوليو 2013 في مصر، يتعرض الأطفال دون سن الثامنة عشرة في مصر للعديد من الانتهاكات، خاصة المعارضين سياسيا، حيث شملت هذه الانتهاكات الاختطاف التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي داخل أماكن الاحتجاز، والقتل خارج إطار القانون، والاعتقال دون تصريح قضائي، بالإضافة إلى صدور أحكام بالإعدام ضد عدد منهم.
وقالت منظمة هيومن رايتس مونيتور في تقرير خاص في 2015 إن عدد المعتقلين دون الثامنة عشرة منذ الانقلاب وصل إلى 2200 طفل، لا يزال أكثر من ربعهم قيد الاعتقال، وأن 950 منهم تعرضوا لمعاملة قاسية وتعذيب، بينهم 78 حالة عنف جنسي. أما عدد القتلى من الأطفال فغير محدد، إلا أنهم حسب التقرير بالعشرات منذ فض اعتصام رابعة.
وأكدت مؤسسة عدالة في تقرير لعام 2017 أن “حقوق الأطفال في أربع سنوات طالها ما طال كافة الشرائح من انتهاكات، فهناك آلاف الأطفال أعمارهم ما بين الثالثة عشر والسابعة عشر، تم القبض عليهم وحبسهم على ذمة قضايا رأي والتظاهر بدون تصريح، وبحسب مصادر غير رسمية فقد وصل عددهم إلى ما يزيد عن ثلاثة آلاف طفل، منهم 800 مازالوا رهن الاحتجاز”.
اضف تعليقا