العدسة – ياسين وجدي:

رصد تقدير موقف جديد لخبراء مركز كارنيجي للدراسات ومسائل الأمن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، الأهداف من عقد قمة اسطنبول ، ونتائجها ، وذهب إلى أن الأهداف تنوعت على جداول القادة الأربعة المشاركين في القمة ، ولكن جميع من حضر حقق ما يريد ، وهو ما نسلط الضوء عليه.

اتفاق سوتشي !

كريستينا كوش  الخبيرة في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، ترى في تقدير الموقف الذي وصل “العدسة” أن قمة اسطنبول ركزت على اتفاق سوتشي ، وتحقيق أهداف متوازنة للقادة الأربعة .

كما ترى أن القمة لا تتمحور إلا بصورة هامشية حول التوصّل إلى حل سياسي في سورية مؤكدة أنها المسألة التي لم يحدث بشأنها أي اختراقات جديدة، بل على العكس ركّزت إلى حدّ كبير على فرض بنود اتفاق سوتشي في ما يتعلق بإدلب، إذ أن للأوروبيين مصلحة قوية في تطبيقه، وذلك من أجل الحول دون حدوث موجة جديدة من الهجرة الجماعية للاجئين.

وأضافت أنه خلال كافة مراحل الصراع في سورية، شهدت أوروبا إحباطاً لمصالحها وتهميشاً لنفوذها، ومن خلال الانضمام إلى المناقشات المستمرة بين روسيا وتركيا، أقرّ كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل غير مباشر بالوزن والإنجازات الدبلوماسية الأخيرة للقوى المشاركة في الأستانة، أي روسيا وتركيا وإيران، ومن خلال الالتزام الفعّال بأجندة حدّدها أساساً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سعى الأوروبيون إلى الاحتفاظ ببعض النفوذ.

وأوضحت أن هذا من الناحية السياسية، مؤلم، كما ظهر بوضوح في الصورة التي جمعت بوتين وأردوغان وميركل وماكرون يمسكون أيدي بعضهم، فورقة المساومة الأساسية التي تمتلكها أوروبا لاتزال تتمثّل في قوّتها الاقتصادية، ولكن إذا استعاد نظام الأسد سيطرته الكاملة على سورية، واستمر في رفض الامتثال لشروط الإدماج السياسي التي وضعها الأوروبيون كشرط مسبق لتقديم المساعدات لإعادة الإعمار ورفع العقوبات، ستُدفع أوروبا، التي كانت أساسًا طرفًا ثانوياً، إلى الهامش بالكامل من خلال فقدانها أهم مصدر نفوذ لها.

نفوذ مشترك !

من جانبه يرى ريتشارد يونجز الخبير البارز في برنامج الديمقراطية والنزاعات والحوكمة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن الأهمية الرئيسة لقمة اسطنبول، تمكن من وجهة نظر أوروبية، في أن فرنسا وألمانيا على مايبدو تضعان على رأس أولوياتهما المشاركة الدبلوماسية الثنائية، الأمر الذي قد يقوّض النفوذ المشترك للاتحاد الأوروبي في المستقبل.

وأضاف أن قلّة من صنّاع السياسة في الاتحاد الأوروبي يعتقدون أن التوصّل إلى تسوية سياسية شاملة بالكامل في سورية في المستقبل المنظور أمر واقعي، لكن من المرجّح أن يواصلوا ممارسة الضغوط بشكل غير مباشر إلى حدّ كبير من أجل اعتماد ترتيبات توفّر على الأقل بعض الحماية والحكم الذاتي لما تبقى من المعارضة السورية.

يونجز يرى أنه حتى هذا الطموح البسيط أصبح الآن مستبعداً إلى حدّ كبير، لايبدو أن صنّاع السياسة الأوروبيين مستعدّون للإقرار بأن الباب أمام فرض تأثير إيجابي قد أُغلق بالكامل، بيد أنهم يريدون أيضاً الحفاظ على قدر يسير من النفوذ الدبلوماسي في سورية مع النظام وروسيا.

وأوضح أن هذا يتطالب من الحكومات الأوروبية في نهاية المطاف تقبّل تنازلات بسيطة نسبياً من طرف نظام الأسد وروسيا كشرط مسبق لرفع العقوبات وتقديم المساعدات، وهو موضوع تدور حوله نقاشات داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تختلف بعض الشيء وجهات نظر الدول الأعضاء حول الاستراتيجية الصحيحة التي يجب اعتمادها في هذا الصدد.

أهداف مختلفة !

من جانبه يرى المحلل السياسي المقيم في تركيا  بكر صدقي أن القادة الأربعة الذين حضروا إلى اسطنبول جاءوا وفي جعبتهم أهداف مختلفة: فقد سعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي اقترح عقد القمة، إلى تقوية الجانب التركي في اتفاق سوتشي حول إدلب المتّفق عليه مع روسيا، إضافةً إلى الحصول على الدعم لأي تدخّل تركي محتمل شرقي نهر الفرات ضدّ القوات الكردية السورية.

وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد كان يبحث عن تمويل أوروبي لإعادة إعمار سورية وإعادة اللاجئين إلى وطنهم، أما ألمانيا كانت ولاتزال خائفة من أن تؤدي الاشتباكات الجديدة في إدلب إلى موجة جديدة من اللاجئين الذين يلتمسون اللجوء في أوروبا، فيما حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السعي وراء وهم أن فرنسا تملك رؤيتها الخاصة حول مستقبل سورية، وأن بإمكانها إحداث فرق في أي نتيجة محتملة، وبالتالي لم تقدّم أي جديد، ولم يتمكّن أي من الأطراف المشارِكة القيام بذلك.

وأشار إلى أنه ينبغي علينا التركيز على من غاب عنها لا على من حضر، أي الولايات المتحدة، التي تحتّل أكثر من 20 في المئة من سورية، وبالتالي فمن الصعب التوصّل إلى حل نهائي للصراع السوري المعقّد من دون موافقة واشنطن.