يجري السياسيون العراقيون جولة مفاوضات على أمل التوصل لاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، فيما تتواصل الاحتجاجات المناهضة للسلطة القائمة والنفوذ الإيراني فيها، داعين إلى تغيير كامل الطبقة السياسية.
بدأت الأحزاب السياسية، حتى قبل أن يعلن البرلمان موافقته رسمياً على استقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وحكومته الأحد، اجتماعات و”لقاءات متواصلة” لبحث المرحلة المقبلة في البلاد، حسبما اكد مصدر سياسي رفيع لوكالة فرانس برس.
وعلى البرلمان، الذي تعرض لشلل هو الأطول في تاريخ العراق الحديث، التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة تضمن توازن القوى وموافقة جميع الأطراف السياسية.
وفيما يتعلق بالجارة الإيرانية صاحبة النفوذ الكبير في العراق، فإنها “لن تستسلم بسهولة”، بحسب ما يرى المحلل المختص بشؤون العراق حارث حسن.
وبالمقابل، هناك المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، الذي دفع باتجاه سحب الثقة من عادل عبد المهدي، والمجتمع الدولي الذي أعرب عن إدانته للقمع الذي قوبلت به الاحتجاجات وخلف أكثر من 420 قتيلاً، بالإضافة إلى ضغط الشارع.
– الشارع أقوى –
بعد شهرين من أول حركة احتجاجات عفوية انطلقت في بغداد ومدن جنوب العراق، ولدت القناعة لدى الكوادر السياسية العليا في البلاد ، بإن “التظاهرات أقوى من التدخل الأجنبي”.
وتصاعدت مطالب المحتجين الذين مازالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، بعدما كانت تقتصر على فرص عمل وخدمات عامة، إلى إصلاح شامل للمنظومة السياسية التي نصبتها الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
وأصبح تغيير الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد وتبخر ما يعادل ضعف الناتج المحلي للعراق الذي يعد بين أغنى دول العالم بالنفط، مطلباً أساسيا للمحتجين الذين يكررون اليوم في كل المدن رفضهم بقاء “الفاسدين” و”جميع السياسيين” الحاليين.
ووقف تحالف “سائرون”، الكتلة السياسية الأكبر في البرلمان والمدعوم من رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، وتحالف “النصر” الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إلى جانب المحتجين عبر رفضهم المشاركة في المفاوضات الحالية.
وقال حسن في هذا الصدد “إنهم يعلمون بأن المعدل مرتفع للغاية ومن الصعب عليهم إرضاء الشارع”. وأضاف “إنهم لا يريدون مواجهة المزيد من الغضب والرفض”، في حين لم تتغير الطبقة السياسية التي تسيطر على مقدرات البلاد منذ 16 عاماً، والتي “لا تدرك كيف تتخلص من أساليب تفكيرها التقليدية”.
– فترة انتقالية قصيرة –
وأكد حسن أن “السيناريو الأفضل (الآن) هو تشكيل حكومة انتقالية ترسخ إطاراً تشريعياً جديداً للانتخابات القادمة”.
ويرى هذا المحلل، بأن من يتولى القيادة “لا يحتاج إلى أن يكون خبيراً في السياسة، بل شخص يمكنه قيادة هذه المهمة، وبالتأكيد يقدم وعداً بعدم الترشح للانتخابات”.
وأكد مسؤول رفيع تأييده هذا الأمر، مشيراً إلى أن الفترة “الانتقالية يجب ألا تستمر أكثر من ستة أشهر”.
وحذر هذا المسؤول الذي رفض كشف اسمه، أن من سيتولى القيادة “سيكون سكيناً ثانية أو ثالثة في (العملية) السياسية” لأن جميع الأسماء الكبيرة رفضت “لكن ليس الحديثة” منها.
في غضون ذلك، يواصل محتجون تأكيد مطالبهم في بغداد ومدن متفرقة في جنوب البلاد بينها الحلة والكوت ، والنجف المقدسة لدى الشيعة التي تعيش وسط موجة عنف منذ إحراق القنصلية الإيرانية مساء الأربعاء.
واستمرت الاشتباكات ليلة أمس عند قبر محمد باقر الحكيم، أحد رجال الشيعة البارزين، على بعد مئات الأمتار من ساحة التظاهر الواقعة في وسط النجف، وأطلق مسلحون يرتدون ملابس مدنية الرصاص على متظاهرين قاموا بحرق قسم من المبنى .
وتدخل زعماء عشائر خلال فترة هدوء صباح الاثنين لوقف المواجهات ، لكنهم لم يستطيعوا الوصول لاتفاق للخروج بحل لهذه الازمة.
وفي الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار، التي ينحدر منها عبد المهدي، توقف العنف الذي وقع بعد وصول قوات من بغداد انسحبت بعدها بعد وقوع فوضى في المدينة.
ومازال المحتجون يحتشدون وسط الناصرية، مطالبين كما هو حال الاحتجاجات في البلاد، ب”إقالة النظام” السياسي الذي يتهمونه بالفساد والفشل في تقديم إصلاحات لتحسين أوضاع مدينتهم، التي تعاني أكثر من غيرها من تردي البنى التحتية.
اضف تعليقا