خاشقجي جديد
سقوط جديد من حيث تغرب الشمس، بعدما لوثت الدار البيضاء نصاعتها بوسخ التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي قبل أشهر، يعود المغرب اليوم مرة أخرى للواجهة بتلويث جديد يأتي هذه المرة على ما تبقى من بياض داره، لتتحول دارا سوداء لا بياض فيها.
ففي انتهاك واضح للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، اعتقلت السلطات المغربية الأكاديمي، أسامة الحسني، في خطوة تمهيدية لترحيله إلى السعودية بحسب ما كشفت عنه زوجته، التي قالت إن الحسني قد أُعتقل بعد 4 ساعات من وصوله لمطار الدار البيضاء لزيارة طفله حديث الولادة.
ونقلت شبكة “إس بي إس” الإخبارية الأسترالية مخاوف متزايدة من أن يلقى الحسني الأكاديمي الذي يحوز أيضًا الجنسية الأسترالية، نفس مصير الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، الذي قتلته سلطات بلاده في مدينة اسطنبول عام 2018. ويحتجز الحسني – البالغ من العمر 42 عامًا- حاليًا في سجن في تيفلت، الواقع في شمال غرب المغرب، وما زال يواجه خطر الترحيل إلى السعودية.
وأعربت زوجة الحسني عن خوفها من مصير زوجها مؤكدة أنه يعيش في “وضع كارثي”، وأن غذائه ” “الماء وقطعة خبز فقط”، مضيفة في تصريح للشبكة الإخبارية الأسترالية: “أخشى أن يتم تسليم زوجي إلى السلطات السعودية، وأخشى أن أفقد طفلنا المولود حديثًا”.
تأكيد حقوقي
بدوره، أكد حساب “معتقلي الرأي” الذي يهتم بالوضع الحقوقي في السعودية، قال في وقت سابق “إن اعتقال الحسني جاء بناء على طلب السلطات السعودية، على الرغم من عدم قيامه بأي نشاط معارض”.
وحسبما نقل الحساب، فإن “دخول الحسني إلى المغرب كان بالجواز الأسترالي، إلا أن السلطات المغربية تجاهلت ضغوطات السفارة الأسترالية لإخلاء سبيله”. وأكد الحساب الحقوقي أن حياة أسامة الحسني معرضة للخطر حال تم ترحيله إلى المملكة.
وفيما يخص موقف أستراليا، التي يمتلك الحسني جنسيتها، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية أنهم كانوا يقدمون المساعدة القنصلية لمواطن محتجز في المغرب، إلا أن المسؤول الأسترالي قد رفض تقديم مزيد من المعلومات، لاعتبارات تتعلق بالخصوصية.
لا ترحلو الحسني
وتداول خبر اعتقال الحسني بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي والحسابات النشطة، مؤكدين أن الاعتقال. تم بعد ثلاثة أسابيع من دخوله المغرب رغم أنه لا تتوفر معلومات عن الطبيب السعودي أو أسباب اعتقاله، كما أنه لم يصدر أي تعليق من السلطات السعودية أو المغربية بهذا الشأن.
وفي وقت سابق حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية من إعادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اعتقال. الناشطتين اللتين أفرج عنهما لجين الهذلول ونوف عبدالعزيز. وقالت إن لجين الهذلول و نوف عبدالعزيز تواجهان خطر العودة إلى السجن إذا جهرتا بآرائهما. وأكدت أيضا أن العديد من الناشطات والناشطين الحقوقيين لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها، أن الإفراج عن الهذلول بعد 1001 يوما من الاحتجاز بالسجون السعودية تم بعد حملة دؤوبة. وذكرت أن هذه الحملة كانت عائلتها ونشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم منذ اعتقالها في مايو 2018. ونوهت رايتس ووتش لروايات التعذيب التي تعرضت لها لجين أثناء الاحتجاز مع 3 نساء أخريات على الأقل بحسب تأكيد أفراد أسرتها.
والأكثر أهمية بحسب المنظمة الحقوقية الدولية هو أن عملها لم ينته بعد فالهذلول لا تزال ممنوعة من السفر. وقالت: “حُكم عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ تقريبًا بتهم تعرّف نشاطها في مجال حقوق المرأة”. وذلك على أنها جرائم بموجب أنظمة الإرهاب في المملكة العربية السعودية. وهذا يعني-بحسب رايتس ووتش- أنه يمكن للسلطات إعادتها إلى السجن في أي وقت إذا قررت التحدث أو استئناف نشاطها.
وحدة قتل متحركة
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في وقت سابق تقريرا عما وصفتها “وحدة القتل السعودي” التابعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وأوضحت الصحيفة أن “وحدة التدخل السريع” المكلفة بحماية ابن سلمان ينتمي 7 من المتورطين في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي إليها.
وأكدت الصحيفة أنها نفذت حملة وحشية لسحق المعارضة داخل المملكة وخارجها بتعليمات من ابن سلمان. ونقلت عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن هذه الوحدة التي وصفتها ب”وحدة القتل السعودي” نفذت عشرات المهام بالخارج. وشددوا على أن “عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي لم تكن الوحيدة” التي تنفذها.
وذكر المسؤولون أن “الوحدة نفذت عشرات العمليات داخل المملكة وخارجها”. بما في ذلك الإعادة القسرية للسعوديين من دول عربية أخرى. وأضاف المسؤولون “كما يبدو أن المجموعة متورطة في اعتقال وإساءة معاملة نشطاء حقوق المرأة البارزين مثل لجين الهذلول”. كما احتجزت سيدة أخرى في 2018 وهي محاضرة جامعية وتعرضت لتعذيب نفسي شديد دفعها لمحاولة الانتحار، بحسب مسؤولين أميركيين.
لن يكون الأخير
صحيفة “نيويورك تايمز” أوضحت في تقريرها أن الوحدة مكلفة بحماية ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان. وأضافت: “ساعد دور عملاء هذه الوحدة في مقتل خاشقجي بتعزيز نتيجة تقرير المخابرات الأميركية حول دور ولي العهد”. ووصفت هذه الوحدة ب”وحدة القتل السعودي”.
وذكرت أن سعود القحطاني أحد كبار مساعدي ابن سلمان الذي عمل مستشارا إعلاميًا للديوان الملكي هو المسؤول عن هذه الوحدة. ونبهت إلى ما ورد في تقرير الاستخبارات الأمريكية عن تصريح للقحطاني مفاده أنه “لم يتخذ قرارات دون موافقة ابن سلمان”.
وفيما ذكر المسؤولون الأمريكيون أن القائد الميداني لقوة التدخل السريع هو ماهر عبد العزيز مطرب. ومطرب ضابط مخابرات كان يسافر غالبًا إلى الخارج مع ولي العهد. لفت المسؤولون إلى العنصر الآخر في الفريق وهو ثار غالب الحربي الذي كان عضوًا في الحرس الملكي السعودي. وبينوا أنه تمت ترقيته في عام 2017 بسبب “أعمال شجاعة خلال هجوم على أحد قصور ابن سلمان”.
ولفتت “نيويورك تايمز إلى أن “وحدة القتل السعودي” بدأت حملتها العنيفة ضد المعارضة في عام 2017. وهو العام الذي أصبح فيه ابن سلمان وليا للعهد. وبحسب التقرير الاستخباري الأمريكي “فإن الرجال الثلاثة (القحطاني ومطرب والحربي) هم جزء من مجموعة مكونة من 21 شخصا”، وشارك هؤلاء في مقتل خاشقجي أو أمروا به أو كانوا متواطئين فيه أو مسؤولين عن مقتله نيابة عن ابن سلمان.
اضف تعليقا