صادقت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (يساري)، ليلة أمس الجمعة، على قرار المكتب السياسي القاضي بالانسحاب من الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية (إسلامي).

وشهد المقر المركزي للحزب بمدينة الرباط اجتماعا دام عدة ساعات، وشهد نقاشات قوية استمرت أكثر من خمس ساعات، وصوتت أغلبية ساحقة من أعضاء اللجنة لصالح قرار الانسحاب من الحكومة بأكثر من 230 صوتا مقابل اعتراض حوالي 30 عضوا على خيار الانسحاب.

وتجعل هذه الخطوة حزب التقدم والاشتراكية رسميا خارج الحكومة، وتعيده إلى المعارضة التي غاب عنها لأكثر من عشرين عاما.

وفيما قدّم الأمين العام للحزب، محمد نبيل بنعبد الله، في بداية الاجتماع، مرافعة سياسية قوية لصالح خيار الانسحاب، إلا أنه أكد في محاولة منه لطمأنة المنتخبين المحليين للحزب أن العودة ستكون سريعة إلى صفوف الحكومة، في إشارة منه إلى انتخابات 2021 التشريعية.

ومن أبرز الأصوات التي عارضت خيار الانسحاب من الحكومة، وزير الصحة الحالي، أنس الدكالي، الذي غادر اجتماع اللجنة المركزية، ليقول في تصريح غاضب إن الحزب لا يتخلى عن الحكومة فقط، “بل عن مرحلة تاريخية دخل إليها ببناء فكري وسياسي اشتغل عليه لسنوات”.

وغادر المعارضون الذين يشكلون أقلية صغيرة داخل اللجنة المركزية، معبّرين عن غضبهم من خلال ترديد شعارات سياسية تتهم قيادة الحزب بالتزوير وممارسة الدكتاتورية. 

ويقول المراقبون إن قرار الحزب الاستثنائي أغرى الصحافة لحضور الاجتماع كاملا، عكس الاجتماعات السابقة التي تحضر فيها الصحافة خلال الجلسة الافتتاحية فقط.

وقالت مصادر قيادية في التحالف الحكومي، لـ”العربي الجديد” إن قرار حزب التقدم والاشتراكية بالخروج من الحكومة، أنهى التحضيرات الخاصة بالتعديل الوزاري الكبير الذي دعا إليها الملك محمد السادس في خطاب العرش في يوليو/تموز الماضي.

وأكدت هذه المصادر أن التعديل سيتم في بداية الأسبوع، بعدما أنهى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني تحضيرات تشكيل الحكومة، وقدّم لائحة بأسماء المرشحين لتولي كل وزارة إلى القصر الملكي كي يعيّن الحكومة الجديدة التي بات مؤكدا أنها ستشهد تقليص عدد الوزراء من 39 حاليا إلى أقل من 25 وزيرا.

ويعتبر هذا الانسحاب ذا معنى سياسي، حيث يعدّ حزب التقدم والاشتراكية أهم حليف لحزب العدالة والتنمية منذ تصدّر هذا الأخير المشهد السياسي المغربي إثر انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والتي جرت في سياق احتجاجات الربيع العربي.

ولا يؤثر انسحاب “التقدم والاشتراكية” على الأغلبية البرلمانية المساندة لحكومة سعد الدين العثماني، إذ يحوز الحزب اليساري 13 نائباً فقط، بينما تتوفر الأحزاب الخمسة المتبقية في التحالف الحكومي على 232 نائباً برلمانياً، أي أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 395 نائبا.

واقتصر ردّ فعل قيادة حزب العدالة والتنمية على تعليق رسمي قصير صدر عقب إعلان حزب “التقدم والاشتراكية” انسحابه من الحكومة، حيث قال نائب الأمين العام للحزب إن “العدالة والتنمية يأسف لهذا القرار، لكنه لا يملك إلا أن يحترمه”.

وجاء تصريح حزب العدالة والتنمية بعد ساعات من التزام الصمت، وصدور انتقادات من بعض المراقبين لعدم تفاعله مع قرار كبير بحجم انسحاب أحد حلفائه من الحكومة، واختار الحزب أن يدلي بأول تعليق من خلال منشور على “فيسبوك” لنائب الأمين العام للحزب سليمان العمراني.

وفيما لم يصدر حتى الآن أي تعليق من رئيس الحكومة والأمين العام للحزب الحاكم سعد الدين العثماني، قال نائبه في قيادة الحزب سليمان العمراني: “إننا في حزب العدالة والتنمية نقدر حزب التقدم والاشتراكية، ونعتز بعلاقتنا به، وبتعاون الحزبين على الصعيد الحكومي الذي اعتبرنا ونعتبر أنه كان يمثل مصلحة وطنية”.