العدسة – منصور عطية

على الرغم من قلة متابعيه، مقارنة بنجوم الخليج على تويتر، إلا أن المغرد الإماراتي “حمد المزروعي” دأب على إثارة الجدل في السنوات الأخيرة، عبر تغريدات ومواقف اعتبرها خليجيون شاذة على مجتمعاتهم.

المغرد الذي يوصف بأنه قريب من ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، ومن حكام الإمارات بوجه عام، سخر حسابه على مدار الفترة الماضية، ليس لمجرد مدافع عن سياسات وممارسات حكام بلاده فحسب، بل تعداها إلى إساءات تكررت كثيرًا لجيرانه الخليجيين.

تخطى الأمر لدى المزروعي مجرد العبارات البذيئة والهجوم غير الأخلاقي، إلى التطاول على الإسلام وشعائره، والسخرية من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسياسيًّا إلى إدانة المقاومة الفلسطينية وتأييد الاحتلال الإسرائيلي.

 

خناقة “أردوغان” و”بن زايد”

مؤخرًا أثار “المزروعي” الموصوف بأنه قائد الكتائب الإلكترونية الموجهة من “ابن زايد”، الجدل في أعقاب الأزمة المندلعة بين تركيا والإمارات على خلفية إعادة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، نشر تغريدة مسيئة لأحد أمراء الدولة العثمانية.

وأرجع كثيرون لـ”المزروعي” الفضل في المبادرة بتدشين هاشتاج (#كلنا_عبد الله_بن_زايد) الذي يتضمن إساءات بالغة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وللدولة العثمانية، فيما يرى آخرون أنه يأتمر بما يمليه “بن زايد” عليه، نظرًا لما يتمتع به من انتشار خليجي لافت.

وعلى الرغم من التفوق التركي اللافت في الجدل التاريخي القائم على إثر التغريدة، والذي وصل لحد رد الرئيس التركي بنفسه، إلا أن “المزروعي” احتفى كثيرًا بموقف “بن زايد” وكتب في إحدى تغريداته تعليقًا على صورة للوزير الإماراتي قال فيه: “رب إعادة تغريدة أقوى من خطاب رئاسي”.

ولا يُعرف على وجه الدقة المهنة الحقيقية “للمزروعي” ولا سيرته الذاتية، في حين نجد احتفاءً به من الإعلام المصري دون حتى الإعلام الخليجي، إلى حد وصفته صحيفة مصرية مقربة من السلطة بأنه “مفكر وكاتب إماراتي”.

 

للبذاءة عنوان

الأزمة الخليجية والتي اتخذت فيها بلاده موقفًا معاديًا لقطر، وقادت الحصار المفروض عليها، ظل “المزروعي” حاضرًا بقوة في المشهد، لكن ليس بالترويج لسياسات الإمارات، أو حتى انتقاد حكام قطر، لكن تعدى الأمر إلى حملة غير أخلاقية وممنهجة، قوامها توجيه السباب والبذاءات بحق العائلة الحاكمة في الدوحة.

وربما تعد التغريدات المرفقة بصور تهكمية لحكام قطر والمستمرة حتى الآن بشكل متزايد، أكثر من أن تُحصى، رغم أنها تقابَل بهجوم خليجي يرجع إلى اعتبار ما ينشره “المزروعي” دخيلًا على الثقافة الخليجية، والأعراف الأخلاقية، والقيم التي ترفض إقحام الأعراض وما يخص الأمور الشخصية في أي خلافات.

توجه “المزروعي” اعتبره كثيرون إفلاسًا من قبله في توجيه النقد الذي يستند إلى أدلة واقعية تبرر الاتهامات وتظلها بظل من الحقيقة، فيما ينسحب هذا الإفلاس ربما على “أولياء نعمته” من حكام أبو ظبي، العالمين أو الموجهين لكل شاردة وواردة يحتويها حسابه.

