أحمد حسين

لم يعد من المستغرب قراءة أخبار من نوعية خضوع “ياسر رزق” رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الصحفية المصرية لجراحة خطيرة في المستشفى الذي يقال إنه تابع لجهاز المخابرات العامة، أو سفره للخارج للغرض ذاته.

إلا أن كثرة الأنباء المتداولة بشأن مرض الكاتب الصحفي المقرب بشدة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، دفعت إلى تقصي الحقيقة، بعد أن تحدث آخرون عن معاناته من أمراض خطيرة.

حقيقة المرض

تقارير إعلامية، قالت إن الحالة المرضية لـ رزق تسمى “لو رييش سيندروم Leriche syndrome”، مشيرة إلى أنها عبارة عن ضيق شديد في نهاية الشريان الأورطي قبل بداية تفرعه إلى شرياني الحوض.

وأوضح أن هذا المرض يجعل صاحبه يعاني آلاما مبرحة في عضلة السمّانة أثناء المشي، بحيث يصبح مع الوقت “عِنِّينَاً”، بحسب التقارير.

وبالبحث عن التوصيف الفعلي لحقيقة المرض كما وصفتها التقارير، وجدنا أن “متلازمة لورييش” هي شكل من أشكال مرض الشريان المركزي الذي ينطوي على انسداد الشريان الأورطي البطني أثناء انتقاله إلى الشرايين الحرقفية الغائرة.

هذه الشرايين وظيفتها حمل الدم المؤكسد من الشريان الأورطي البطني إلى الساقين والقدمين.

أما لفظ “عِنّين” وهي تطور الحالة الصحية لرزق، فإن معجم المعاني الجامع يفيد بأنها صفة ثابتة للمفعول من “عُنّ” أي من يعجز عن جماع النساء ، أو لا يرغب فيهنّ.

(ياسر رزق)

الحديث عن الحالة الصحية المتدهورة للكاتب الصحفي تعود إلى يونيو 2013، قبل أيام من إطاحة الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي عندما زاره عدد من الشخصيات العامة، والكتّاب، ورؤساء تحرير الصحف، عقب تعرضه لذبحة صدرية، خضع على إثرها لعملية قسطرة، وتركيب دعامتين بالقلب.

وفي أبريل 2018، أجرى رزق عملية جراحية عاجلة تتعلق بقسطرة في القلب وشريان الساق وتركيب دعامات بالساق.

وقالت أماني ضرغام، نائب رئيس تحرير “أخبار اليوم” وزوجة رزق: “ياسر تعرض منذ شهور لآلام شديدة بالقدم، وكان بعض الأطباء قد شخص حالته بأنها مجرد التهابات إلا أنه بعد فترة ازدادت أوجاعه، وبعد تشخيص دقيق وعمل إشاعات اكتشفنا وجود ضيق في الشريان بالساق”.

إلا أنه وبعد أشهر قليلة فقط، فاجئتنا الصحف بخبر عودة رزق من رحلة علاجية بفرنسا في أغسطس، خضع خلالها لعملية جراحية.

التقارير سالفة الذكر، قالت إن الجراحة التي أجراها رزق داخل مستشفى “وادي النيل” التابعة لجهاز المخابرات العامة، في أبريل الماضي لم تأتي بفائدة بل ازدادت حالته سوءا بعدها بأشهر، الأمر الذي استدعى سفره إلى الخارج بشكل عاجل.

تهنئة السيسي

خصوصية العلاقة بين السيسي ورزق الذي يصفه كثيرون بمفسر أحلام الرئيس، كانت حاضرة بقوة في الأزمة الصحية للكاتب، فبعد أيام من عودته من رحلة فرنسا العلاجية، أجرى السيسي اتصالا هاتفيا به لتهنئته على سلامة العودة.

ليس السيسي فقط، بل الدولة المصرية بأرفع قياداتها العسكرية والمدنية تهافتت على رزق، حيث قالت الأخبار المنشورة حينها إنه تلقى مكالمات التهنئة من: مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، والوزراء والمحافظين وقيادات القوات المسلحة والنواب والشخصيات العامة ورجال الصحافة والإعلام.

(علاقة وثيقة تربط السيسي ورزق)

لم يخفِ رزق السبب الرئيسي لما يعانيه من آلام، وقال في أحد اللقاءات المتلفزة، إنه لم يندم على أى شىء فى حياته سوى التدخين، قائلاً: “كنت أدخن 4 علب سجائر في اليوم الواحد لمدة 36 سنة، فالتدخين سبب لي مشاكل صحية”.

وأشار إلى أن هذا الأمر ترتب عليه تردي حالته الصحية، وتركيب 8 دعامات في القلب، بالإضافة إلى إنهاك القفص الصدري.

المريض “الشامت”!

وربما لا يمكن تفويت الحديث عن حالة ياسر رزق الصحية دون الإشارة إلى مفارقة شديدة الرمزية، تعني الكثير، حتى ولو اعتذر عنها.

في يناير 2016، أي قبل أن تسوء الحالة الصحية لرزق، طالعتنا صحيفة أخبار اليوم التي يرأس مجلس إدارتها بخبر مثير للجدل على صدر صفحتها الأولى عنوانه “المرشد.. اتفتق”.

الخبر تحدث عن خضوع المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع لجراحة “فتق” في بطنه، لكن العنوان عبر بشدة عن “شماتة” اضطر بعدها رزق إلى الاعتذار.

موجة من الهجوم تعرض لها رزق في أعقاب نشر الخبر، وُصف خلالها بالمنحط والوقح، المفتقد لأدنى معاني الإنسانية، بعيدا عن أية خلافات أو معارك سياسية.

ووصل الأمر لتقديم الصحفي “محمد منير” شكوى ضد الجريدة ورئيس تحريرها، لنقابة الصحفيين، قال فيها عن الواقعة: “هو ترد مهني وانهيار أخلاقي، فأرفع لمجلس النقابة للتحقيق مع الأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس إدارة الجريدة ورئيس تحريرها لاتخاذ اللازم”.

(رزق مريض اليوم.. شامت الأمس)

منصات التواصل التي فضحت الكاتب دفعته إلى تقديم اعتذار رسمي للمرشد وعائلته، في مقال نشرته “الأخبار” تحت عنوان “إيضاح لا بد منه واعتذار إن لزم الأمر”.

رزق برر العنوان المسيء، في مقال اعتذاره، قائلا: “للحق لم أسترح بيني وبين نفسي للمعنى الذي ذهب إليه البعض والتشفي والفهم غير المقصود للعنوان، ووجدت أنه لزاما علي من باب الاستقامة الشخصية والمهنية أن أعتذر للدكتور بديع وأسرته وأتمنى له صادق الشفاء”.

اللافت أن بعض نشطاء مواقع التواصل، ذكّروا رزق بموقف بديع معه أثناء مرض الأول في 2013، عندما أرسل له مرشد الإخوان باقة ورود عقب خضوعه لعملية جراحية.