” الدياثة السياسية مصطلح لا أعلم أحديث هو أم قديم ، لكن عاقلاً لا ينكر تمثله في أقبح صوره في عالمنا العربي ، بعد أن أعلن الأمريكي ترامب قدسنا عاصمة أبدية لكيان صهيوني مجرم ”
مواراة السوأة أمر بدهي بالنسبة للبشر ، وإن خالفها البعض تحت مسمي الحداثة والتقدم فلا زال أغلب البشر أسوياء ينتقدون ذلك علانية وإن تراوح موقفهم بين الإفراط بتجنب الفاعل كأبرص لا يقترب منه لخطره عليه والتفريط بالاكتفاء بمجرد الإنكار القلبي .
وسوأة الأمة في رأيي مكشوفة منذ عقود والجميع يتغافل عن ذلك وكأن الأمر لا يعنيهم أفرادا وحكومات ، حيث لم يعد الأقصي هو القضية ولم يعد كذلك عاصمة فلسطين الأبدية، بما تقره أفعالنا تجاهه ، فلسياسات الأمر الواقع حسابات أخري .
بالنسبة إليً لم يكن خبراَ صادماً أن يعلن الرئيس الأمريكي مدينة القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني المجرم ، فهي بالفعل واقعة تحت وصايتهم منذ عقود ولكننا نتظاهر أنها لا تزال تحت أيدينا . فعملية التهويد قائمة علي قدم وساق وتزداد حدتها يوماً بعد يوم ، والعرب والمسلمون يغطون في نوم لا يقظة منه وتلك السوأة الحقيقية .
لم يكن الكيان الغاصب ليجرؤ علي اتخاذ تلك الخطوة التي يقصد بها ما بعدها ، إلا لأنه يعلم أن حكام العرب لن يحركوا ساكنا ، بل وسيقمعوا شعوبهم المغصوبة علي وجودهم الثقيل علي كراسيهم ، إذا لزم الأمر خوفاً من موجة ثانية من موجات الربيع العربي – التي حتما ستموج بهم عما قريب – والذي تحول للأسف إلي خريف طويل تساقط فيه شباب كالزهر المتفتح علي شجرة الحرية بعد أن ذبل وانقطعت عن الحياة .
لعل الأمر جزء أصيل من من صفقة القرن التي يتحدثون عنها ، بل لعله بمثابة نقطة حرجة تتسارع بعدها الأحداث بمعدلات غير مسبوقة ، حتي أنه قد يكون من الصعب لمن لا يري الصورة كاملة أن يتابع الأحداث لأنها ستكون مثل عقد ينفرط علي أرض العرب التي ستكون ساحة لملاحم عظيمة ونبوءات تحدث عنها الأنبياء منذ الآلاف السنين .
إن الأمر معقد للغاية ، وإن سكرة الحياة التي أطبقت علي العقول والنفوس التي جعلت منا غثاءا كغثاء السيل ، لتجعل الحليم حيران ، خاصة بعد أن حول الإعلام العالمي بني آدم ، إلا من رحم الله ، إلي أذيال تابعة تؤمن علي ما تري وتسمع ، خاصة في وطننا العربي مع معدلات جهل وبطالة وتدني ثقافي منقطع النظير .
لم يعد من الممكن العودة للوراء ، والمعركة معركة وعي في المقام الأول ، لكن أمة تبحث عن أساسيات الحياة لن تجد الوقت والشغف لتعي ، فالجائع لا يبحث إلا عن الغذاء ، خاصة إذا شُغل عن قضيته الأسمي التي خلق لأجلها وتشاغل بأعباء الحياة التي لا تنتهي .
إن حالة الاستسلام التي أراها من حولي لتنبئ بخطر محدق وشيك ، فالعامة أصبحوا كريشة في مهب ريح عاتية تتقاذفهم المخططات المحلية والاقليمية والعالمية إلي حيث يكون خراب دنياهم وأخراهم ، وعلي العقلاء والمثقفين أن يقفوا مانعا ضد تيار التجريف الممنهج لأفكارنا الحضارية التاريخية التي استلهمناها من مبادئنا الإسلامية السمحة .
إن القلب يملؤه الحنين إلي أرض فلسطين ، وإن القدس منها واسطة العقد ، فلله كيف توخي هؤلاء القتلة حبة قلوبنا ليتنزعوها فتفارقنا الحياة .
إن نجدة سماوية تعيد السفينة إلي مسارها الصحيح لهي الأمل الوحيد الباقي من وجهة نظري ، في الوقت الذي يُحارب عقلاء الأمة لأن لا تكون لكلماتهم وزن ، هذا إن أخذنا في الإعتبار إمكانية السماح لها لتقال أصلاً .
نداء أخير إلي من قد يسمع ، أن واري سوأتك، يرحمك الله ، ونبه من حولك ليواري سوأته ، فالجميع في مركب واحد يحاول أن يجد طريقه وسط أمواج غاضبة ، علنا نواري سوأة الأمة ونحفظ الأقصي من الهدم ليقام مكانه هيكل سليمان المزعوم .
اضف تعليقا