 

يد “بن زايد” في السعودية

لم تسلم الشقيقة الكبرى لبلاده من لسانه السليط وبذاءاته المتكررة، بل وُصف “المزروعي” بأنه المروج للتدخل الإماراتي في الشؤون الداخلية للسعودية، إلى حد دفعه للعلم بالقرارات المستقبلية المتعلقة بشؤون الحكم في المملكة بل قبل أن تصدر بأشهر.

المثال الأقرب على ذلك كان في نوفمبر الماضي، عندما أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيًّا بإعفاء الأمير متعب بن عبد الله من وزارة الحرس الوطني، لتكون المفاجأة بأن قرار إعفاء متعب تنبأ به “المزروعي” قبل 4 أشهر كاملة من صدوره بتغريدة كتب فيها: “وداعا يا متعب بن عبد الله”.

وفي واقعة أخرى أثارت جدلًا واسعًا غرد المزروعي على حسابه على تويتر في 19 يونيو 2017، بقوله: “ملك السعودية القادم الشاب محمد بن سلمان”، وأمام الغضب السعودي حذف المزروعي التغريدة، وادعى أن حسابه تعرض للاختراق وأن هناك من كتب التغريدة أثناء الاختراق.

لكن بعد يومين فقط، وفي 21 يونيو، أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا يقضي بتعيين نجله محمد بن سلمان وليا للعهد خلفا لمحمد بن نايف، ليقترب الشاب الثلاثيني من أن يجعل التغريدة المتنبئة حقيقة.

ودشن نشطاء سعوديون على تويتر وسم(#حمد_المزروعي_يعين_محمد_بن_سلمان) وهو الوسم الذي عاد سعوديون ليصبوا جام غضبهم على ما اعتبروه تدخلا إماراتيا في شؤون بلادهم، وصل حد العلم بالتعيينات التي تطال من يحكم بلادهم قبل أن يعلموا هم بذلك.

ووصل الأمر ببعض المغردين لاعتبار أن السعودية تدار من قبل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ووقتها بدأ تسليط الضوء على شخصية “المزروعي” الذي تداول نشطاء معلومات وصورا قالوا إنها حقيقية له، حيث ذكر بعضهم أنه ضابط أمن إماراتي، فيما قال آخرون إنه صديق مقرب من ابن زايد، بل إن البعض قال إن الحساب يدار مباشرة من ولي عهد أبو ظبي، بحسب تقارير إعلامية.

توجه “المزروعي” نحو السعودية لم يتوقف عند التنبؤ بالقرارات الملكية، بل في إساءات واضحة لرموزها الدينية وعلمائها، الأمر الذي تسبب في غضبة سعودية على الزيارة التي استقبله خلالها أحد الإعلاميين السعوديين في الرياض.

 

الكويت في مرمى “المزروعي”

وفي سبتمبر الماضي، شنّ “المزروعي” هجوما عنيفا على رئيس المراسم والتشريفات الأميرية الكويتية الشيخ خالد العبد الله الصباح، متهما إياه بالوقوف في صف قطر في الأزمة الخليجية، حيث تلعب بلاده دور الوسيط من أجل إنهائها.

وفور انتشار التغريدات تقدم “الصباح” ببلاغ إلى النيابة العامة في الكويت ضد “المزروعي”، اتهمه فيه بالذم والقدح والإساءة، مستندًا إلى جملة من التغريدات التي نشرها المغرد الإماراتي، تتضمن إساءات لشخصه، واتهامات لبعض المسؤولين الكويتيين بموالاة قطر.

ويبدو غير مستغرب الهجوم الذي يشنه “المزروعي” بحق تركيا وقطر وتيار الإسلام السياسي، على اعتبار موقف حكام بلاده منهم بالجملة، لكن اللافت، هو غياب أي محاسبة على إساءاته المتكررة بحق دولة حليفة لبلاده مثل السعودية أو الكويت، الأمر الذي يؤكد المزاعم أنه ليس إلا مجرد ناطق بلسان “بن زايد”.