في ظل انسلاخ السعودية مؤخرا من صبغتها الإسلامية وتحولها المتسارع نحو الانفتاح وشرعنة التطبيع مع إسرائيل بقيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يواصل النظام السعودي عبر مؤسساته الرسمية وغير الرسمية شن حرب شعواء تهدف لشيطنة جماعة الإخوان، حيث يرى النظام في الإخوان حجر عثرة تقف بوجه مشاريعه الداعمة للاستبداد والتطبيع في المنطقة.

هجوم متواصل

وعلى مدار الأشهر الماضية، وتزامناً مع حملة رسمية تقودها السلطات في المملكة ، انطلقت الأبواق الإعلامية السعودية تهاجم الإخوان حتى وإن تطلب ذلك الهجوم على ثوابت إسلامية راسخة، حيث نشر كاتب سعودي الخميس مقالاً اتهم فيه الإخوان بأنهم أعداء للأوطان لأنهم يؤمنون بأن المكان الذي يذكر فيه اسم الله يمثل وطناً لهم.

وقال الكاتب في صحيفة “عكاظ” السعودية علي الرباعي: ” مثل ما كان ينادي المنادي الشعارات (بلاد العرب أوطاني) ينادي هؤلاء (بلاد الله أوطاني) ومعنى ذلك كفرهم بالحدود السياسية، وكما قال قائلهم (وحيثما ذُكِر اسم الله في بلد، عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني)، علماً بأن من لا خير فيه لوطنه لن يكون فيه خير لأوطان الآخرين”.

وتماشياً مع التوجه العلماني الذي يقوده بن سلمان في المملكة، يقول الرباعي”أن الإسلام محصور في صلة الفرد بربه، ولا شأن له بالسياسة، حيث لا يمت تسييس الدين إلى الإسلام بصلة كون الأديان نظام لتمكين علاقة الفرد بربه، بينما السياسة جهد واجتهاد بشري متحول، ونتاج إنساني لتنظيم علاقات المواطنين والمؤسسات وضبطها” حسب زعمه.

وفي وقت سابق، اعتبر مفتي السعودية، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أن جماعة الإخوان المسلمين “فرقة ضالة ولا تمت للإسلام بصلة”.

وعبر حسابها الموثق بـ”تويتر”، نشرت الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية مقطعاً صوتياً لرئيسها، المفتي العام للمملكة، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.

وعلقت الرئاسة على المقطع، الذي اعتبرته فتوى، بالقول إن “جماعة الإخوان لا تمت للإسلام بصلة وضالة”.

كما أصدرت هيئة كبار العلماء بالسعودية، ويترأسها المفتي أيضاً، بياناً قالت فيه إن “الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، منحرفة تخرج على الحكام وتثير الفتن وتمارس الإرهاب”.

وكانت الهيئة السعودية قالت: إن “الإخوان جماعة إرهابية منحرفة تخرج على الحكام وتثير الفتن، وتتستر بالدين، وتمارس العنف والإرهاب”.

وزعمت الهيئة المعروفة بموالاتها للسلطة الحاكمة في السعودية، أن جماعة الإخوان “لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين”، معللة هجومها بالدفاع عن “ولاة الأمر”.

تنكيل بالمعارضين

وكعادة النظام السعودي في تنكيله بأي صوت معارض، فقد قررت وزارة الشؤون الإسلامية في نظام آل سعود فصل أكثر من 100 إمام وخطيب بزعم عدم التزامهم بالتحذير من خطر جماعة الإخوان المسلمين.

ونقلت صحيفة “الوطن” المحلية عن مصدر حكومي إن الإدارة العامة للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة مكة المكرمة قامت بحصر المخالفين وعددهم 100 إمام وخطيب، ورفعت للوزارة طلبا بقرار الفصل. 

وأضاف المصدر أن الوزارة صادقت على القرار، زاعما أن وزارة الشؤون الإسلامية “لن تتهاون مع كل من يخالف التعليمات الصادرة عنها”.

وكان وزير الشؤون الإسلامية عبداللطيف آل الشيخ، وجه تعميما لجميع الخطباء بضرورة بيان “الأثر السلبي” الذي تنتهجه جماعة الإخوان، على حد تعبيره.

ولاحقا، نشر المغرد الشهير “مجتهد”، عبر “تويتر”، صورة التعميم السعودي، القاضي بفصل الخطباء الذين لم ينفذوا الأمر بقراءة بيان هيئة العلماء عن “الإخوان” وانتقاد الجماعة خلال خطبة الجمعة.

وكان وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية عبد اللطيف آل الشيخ قد وجّه، خطباء الجمعة كافة إلى التحذير من جماعة الإخوان المسلمين.

وهاجم إمام وخطيب المسجد الحرام أسامة بن عبد الله خياط، جماعة الإخوان المسلمين، حيث قال خلال خطبة الجمعة في المسجد الحرام، “نحذر المسلمين من الانتماء إلى تنظيمات وأحزاب وجماعات مخالفة في نهجها لكتاب الله”.

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية رحبت ببيان هيئة كبار العلماء السعودية التي وصفت جماعة الإخوان المسلمين بأنها “إرهابية”.

وقالت الخارجية الإسرائيلية عبر حسابها على “تويتر” الناطق باللغة العربية: “يسعدنا نحن في إسرائيل أن نرى هذا المنهج المناهض لاستغلال الدين للتحريض والفتنة، ولا شك أن جميع الديانات السماوية جاءت لزرع المحبة والألفة بين الناس”.

وفي ردها علي بيان الهيئة، قال المتحدث باسم جماعة الإخوان طلعت فهمي، إن جماعته “دعوية إصلاحية” و”ليست إرهابية” كما وصفتها السعودية.

وأضاف: إن الجماعة “تنفي كل الاتهامات التي ساقتها هيئة كبار العلماء ضدها”.

وأكد أن “منهج الجماعة تأسس على كتاب الله وصحيح السُّنة دون شطط أو تطرُّف، وتاريخها يشهد بذلك”.

وشدد على أن “الجماعة ظلت منحازة للعقيدة الإسلامية الصحيحة وقضايا الأمة العادلة، وأولاها قضية فلسطين”