بعد غياب لمدة تصل إلى 9 أشهر عاد الصحفي السعودي جمال خاشقجي للكتابة على موقع “تويتر” لكنه عاد بتغريدة مثيرة للجدل كتب فيها “أعود للكتابة والتغريد، الشكر لمعالي وزير الاعلام لمساعيه الطيبة والشكر والولاء متصلان لسمو ولي العهد لا كُسِر في عهده قلمٌ حر ولا سكت مغرد”.
ويبدو أن عودة “خاشقجي” للكتابة بموافقة حكومية هي بداية لمرحلة تكون فيها الأجهزة الرسمية السعودية أكثر سيطرة على آراء المغردين، بعد تقلُّد نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لمنصب ولاية العهد.
واعتبر كثير من المغردون عودة خاشقجي بهذه الصورة انعكاسا للسيطرة التامة للنظام السعودي على الصحافة ووسائل التواصل ومنع أي صوت يغرد في اتجاه معاكس لما تريده السلطة.
فيما قال عنه آخرون إن هذه الخطوة “ربما تكون خطوة فردية أو بداية لمرحلة انفتاح، تشهد معها عودة العديد من المغردين المعتدلين؛ ما يثري الطرح الإعلامي والحوار المجتمعي في السعودية، التي ستدخل خلال المرحلة المقبلة في إصلاحات اقتصادية مهمة تحتاج إلى دعم شعبي كبير، من أجل تطوير الاقتصاد وتفاعل المجتمع مع التطورات المالية والاجتماعية المقبلة.
وفي الوقت الذي سمح فيه “بن سلمان” للكاتب والمحلل السياسي جمال خاشقجي بالعودة مرة أخرى للكتابة والتدوين على موقع “تويتر” كانت المملكة تستدعي أعدادا من المغردين “لم تفصح عن عددهم” ووجهت لهم تهما زعمت فيها بأنهم “أساؤوا” للنظام العام.
وقالت النيابة العامة في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية إن المغردين “أساؤوا للنظام العام من خلال التأثير على سلامة واعتدال المنهج الفكري للمجتمع بمشاركات ضارة سلكت جادة التطرف”.
وأكدت النيابة أن “من تم استدعاؤهم هم قيد توصيف الاتهام الجنائي وستطبق بحقهم الإجراءات الشرعية والنظامية للمتهمين”.
جاء ذلك بعد ساعات من بيان أصدره النائب العام السعودي الشيخ سعود بن عبدالله المعجب حذر فيه من أن “أي مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع أياً كانت مادتها وذرائعها ووسائل نشرها فإنها ستكون محل مباشرة النيابة العامة وفق نطاقها الولائي وبحسب المقتضى الشرعي والنظامي”.
وبيَّن أن “من ذلك منشورات الوسائل الإعلامية ووسائط التواصل الاجتماعي والمحاضرات والخطب والكتب ونحوها”.
وقال النائب العام إن “ذلك يأتي لما للكلمة من أهمية بالغة تتطلب من صلاحيات النيابة العامة متابعة زوايا خطورتها متى تجاوزت سقف حريتها المشروع والواسع إلى الإفضاء بأفعال ضارة تُهدد بحرف الاعتدال المجتمعي لوجهة التشدد والتطرف”.

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة ‘وول ستريت’ في تقرير لها مطلع يوليو الماضي، أن الحكومة السعودية تقوم بتصعيد الإجراءات القمعية التي تستهدف الناشطين والدعاة ذوي الميول المعارضة؛ إذ استدعى مسؤولون في وزارة الداخلية عدة صحافيين وناشطين ورجال دين، وهددوهم بالسجن في حال لم يتوقفوا عن التعبير عن آرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي. وأشارت الصحيفة إلى اعتماد المسؤولين الذين يعملون مع محمد بن سلمان على شركة ‘هاكينغ تيم’ الإيطالية لنظم التجسس والاختراق ومراقبة المواطنين، مشيرة إلى تصاعد وتيرة الانتقادات العامة بين الناشطين والمدونين السعوديين، ولا سيما إزاء اتهام قطر بدعم الإرهاب.
وأوردت الصحيفة، مثالًا على ذلك، توقف الداعية بدر العامر عن الكتابة في موقع ‘تويتر’ يوم 14 حزيران/يونيو إلى أجل غير مسمى، كما ذكرت أيضًا أن المستشار القانوني السابق في الحكومة السعودية، إبراهيم المديميغ، غادر ‘تويتر’ أيضًا ‘لأسباب صحية’، معربًا عن أمله أن تفرج القيادة السعودية الجديدة عن معتقلي الرأي.
وبيّنت الصحيفة أن أحد مهندسي التصعيد القمعي الأخير في وسائل التواصل الاجتماعي هو سعود القحطاني، وهو مستشار في الديوان الملكي نال لقب وزير عام 2015، وقد كان أحد أهم المروجين لحملة التحريض الممنهجة ضد دولة قطر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت المملكة العربية السعودية ضمن أسوأ 20 دولة في العالم في حرية الصحافة واحتلت المركز 165 من بين 180 دولة شملهم مؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية، لعام 2015 / 2016 وأظهر التصنيف تدهورًا «مُقلقًا وعميقًا» في احترام حرية الإعلام عالميًا وإقليميًا؛ بسبب وقوع المؤسسات الإعلامية تحت ضغوط الحكومات والأيدولوجيات، ومصالح القطاع الخاص “بحسب المنظمة”.